من "زينهم السماحى" لـ"ناصر الدسوقى" كيف تغير شكل البطل الشعبى عند المصريين؟.. علم الاجتماع: العشوائية والفوضى غيرت نسيج الحارة المصرية.. "زينهم" جسد بطل الحارة.. و"الدسوقى" يجسد "فتوة العشوائيات"

دائما ما يرتبط المصريون بفكرة البطل الشعبى بداية من الأساطير مروراً بالأبطال الحقيقيين، مثل أحمد عرابى وسعد زغلول، وبدأت الأمور تتصاعد تجاه فكرة البطل الشعبى إلى أن أصبح شخصا يتمتع بصفات خاصة يعيش معنا، وقد عكست الدراما الرمضانية ذلك فى كثير من الأعمال بدأت بمسلسل "ليالى الحلمية" عام 1990، حيث ظهرت شخصية "زينهم السماحى" صاحب المقهى الذى يتمتع بحب من كل سكان الحارة والشهامة والجدعنة، بالإضافة إلى روحه الوطنية التى أصبحت بعدها تيمة وشكل "المعلم" فى هذه الفترة، وتطورت الأيام حتى أصبح البطل الشعبى فى 2016 هو "رفاعى"، أو "ناصر الدسوقى" الذى تفاعل معه المصريون بشكل كبير حتى إنهم أقاموا له عزاء على مواقع سوشيال ميديا وأصبح القدوة والبطل الشعبى لشباب مصر يتكلمون بنفس أسلوبه، ويحلمون أن يكونوا مثله، ذلك على الرغم من أنه تاجر مخدرات، وله أسلوب خاص فى العنف، حتى أن اللوك الخاص به المتمثل فى الذقن والشعر وطريقة اللبس أصبح الاتجاه العام للأزياء لكثير من الشباب.

علم الاجتماع: العشوائية تخللت لنسيج الحارة المصرية ويرى الدكتور مصطفى رجب - أستاذ علم اجتماع، عميد كلية تربية الأسبق بجامعة جنوب الوادى - أن نسيج الحارة المصرية تغير من فترة السبعينيات وحتى الآن، وجنت الحارة المصرية بشأن الانفتاح الذى إدى إلى تقسيم المجتمع إلى طبقات، وأضاف أن الحارة الشعبية قديما كانت تحتوى على جميع المستويات، فكانت تضم المعلم والطبيب والعامل والحرفى، لكن الطبقية التى أصبحت متوحشة الآن أقامت فجوة كبيرة فى المجتمع فأصبح الفقراء متقوقعون على فقرهم والأغنياء منعزلون بغناهم، ومن الطبيعى أن يتعاطف أهل الحارة الآن مع شخصية "ناصر الدسوقى" لأنها تتحدث عنهم وعن معاناتهم، والفجوة الاجتماعية الموجودة فى الحارة المصرية، وإصلاح هذه الفجوة يتطلب إرادة سياسية عليا، لأن الفن أو الرياضة أو أى شىء لن يقدر على إصلاح هذه الفجوة المتوحشة.

الطب النفسى: زينهم بطل "شعبى" والدسوقى يجسد "العشوائيات" وتحدث الدكتور إبراهيم مجدى حسين - استشارى الطب النفسى - عن تغيير شكل البطل الشعبى بالنسبة للمصريين، بعدما كانت شخصية "زينهم السماحى" هى السائدة أصبحت الآن شخصية "رفاعى وناصر الدسوقى" هى عنوان مطمح الشباب، ويرى دكتور إبراهيم أن شخصية "زينهم السماحى" فى مسلسل ليالى الحلمية تتحدث عن البطل الخاص بالمناطق الشعبية، حيث كانت الحارة الشعبية حينها لها قيمها الخاصة التى تتمثل فى صفات زينهم مثل الكرم والشهامة والوطنية وحتى شكل الملابس الخاصة به، وإصابته بطلق نارى بسبب اتجاهه الوطنى، فكان بعدها التكوين الوجدانى للمصريين متفاعلاً مع هذه الشخصية ومتأثراً بها وأخذوا عنها الكثير، لكن ما يحدث الآن هو انعكاس للواقع الذى يجسده "رفاعى أو ناصر الدسوقى" لأنه يجسد المناطق العشوائية والفوضى وليست الشعبية، خاصة أن المناطق العشوائية فى مصر متواجدة بكمية كبيرة جداً وكثير من المناطق الشعبية تحولت إلى العشوائية.

وأضاف الدكتور إبراهيم: "محمد رمضان ابتدى فى تقديم هذا النموذج بالتدريج بداية من عبده موتة وحبيشة وحتى وصل لناصر الدسوقى، وفى كل مرة يزداد تعاطف الناس معه، لأنه يلعب على نقاط الضعف النفسية عند المصريين"، وأشار إلى أن شكل النجم محمد رمضان ساعده كثيراً على أن يكون مقبولاً نفسياً وعاطفياً للناس، خاصة أن ملامحه يمكن أن نراها فى الحداد أو نجار المسلح أو السباك أو عامل البريد الموجودين فى المناطق العشوائية، ومن الطبيعى أن الأشخاص يتعاطفون وينجذبون نفسياً إلى الشخص الذى يشبههم.

وفى الصدد ذاته أكد دكتور إبراهيم أن النموذج العشوائى الذى يقدمه "ناصر الدسوقى" ينعكس العشوائية والفوضى على أسلوب تفكيره، وملابسه، وطريقة استلامه للرسائل فنجده أكثر ميلاً إلى استماع نوع معين من الموسيقى ومتابعة دراما معينة أيضا، وهذا ما يحدث فى حلقات المسلسل.

وأشار د. إبراهيم إلى أن الشخصية العشوائية التى يقدمها "ناصر الدسوقى" عكست الواقع الذى يحتوى نسبة من البطالة والمخدرات، بالإضافة إلى نصرة الحق واللعب على نقطة "الظلم" الذى يتعرض له، وفكرة الوقوف ضد الحكومة التى تستهوى معارضة الحكومة والقوانين لكن دون جدوى ودون أن تحقق أى ربح، مضيفاً أن شخصية "رفاعى أو ناصر" شخصية سيكوباتية مخادعة يكسب تعاطف الآخرين معه من خلال اللعب على نقاط الضعف النفسية لديهم، مثل الظلم وما نتج عنه من محاربة الحكومة والانتقام لأخذ حقه، مما أدى لتعاطف الناس معه لأن المجتمع يحتوى على نماذج عديدة لهذه الشخصية السيكوباتية، لكنهم "مش عارفين يبقوا زيه" وبالتالى أصبح قدوة لهم.

ويرى دكتور إبراهيم أن حالة الإحباط التى تعيشها المناطق العشوائية وضعف الوعى والثقافة والجهل أسباب رئيسية لتعاطفهم مع "رفاعى وناصر"، بالإضافة إلى أن طبيعة المصريين تفضل مشاهدة الشخص المظلوم الذى ينتصر ويقف ضد الحكومة ويحارب الظروف وينتقم.

وأضاف أن هذه الحالة ستترك كثيرا من الآثار مثل تقليد الأطفال والشباب لنفس حلاقة الشعر والذقن، وانتشار الأزياء الخاصة بشخصيات المسلسل، انتشار نفس أسلوب الكلام ونفس أشكال "الخناقات" فى الشارع.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;