سلطة الملوحة.. حكاية أقدم بائع فسيخ بالأقصر.. الحاج عادل عبدالحميد ورث المهنة عن جدوده.. طور عمليات البيع بوجبة قيمتها 15 جنيها.. يشترى سمك الراية من توشكى لتمليحة وتخزينة و"كلب البحر" أجود الأنواع..

طبق الفسيخ أكلة يعشقها أغلب أبناء الشعب المصرى ويتهافتون عليها طوال العام، وتعتبر الوجبة الأقرب لقلوب أبناء الصعيد، حيث تعتبر أكلة الفسيخ موروثةعن القدماء المصريين منذ آلاف السنين، ولا تزال تقدم على المائدة المصرية فى 2022 ويقف الزبائن بالطوابير لشرائها فى كافة أنحاء مصر. والتقى "انفراد" فى جولة أقدم بائع فسيخ فى محافظة الأقصر، فقد ورث المهنة عن أجداده، حيث يقول الحاج عادل عبد الحميد إنه ورث المهنة والمحل منذ عام 1971 ، حيث أسسه جده فى تلك الفترة فى منطقة المنشية بجوار محطة سكك حديد الأقصر، وكان قبلها بسنوات يقوم بصناعة الملوحة وتمليحها بيديه. موضحاً أنه وشقيقه يسيران على خطى الأجداد فى شراء وتصنيع الفسيخ والملوحة بأنواعها من توشكى ، ثم يقومون بكافة الخطوات حتى بيعها للزبون فى المحل الأشهر والأقدم بمحافظة الأقصر، حيث أن تلك المهنة ورثها أبناء الأقصر من القدماء المصريين منذ آلاف السنين، وتعلموا الحرفة بفتح بطن السمك وتفريغه من الأمعاء وغسله أكثر من مرة وحشوه بالملح، وتكبيسه لمدة 3 أو 4 شهور فى الملح ليخرج بالصورة التي يحبها عشاق الفسيخ والملوحة فى الأقصر وحول مصر. ويضيف الحاج عادل عبد الحميد لـ"انفراد"، أن أنواع السمك الأفضل لعمل الفسيخ والتمليح لتقدم للجمهور، هى السمك الراية وكلب البحر لأنهما أجود أنواع الملوحة البلدى، ويعشقها الجمهور فى الأقصر والصعيد، موضحاً أن سمك كلب البحر سمى بذلك الاسم لوجود أسنان قوية لديه ويتم جلبها من مفيض توشكى، حيث يقومون بصيدها بأنفسهم، وكذلك شراء بعض منها من الصيادين لتدخل مرحلة التمليح وتكون جاهزة للجمهور. وأوضح أقدم بائع فسيخ فى الأقصر، أن زبائنه يشترون الفسيخ وأنواعه من السمك جاهزة ويقومون بتنظيفها وإخلائها من الشوك بأنفسهم فى المنزل، وهناك من يريدونها جاهزة ومخلية من المحل، وتخرج أنواع الفسيخ والملوحة للمنازل لتكون جاهزة للتقديم بإضافة بعض الليمون والزيت والبهارات المختلفة حسب ذوق الأسر والعائلات. وعن أكثر مواعيد الإقبال والشراء من الجمهور للفسيخ والملوحة، يقول الحاج عادل عبد الحميد، إن يوم الجمعة يعتبر يوما مميزا لأكل السمك والفسيخ والملوحة، حيث أنه يكون يوم إجازة أسبوعية والأسر والموظفين داخل منازلهم ويحتاجون لتلك الأكلات لتغيير طقوس الأكلات يوم الجمعة أسبوعياً، وكذلك فى المناسبات المختلفة من الأعياد وعيد شم النسيم يكون الموسم الأبرز لشراء الفسيخ والملوحة. أما عن أسعار الأسماك والفسيخ والملوحة فيؤكد أقدم بائع فسيخ فى الأقصر لأكثر من 50 سنة وعائلته، أن أسعار سمك الراية تتراوح بين 80 و140 جنيها حسب الحجم لكل سمكة، وسمك كلب البحر الأقيم والأشهر فالكبير منه يباع بسعر 160 جنيها للكيلو، موضحا أنهم يقومون بعمل أشكال مختلفة من العبوات والعلب لبيع الفسيخ والملوحة بأسعار متفاوتة للجميع، حيث يقومون بعمل عبوات لوجبات سريعة يكون داخلها "مياه ملوحة وطحينة وقطع من الفسيخ والسمك"، حيث يتم فرمها فى بعضها بالخلاط وتخرج بالشكل النهائي بقطع ويبلغ سعرها 20 جنيها وتكفى لأربعة أفراد فى وجبة واحدة، ومنها نوع آخر بدون قطع تكون مخلوطة جيداً بالطحينة ومياه الملوحة وتباع بسعر 15 جنيها عبارة عن ربع كيلو. وفى النهاية، أكد الحاج عادل عبد الحميد على أنه نال ثقة الجمهور منذ سنوات مضت لنظافة المكان والتجهيزات لخدمة الجمهور، حيث يضع الفسيخ والملوحة فى بستلات من الأستانلس لكي تكون محفوظة وغير قابلة للصدأ، وعقب نهاية كل بستلة يتم غسلها لتعود نظيفة كما كانت دون شوائب أو مخلفات، كما أنه تزوره حملات الصحة والتموين بصورة دائمة ومفاجئة ودورية ويجدون أن المحل يحافظة على كافة عوامل النظافة والتطهير ليخرج المنتج مناسب للجمهور ويدخل الزبون ويخرج وهو سعيد بالمعاملة والنظافة والمشهد دون تقزز أو مضايقة من أي مشهد يجعله لا يثق فى المنتج. وفي نفس السياق يقول الطيب غريب مدير بمعابد الكرنك، أن القدماء المصريون أول من قام بعمل الأسماك المملحة والتى تم اكتشافها فى المقابر والاكتشافات الأثرية خلال السنوات الماضية، موضحاً أن الفراعنة احتفلوا بتناول الأسماك المملحة منذ آلاف السنين، حيث كانوا يقومون بتجفيف تلك الأسماك فى الشمس ووضع ملح عليها عن طريق فتحها مثل "الكتاب" ورش الملح بداخلها، وهو أمر عرف عن المصريين القدماء وظهرت صوره فى العديد من بردياتهم. وتعتبر أكلة الفسيخ عادة متوارثة فى التاريخ المصرى، حيث يذكره المفكر والمؤرخ المصرى أحمد أمين الطباخ، فى موسوعته "قاموس العادات والتقاليد والتعبير المصرية" المكتوب فى عام 1953، فيقول عن الفسيخ: "كثيرا ما تجد الفلاح ماش فى الطريق بيده اليسرى فسيخة وبيده اليمنى رغيف، يقطم من هذا قطعة ومن ذلك قطعة، وتحبه النساء كثيرا، ونساء المدن يصلحنه بوضع زيت وخل أو زيت وليمون عليه، وهو يشحن إلى القاهرة فى المراكب، واشتهر فى القاهرة الفسيخ النبراوى، نسبة إلى نبروه، وهى قرية قرب شربين، ومن الفسيخ نوع يوضع فى مش، ويخزن فى بلاص مدة طويلة، وقد اشتهرت به أسيوط وما حولها، ولكن يسمونه الملوحة لا الفسيخ، وهو مؤذ فى الصيف على وجه الخصوص، لأنه يحوج أكله إلى شرب الماء الكثير".


















الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;