رسائل هامة ، وذلة لسان شهدها خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه الرئيس الأمريكي جو بايدن فجر الأربعاء، حيث لم يخل بطبيعة الحال من الحديث عن الحرب الأوكرانية الدائرة منذ أسبوع، والتي بدأتها روسيا بداع "الدفاع عن المدنيين" في إقليم دونباس الواقع شرق أوكرانيا، وهو ما تعتبره كييف وواشنطن والدول الأوروبية بمثابة "غزو".
وفى خطابه، وأثناء حديثه عن الحرب الأوكرانية، وقع بايدن في ذلة لسان شهدت خلطاً بين الشعبين الإيراني والأوكراني، وهو ما دفع نائبته كامالا هاريس بالتدخل همساً في محاولة لاحتواء الموقف، حيث قال الرئيس الأمريكي إن الرئيس الروسي فلادمير بوتين، بإمكانه محاصرة العاصمة الأوكرانية كييف بالدبابات، لكنه أبداً لن يستطيع أن يخطف قلوب "الشعب الإيراني" بدلاً من "الأوكراني".
وتحدث بايدن الذي فرضت بلاده بجانب دولاً أوروبية عدة عقوبات اقتصادية مشددة ضد روسيا، عن تطورات الحرب، قائلاً إن بوتين بات منعزلا عن العالم أكثر من أي وقت سابق، وأن الروبل فقد 33% من قيمته كما أكد أن حرب بوتين على أوكرانيا كانت مخططة مسبقا وغير مبررة لكن الناتو والغرب كانا مستعدين.
واعتبر بايدن أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الذي وصفه بـ"الدكتاتور الروسي"، أساء تقدير ردّ الفعل القوي والموحّد للغرب على عمليته العسكرية في أوكرانيا، وراهن على شق الصف الغربي لكنه أخطأ في حساباته.
وتناول بايدن ارتفاع أسعار الوقود بسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا، وقال: "أعرف أن الأخبار عما يحدث قد تبدو مقلقة للأمريكيين، ولكني أريدكم أن تعلموا أننا سنكون على ما يرام.. سأكون صادقًا معكم، كما وعدت دائمًا أنني سأكون كذلك.. غزو الدكتاتور الروسي لدولة أجنبية سيكون له تكاليف في جميع أنحاء العالم".
وقدمت وسائل إعلام أمريكية عدة قراءات لخطاب الرئيس الأمريكي "حالة الاتحاد"، لما حمله من رسائل هامة في توقيت استثنائي مع اتساع دائرة المعارك الدائرة في الأراضي الأوكرانية، حيث قالت صحيفة نيويورك تايمز إن بايدن واجه تحديا صعبا حيث كان الهدف هذه المرة توحيد الأمريكيين وراء مواجهته مع زعيم روسي كسر أكثر من ثلاثة عقود من السلام بعد الحرب الباردة دون إثارة مخاوف من أن تؤدي عودة صراع القوى العظمى إلى تكلفة غير مقبولة.
ونقلت الصحيفة عن بايدن تعليقه علي تطورات المعارك، وقوله "إن الأمر يستحق دفع ثمن و اقترح أنه يستطيع الحد منه - للحفاظ على الحرية في أوروبا الشرقية، واحتفل بنجاحه في تنظيم الحلفاء الغربيين لفرض عقوبات مؤلمة على الاقتصاد الروسي كعقاب على غزو أوكرانيا وعلى أمل تخفيف قبضة الرئيس فلاديمير بوتين على بلاده.
وجادل بايدن في الخطاب بأن عدوان بوتين قد عزز بالفعل التحالف الأطلسي الذي كان الزعيم الروسي ينوي تقسيمه، وأوضح أنه حتى لو انتصر بوتين على الأرض في أوكرانيا، فإن روسيا ستخرج من هذه الحرب "المتعمدة وغير المبررة" "أضعف وبقية العالم أقوى".
انتقادات
وانتقدت الصحيفة غياب الحلول أو الرؤية لامتلاكها خلال الخطاب، مشيرة إلى أن بايدن ترك ملفات كثيرة دون معالجة ، وأسئلة من الصعب الإجابة عليها، بمقدمتها إلى أين ستذهب أمريكا بعد إقدامها علي فرض العقوبات علي النظام الروسي، وما هي تقديرات واشنطن للنقطة التي سيتوقف عندها بوتين في عملياته العسكرية في أوكرانيا.
وقالت الصحيفة في تقريرها إنه بالتزامن مع رصد الأقمار الصناعية للحشود الروسية في الأراض الأوكرانية، اعترف بايدن صراحة بأنه "غيرم تأكد من النقطة التي سيتراجع فيها بوتين"، لذلك رسم الخط على طول حدود الناتو الموسع ، والخريطة التي يصر بوتين على ضرورة التراجع عنها، وقال بايدن: "لن تذهب قواتنا إلى أوروبا للقتال في أوكرانيا ، ولكن للدفاع عن حلفائنا في الناتو ، في حال قرر بوتين مواصلة التحرك غربًا".
وقالت الصحيفة إن طموحات بوتين التوسعية تسببت في قلق لادارة بايدن حيث ناقش مع مساعدوه مرارًا في الأشهر الأخيرة ما إذا كانت طموحات الزعيم الروسي تتجاوز أوكرانيا، ومن الواضح الآن أن احتواء بوتين يمكن أن يصبح الهدف الرئيسي لبايدن خلال سنواته الثلاثة المتبقية في البيت الأبيض، مع خطورة "التحول الأمريكي إلى آسيا" الذي تأخر كثيرًا والذي نوقش منذ فترة طويلة في دوائر السياسة الخارجية الأمريكية ولكن لم يتم تنفيذه بالكامل.
ولم يخل خطاب بايدن من التطرق للتداعيات الاقتصادية للحرب علي الداخل الأمريكي، حيث قال إن أولويات إدارته هي السيطرة علي الأسعار ، وتابع ساخرا من الشركات الأمريكية: "تتمثل إحدى طرق محاربة التضخم في خفض الأجور وجعل الأمريكيين أكثر فقراً .. لكن اعتقد أن لدي فكرة أفضل لمحاربة ذلك وهي خفض التكاليف وليس الراتب".
وعن تأثير العقوبات علي روسيا، قال إنها بدأت تؤتي ثمارها، وأرغمت الرئيس الروسي علي منع إخراج العملات الأجنبية من روسيا التي تزيد عن 10 آلاف دولار. وتابع : "قبل 6 أيام، سعى فلاديمير بوتين إلى زعزعة أسس العالم الحر، ولكنه أخطأ في تقديره بشكل سيئ.. بوتين الآن معزول عن العالم أكثر من أي وقت مضى، والعالم الحر يحاسبه"، مشيدا بـ"قدرة الولايات المتحدة على التجمع مع الدول المحبة للحرية في العالم"، وقال: "بقينا متحدين، وواجهنا أكاذيب روسيا بالحقيقة".
وأعلن بايدن حظر الطائرات الروسية من الأجواء الأمريكية، وقال: "أعلن الليلة أننا سننضم إلى حلفائنا في إغلاق المجال الجوي الأمريكي أمام جميع الرحلات الجوية الروسية، مما يزيد من عزلة روسيا ويضيف ضغطا إضافيا على اقتصادهم".