أودعت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، حيثيات حكمها الصادر قبل قليل، بقبول دعوى اقامتها الدكتورة رحاب التحيوي وكيلا عن المهندس محمد حسين مصيلحي أحد أعضاء الجمعية العمومية، والتي طالبت بوقف تنفيذ قرار اللجنة العليا لانتخابات نقابة المهندسين بإعلان القوائم النهائية فيما تضمنه من إدراج اسم المرشح أحمد عثمان أحمد عثمان، واستبعاده من قوائم مقعد نقيب المهندسين لانتخابات نقابة المهندسين المقرر عقدها في 4 مارس المقبل.
صدر الحكم برئاسة المستشار فتحي توفيق رئيس المحكمة، وعضوية كلا من المستشار رافت عبد الحميد والمستشار نوح حسين نواب رئيس مجلس الدولة، وسكرتارية محمد عبد النبي.
وتبين للمحكمة ، أن المهندس أحمد عثمان أحمد عثمان - عضو بمجلس النواب المصري ، وتقدم بأوراق ترشحه على مقعد النقيب العام للمهندسين، وتم قبول اوارقه وإدراجه بكشف المرشحين لتلك الانتخابات المقررة في شهر مارس، على مقعد النقيب العام، ولمّا كان ذلك ، وكان من المقرر وفقاً لنص المادة (25) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين أن النقيب العام للمهندسين -( النقيب)- يكون ضمن تشكيل هيئة مكتب مجلس النقابة العامة – والتي تُعقد جلساتها بصفة دورية – للقيام باختصاصاتها التي اتسمت في عمومها بطابع الأعمال التنفيذية اللازمة لتسيير شئون النقابة ، وتنفيذ قرارات مجلسها ، وجمعيتها العمومية ، وذلك على النحو المبين تفصيلاً بنص المادة (40) من لائحة النظام الداخلي لنقابة المهندسين المشار إليها آنفاً ، وهي مهام لا ريب تقتضيها مهام رئاسة النقابة ورئاسة هيئة المكتب تمثل واجبا عليه وعبئاً ثقيلاً ينال من القيام بواجبات عضوية مجلس النواب - وهي واجبات أولي بالرعاية من غيرها لعظم شأنها ومسؤلياتها - ويرهقها بأعباء ليست من طبيعتها .
وأضافت حيثيات الحكم ، أنه لا يجوز للمدعى عليه المهندس أحمد عثمان أحمد عثمان ، والحال كذلك، الترشح على مقعد النقيب العام لنقابة المهندسين، كونه عضواً بمجلس النواب، لتعذر الجمع بين التفرغ اللازم للعمل التنفيذي المنوط برئيس النقابة وهيئة المكتب، والتفرغ المُقرر بحكم الدستور والقانون لعضوية مجلس النواب، فالأصل أن يُكرس عضو مجلس النواب وقته وجهده لأداء مهام العضوية ، وعدم توليه أى عمل ، أو وظيفة تشغله عن الاضطلاع بواجبات ومسئوليات العضوية ، أو تتعارض معها، أو يكون من شأنها أن توفر شبهة التأثير، أو مظنة الاستغلال طوال مدة عضويته .
ورأت المحكمة ، أن القيام بمهام هذه الوظيفة يتطلب التفرغ الكامل لها، لا سيما وأن الدستور الصادر سنة 1971-( الملغى)- كان يعهد إلى المشرع تحديد حالات عدم تفرغ عضو مجلس الشعب لمهام العضوية، وفيما عدا هذه الحالات أوجب الدستور تفرغ العضو لمهام العضوية ، بينما وبالمغايرة لذلك، أوجب الدستور الحالي فى المادة (103) – وفى إفصاح جهير بعبارات واضحة المعنى جلية المقصد لا لبس فيها أو غموض - تفرغ عضو مجلس النواب لمهام العضوية طوال مدتها ، دون أن يعهد إلى المشرع تحديد الحالات التى يستثنى فيها عضو مجلس النواب من التفرغ لمهام العضوية .
ومن ثم فإن التفرغ المقصود في تلك المادة هو التفرغ الكامل، سيما وقد جاء هذا النص بصيغة عامة ومطلقة من أي قيد، ومن ثم يؤخذ على عمومه وإطلاقه، ولا يجوز التحدي بأن هذا المنحى يُعد حرمان للمطعون عليهمن حق الترشح ، وهو حق دستوري مقرر له بصفته مهندساً مقيداً بنقابة المهندسين ، ذلك أنه من المقرر دستورياً أن الحقوق ليست مطلقة ، وإنما يجوز تقييدها بضوابط لاستعمالها تحقيقا لصالح العام ، طالما أن هذه الضوابط لا تصل إلي حد إرهاقها بقيود تؤدي الي مصادرتها ، فضلاً عن ذلك فإن المذكور وهو أحد أعضاء مجلس النواب المصري يعلم مسبقاً بالقواعد الدستورية الحاكمة لمهام والتزامات تلك العضوية ، ومنها التفرغ لها .
وانتهت للمحكمة، إلي أن صدور القرار المطعون فيه بقبول أوراق ترشح المطعون عليه ( المهندس أحمد عثمان أحمد عثمان ) لإنتخابات نقابة المهندسين وإدراجه ضمن الكشوف النهائية للمرشحين على مقعد النقيب العام ، فإنه يكون جاء مُصادماً لإرادة المشرع الدستوري بشأن تفرغ عضو مجلس النواب ، ويكون بالتالي غير قائم على سببه الصحيح ويجب إلغاؤه .