تسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى فى إحداث زلزال كبير فى القارة العجوز التى تراجع دورها بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، لاسيما فى التعاطى مع الأزمات فى سوريا وليبيا والعراق وتحول دور الاتحاد من لعب دور أكبر لحل الأزمات إلى لعب دور المساند والداعم للموقف الأمريكى الذى بات ضعيفا عقب اندلاع ثورات الربيع العربى.
وسيؤدى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى لضعف السياسة الخارجية لدول الاتحاد التى تحاول أن تلعب دورا رئيسيا فى الأزمة السورية التى دخلت عامها الخامس، وذلك عقب التعامل الإيجابى من قبل بعض الدول مع أزمة اللاجئين السوريين لاسيما ألمانيا، فقد بدأت ممثلة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبى فيدريكا موجرينى لقاءات مع قادة المعارضة السورية للدفع نحو لعب دور أكبر من قبل الاتحاد الأوروبى فى حل الأزمة السورية، وذلك فى ظل هيمنة الدب الروسى على مجريات الأحداث وامتلاكه مفاتيح الحل منذ تدخله عسكريا العام الماضى.
ويعد خروج بريطانيا ضربة قاسمة للسياسية الخارجية للندن فى التعامل مع الملف الليبى الذى تسعى للعب الدور الرئيسى عبر دعم حكومة الوفاق الوطنى برئاسة فائز السراج وسحب البساط من تحت أقدام الفرنسيين الذين من المتوقع أن يكون لهم الدور الأبرز فى الاتحاد الأوروبى فى التعامل مع الملف الليبى عوضا عن بريطانيا التى ستنحصر وترتبط سياستها الخارجية بالولايات المتحدة الأمريكية بشكل كبير، حيث تتوافق الرؤى الأمريكية والبريطانية فى رفض التدخل عسكريا فى سوريا، وذلك لعدم تكرار سيناريو تدخلهم فى العراق ما أدى لانهيار البلاد وسقوطها فى مستنقع الطائفية والصراعات السياسية وضعف المؤسسات الأمنية فى البلاد وعلى رأسها الجيش العراقى الذى تم تأسيسه من قبل لندن وواشنطن على أسس طائفية.
ومن المتوقع أن يتراجع الدور البريطانى كثيرا فى الملف الليبى الذى تتصارع عليه دول إيطاليا وفرنسا لأخذ دور أكبر فى التعامل مع الأحداث، فمؤسسات الدولة الليبية تنظر إلى بريطانيا نظر المحتل الذى يرغب فى فرض نفوذه على ليبيا ولعب دور أكبر فى التعاطى مع الأزمات السياسية، وسيكون لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى أثر سلبى فى التعامل مع الملفات الإقليمية فالاضطرابات السياسية فى المملكة مع توقعات بوقوع أزمات اقتصادية فى بريطانيا سيقود أى جهود إقليمية تنوى بريطانيا المشاركة بها خلال الفترة المقبلة.
ويرجح مراقبون تعاظم الدور الألمانى فى الاتحاد الأوروبى بحيث يكون لبرلين دور رئيسى وبارز فى التعامل مع الملف السورى ومحاولة التوصل لحل سياسى للأزمة تتوافق عليه كل الأطراف، لاسيما أن الدول الكبرى تمتلك عدة أوراق على الطاولة يمكنها أن تغير فى المشهد بسوريا وفى مقدمتها ملف اللاجئين والدعم المالى الذى تقدمه ألمانيا للعديد من شخصيات المعارضة السورية.
ومن المقرر أن تركز بريطانيا خلال السنوات المقبلة على تأمين حدودها مع دول القارة العجوز، وذلك خوفا من تسلل أى عناصر متطرفة إلى داخل المملكة، إضافة للتعامل مع ملف المهاجرين من دول القارة الأوروبية إلى داخل البلاد، وإمكانية تطبيقها إجراءات صارمة على الداخلية لأراضيها حفاظا على أراضيها عقب الزلزال القوى الذى ضرب دول الاتحاد الأوروبى بسبب انسحاب بريطانيا من الاتحاد.