أكرم القصاص يكتب: صراع استعادة النفوذ وكابوس لا يريده العالم

هى ليست حربا بين روسيا وأوكرانيا فقط، لكنها أكبر مواجهة بين روسيا والغرب بعد انتهاء الحرب الباردة، ضمن إعادة وضع قواعد نظام عالمى لا يزال يتشكل طوال ثلاثة عقود، شهدت تحولات فى القوة والنفوذ السياسى والاقتصادى، روسيا اليوم ليست هى نفسها فى منتصف التسعينيات، والصين تمتلك نفوذا اقتصاديا ظاهرا، بينما تغيرت مصالح أوروبا وتركيبة الاتحاد الأوروبى. انتهى الصراع الأيديولوجى بين شرق وغرب أوروبا، وبقيت المصالح المعلقة وتشابكت بشكل يختلف عما كان قبل ثلاثة عقود فى استعادة لوضع يعود إلى ما قبل الحربين العالميتين. ووسط هذا الوضع ترى روسيا أن وجود الغرب فى فنائها الخلفى أو ضم أوكرانيا لحلف الأطلنطى يضاعف من الاختلال فى العالم، وخلال الأسابيع الماضية كانت التصريحات الصادرة من أوروبا تشجع أوكرانيا على الانضمام، خاصة من بريطانيا والولايات المتحدة، واتخذت روسيا خطوات تصعيدية استبعدت معها أوروبا أن تقدم روسيا على التحرك عسكريا. وحتى عندما قرر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الاعتراف باستقلال جمهوريتى دونيتسك ولوجانسك الواقعتين شرق أوكرانيا، كانت الصورة أكثر وضوحا، لكن أوروبا والولايات المتحدة اكتفت بتصعيد يهدد بعقوبات اقتصادية ولم تصدر أى تهديدات بردود عسكرية، بل إن الجبهة الأوروبية حرصت على تأكيد عدم الدخول عسكريا. ولهذا قال الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى إن «أوكرانيا تركت وحدها فى حماية دولتها، والغرب يتحدث فقط عن دعمها، ولم تخل تصريحات الرئيس الأوكرانى من شعور بخيبة أمل تجاه الغرب ويبدو أنه كان يراهن على أن تشتبك أوروبا أو تصدر تحركات وتهديدات، لكن الواضح أن كل الأطراف تتحاشى أى تصرف يمكن أن يفسر بشكل خاطئ، أو يضاعف من أخطار اندلاع حرب عالمية. الرئيس الأوكرانى اعتبر الرد الأوروبى على روسيا «بطيئا جدا»، وفى نفس الوقت دعا الأوروبيين المتمرسين فى القتال إلى المشاركة فى المعارك بأوكرانيا، وهو هنا يقيس على زمن سابق، ربما يستعيد ما حدث بعد الغزو السوفيتى لأفغانستان، عندما بدأ الرئيس الأمريكى حشد المقاتلين من دول العالم فى حرب استنزاف أنهكت الجيش السوفيتى. لكن تكرار هذه التجربة، لم يعد ممكنا، وتحرص روسيا على إطلاق تأكيدات أن هدفها هو الحفاظ على الأمن القومى الروسى، وقال رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية إن الهدف هو استعادة السلام فى أوكرانيا بسرعة ومنع صراع على نطاق أوسع فى أوروبا. سيرجى لافروف وزير الخارجية الروسى أعلن أنهم مستعدون للحوار عندما يوقف جيش أوكرانيا القتال ولا أحد يخطط لمهاجمة الشعب الأوكرانى. وعندما دعا الرئيس الصينى روسيا للمفاوضات أبلغه الرئيس الروسى بوتين باستعداده للتفاوض مع أوكرانيا وتم إرسال وفد روسى من وزارتى الدفاع والخارجية إلى مينسك لتهدئة الأوضاع. لكن الحديث عن مفاوضات لا يزال لم يراوح مكانه، وهو محاط بشروط للأطراف، روسيا تريد إنهاء أى تقارب من أوكرانيا إلى حلف الناتو، وفى حال قبول الرئيس الأوكرانى فإنه يكون فى موقف من ورط بلاده فى صراع خاسر، وهو نفس ما يمكن أن يجعل الرئيس الروسى مصرا على مطالبه، حيث لا يمكن أن تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل شهرين، ثم إن قبول مطلب الصين للتفاوض من جهة روسيا إشارة إلى أن خرائط النفوذ فى العالم تتغير، لتأخذ شكلا جديدا عما كان قبل ثلاثة عقود، فقد اختلفت المصالح والسياقات، وحتى مواقف الدول الأوروبية نفسها تغيرت، فرنسا تحاول لعب دور تفاوضى، وألمانيا لا تتجاوز التصريحات، وحتى بريطانيا التى أطلق رئيس وزرائها بوريس جونسون تصريحات ساخنة فى مواجهة روسيا لم يتجاوز التصريحات، مع سعى كل الأطراف لتجنب توسيع المواجهة إلى حرب تمثل كابوسا لا أحد يريده.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;