بعد القبض على مدعى العلاج بالكركمين، هناك حاجة لفتح ملف ظاهرة الاستعمال السيئ للدعاية فى تسويق أوهام وأدوية تضر المرضى وتتسبب فى أخطار، وهنا نحن لسنا فى معرض أخطاء طبية، لكننا أمام عمليات قتل يقوم بها نصابون يروجون لأدوية وكيماويات قاتلة.
فقد تم القبض على مدعى العلاج بالكركمين بعد شهور ظل فيها يستقبل المرضى، ويطلب منهم التوقف عن علاج السكر أو الضغط، ويقدم لهم تركيبات من اختراعه، يزعم أنها تعالجهم من الأمراض، ومع الوقت تسوء حالتهم وبعضهم مات بسبب ارتفاع السكر والضغط، وبالرغم من هذا لم يتوقف المدعى عن ترويج خرافاته وخداع المرضى، وظل يواصل ترويج هذا الخطر فى قناته على يوتيوب، أو من خلال صفحات يديرها محترفون يديرون صفحات ينشرون فيها قصصا وهمية عن شفاء حالات مرضية بعد تلقى علاج المدعى.
وهنا نحن أمام جرائم مزدوجة، المتهم الأول فيها المدعى، ومعه القنوات والمواقع التى استضافت المذكور، أو روجت له ولاختراعاته القاتلة، هناك قنوات الخزعبلات والنصب التى تبث من الخارج، وتروج لعلاج بالأعشاب أو منشطات ومقويات أو أدوية وعقاقير للتخسيس والتسمين، ومنتجاتها تباع «أونلاين»، وبعض القنوات تخصص ساعات كثيرة لمن تسميهم أطباء يقدمون أنفسهم أنهم يعالجون أمراضا مستعصية أو مناعية خطيرة مثل السرطان أو الصدفية والبهاق، ويتكرر ظهور هؤلاء الأطباء المزيفين وبينهم من لم يدرس الطب، وتجمع بين الترويج للمنتجات الوهمية، أو للخزعبلات والعلاج بالرقية وفك الأعمال، لتجمع بين النصب الكيميائى والنصب الخزعبلى.
وقد اتسعت هذه الظاهرة، بشكل خطير، وهناك شكاوى تنشر يوميا من أهالى مرضى وقعوا فى فخ القنوات والمواقع، واشتروا أدوية للتخسيس وبعضهم أصيبوا بفشل كلوى، وبعد التحاليل اتضح أن الأدوية ليست فقط أعشابا كما يزعم النصابون، لكنها تحتوى على مواد كيميائية خطرة، لا يجب تناولها من دون استشارة طبية، ولا يمر يوم من دون ظهور ضحايا لهذه العصابات.
هناك قواعد وقرارات مهمة تتعلق بتنظيم الدعاية الطبية أو العلاجية، ومنها قرار الدكتور رئيس الوزراء رقم 302 لسنة 2022 بشأن تشكيل لجنة عليا لمنح ترخيص الإعلان عن أى منتج صحى أو خدمات صحية، وهو القرار المتمم للقانون 206 لسنة 2017 بشأن تنظيم الإعلان عن المنتجات والخدمات الصحية، وتقول نقابة أطباء إنها طالبت بتفعيله، وتترقب سرعة تطبيقه.
ومع اتساع أدوات التواصل والقنوات الخارجية الوهمية، يفترض تطوير آليات التعامل مع هذه المواقع، بشكل يجعل هناك متابعة وتنسيقا بين الجهات المختلفة، لمطاردة هذه المواقع والجهات، التى لا يقل خطرها عن جرائم الابتزاز والتشهير، وربما على نقابتى الأطباء والصيادلة أن تخصصان لجانا مشتركة لمتابعة هذه القنوات والصفحات والإبلاغ عنها، ومطاردتها، وإذا كانت نقابة الأطباء دعمت شكاوى الوسط الطبى والمواطنين ضد مدعى «الكركمين»، هناك حاجة لتوسيع الرقابة من كل الجهات المنوط بها منح التراخيص وحماية حق المرضى والمنظمات المدنية العاملة فى هذه الخدمات، حتى يمكن مواجهة هذه الجهات الوهمية التى تمارس النصب وتبتز المواطنين، مع محاسبة أى قناة فضائية تروج لتجار الوهم الطبى، وللأسف فإن بعض المدعين يحتمون بادعاء انتمائهم لنقابات أو جهات طبية، ويشاركون فى الترويج للأدوية أو طرق العلاج غير المقررة والمرخصة.
مع الأخذ فى الاعتبار أن شيوع قنوات يوتيوب أو مواقع التواصل، وسهولة الظهور عليها، يسهم فى ترويج النصب الافتراضى، وهو ما يتطلب تعديلات تشريعية تحاسب كل من يروج لهذه الخرافات القاتلة على أى من وسائل التواصل.