القرض أو الدين ارتبط فى موروثنا الشعبى والدينى بـ أنه" هم بالليل ومذلة بالنهار" غير أن القروض فى حياة المصريين قد اختلفت قيمتها واستخدامها ومصادرها من عهد لعهد ، باختلاف الحكومات المصرية منذ احتلال مصر وحتى استقلالها ثم دخولها فى أزمات اقتصادية ، فى الغالب كانت القروض هى مفتاح الدولة المصرية لتحقيق ماتصبو إليه من تطوير ، وخاصة فى ظل الأزمات الاقتصادية ، حيث سعى كل من تولى المسئولية إلى الاستعانة بها والاستدانة لتنفيذ مشروعاته الطموحة والعملاقة ، بداية من عهد الخديوى إسماعيل وحتى الآن ، مع اختلاف الطريقة وآليات التنفيذ ، ومع تراكمها بات الأمر مقلقا ، لما يمكن أن تتكبده الأجيال القادمة من تبعات ارتفاع الدين وعدم القدرة على السداد .
الخديوى إسماعيل
120 مليون جنيه إجمالى ما اقترضه الخديوى إسماعيل أثناء فترة حكمه لمصر ، بداية من عام 1930 ، حيث اعتمد بشكل كلى على القروض لتطوير البلاد وتنفيذ مشروعاته التنموية ، إلا أنها كانت مبالغ كبيرة فى ذلك الوقت ، وبسبب الحرب العالمية الثانية عام 1939 - 1945 تراكمت الديون ، نظرًا لانخفاض أسعار القطن المصرى فى مواجهة نظيره الأميركى ، بالإضافة إلى أن حالة البذخ وضياع كثير من هذه الأموال على يد أصحاب البنوك والمضاربين من مختلف الجنسيات ممن كانوا يحيطون بالخديوى إسماعيل وقتها .
الملك فاروق خارج الحسبة
وفى عام 1936 عقب وفاة الملك فؤاد وتولى الملك فاروق لمقاليد الحكم استفادت مصر كثيرا من أزمة الحرب العالمية الثانية والتى بدأت عام 1939 وانتهت فى عام 1945 ، حيث تم تدمير اقتصاديات عدد من الدول الأوروبية وبنيتها التحتية واستطاعت مصر الخروج من هذه الحرب وهى دائنة لأكبر امبراطورية فى العالم فى ذلك الوقت ، وهى بريطانيا بمبلغ 400 مليون جنيه استرليني ، كما نجحت مصر فى سداد كامل ديونها الخارجية، وبدأت سياسية الاقتراض المحلى بدلا من اللجوء للخارج، والاستفادة من أثر الرواج من المدخرات الخارجية التى استطاعت تحقيقها خلال الحرب بسبب وجود الجيش البريطانى على أراضيها.
ديون عبد الناصر والسادات ومبارك
وفى عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بلغ إجمالى القروض الخارجية 7 .1 مليار دولار ، حتى وفاته 1970 ، حيث بدأ الاقتراض من الاتحاد السوفيتى لتمويل المشروعات التنموية وبناء الجيش المصرى ولم تسدد مصر غالبيتها حتى اسقطها الاتحاد السوفيتي نفسه ، وفى عهد الرئيس السادات تضاعفت ديون مصر الخارجية ووصل الرقم الإجمالى للدين الخارجى عام 1980 إلى 21 مليار دولار تقريبا، وفى نهاية عهد المخلوع الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى يناير 2011 وصل الدين الخارجى إلى 9 .34 مليار دولار والدين الداخلى 2 .962 مليار جنيه ، كما زاد إجمالى ديون مصر الخارجية فى عهد الرئيس محمد مرسى حتى 30 يونيو 2013 لنحو 43.2 مليار دولار وإجمالى الديون الداخلية إلى 1553 مليار جنيه .
قروض 2016
وبحسب تقرير البنك المركزى عن شهر مارس 2016 فقد ارتفعت ديون مصرالخارجية إلى 53 مليار دولار ، بينما وصل الدين الداخلى إلى 2 تريليون و 496 مليار جنيه ، الأمر الذى دعا الرئيس عبد الفتاح السيسى فى اجتماعه الأخير بالمهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء ، وسحر نصر وزيرة التعاون الدولى إلى التاكيد على أهمية عدم التوقيع على أى قرض جديد لتمويل أى مشروع دون التأكد من القدرة على السداد ، حتى وإن كانت نسبة الدين الخارجى لمصر إلى الناتج المحلى ما تزال منخفضة وفى حدود آمنة ، الأمر الذى اعتبره الخبراء بمثابة جرس إنذار ، جاء فى توقيت شديد الأهمية نظرا لكبر حجم و إجمالى القروض فى المرحلة الراهنة ، وما يمكن أن يشكله من عبء على الاقتصاد المصرى وتتحمله الأجيال القادمة .