شهدت قرية شوبر التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية، حالة من الحزن الممزوج بالفرح بعد وفاة أحمد العمرى موظف بالشئون القانونية بالسكة الحديد، وهو ساجد فى الركعة الأخيرة لصلاة العشاء، وصعود روحه وهو فى موضع السجود بين يدى الله عز وجل، ودهشة المصلين وأهالى القرية، لحسن خاتمته الأمر الذى جعل عددا كبيرا من الأهالى يتساءلون: "ماذا بينه وبين الله عز وجل لكى تصعد روحه لخالقها وهو ساجد فى الصلاة؟".
وخرجت القرية لتشيع جنازته التى شارك فيها الكبار والصغار وأقاربه وزملاؤه من خارج القرية، وتم دفنه فى مقابر عائلته بالقرية.
"انفراد" التقى بأسرة المتوفى وأصدقائه وجيرانه وعدد من المصلين ممن كانوا متواجدين معه وقت وفاته، حيث قال شقيقه الأكبر محمد العمرى "ألف رحمه ونور تنزل على أخويا"، مشيرا إلى أن شقيقه يعمل مدير عام بالسكة الحديد بطنطا، ومشهود له بحسن الخلق بين اقرانه وزملاؤه فى العمل بالسكة الحديد.
وأضاف أن شقيقه توجه لأداء صلاة العشاء فى المسجد، وكان متأخرا ركعة عن المصلين، وانضم للمصلين فى الثلاث ركعات ووقف ليستكمل الركعة التى فاتته، وفى آخر سجده لم يقم منها وفاضت روحه وهو فى وضع السجود.
وأشار إلى أن شقيقه يتمتع بحسن الخلق ويحبه الجميع ويحب الخير ويحبه زملاؤه بالسكة الحديد ولم يسبق له أن يؤذى أحدا من العاملين وحزن الجميع على فراقه لهم.
وأضاف أن شقيقه كان مسامح لزملائه وكان إنسان مسالم وحافظا للقرآن الكريم، وهذا خير وأفضل جزاء له، واختاره الله بأن يقبض روحه وهو ساجد بين يديه، مبينا أن المصلين التفوا حوله فى المسجد تحسبا من أن يكون قد دخل فى غيبوبة افقدته الوعي، واستدعيت نجلى ويعمل طبيب وفحص عمه وأكد بأنه توفى وصعدت روحه لخالقها.
وأكد أن شقيقه محبوب بين الجميع من جيرانه وزملاؤه وقضى 26سنة من عمره فى العمل بالسكة الحديد، مبينا أن شقيقه كان يعانى من ارتفاع ضغط الدم فقط.
وأكد أنهم يشعرون بالحزن على فراقه لكون الفراق صعب، ولكن هذا الشعور ممزوج بالفرحة والسعادة لحسن خاتمته ووفاته بين يدى الله وهو ساجد، والكل يتمنى أن يموت نفس الموتة التى ماتها شقيقي، مؤكدا أن المسجد امتلأ على آخره بالمصلين وافترش المصلين الشارع، وخرجت جنازة مهيبة لتشييع جثمانه لمثواه الأخير بالمقابر.
وأشار إلى أن شقيقه متزوج من محامية ولديه 3 أبناء منهم طبيبة والثانية بكلية العلوم، والثالث بكلية الحاسبات والمعلومات، مؤكدا أن شقيقه كان عبد ربانى وحفظ القرآن الكريم كاملا وعمل على تحفيظ أولاده القرآن الكريم.
وأكد شقيقه الأكبر أن هناك تساؤلات كثيرة بين أهالى القرية عن مدى علاقة شقيقه بالله عز وجل لكى يتوفاه الله وهو ساجدا فى الصلاة.
ويضيف الدكتور أيمن العمري، ابن عم المتوفى، أن أى شخص يتمنى أن يرزق بحسن الخاتمة مثلما كُتب لابن عمه المتوفى وهو ساجد، ويمكن حسن الخاتمة هونت الكثير علينا من آلم الفراق.
وأضاف أن المتوفى كان حسن الخلق ولديه سماحه النفس، وكان يحب الجميع وينبذ الخلافات، قائلا : أن الأسرة حزينة على فراقه ولكن حسن خاتمته اثلجت صدورنا، وكانت جنازته مهيبة وكان محبوب بين الجميع، وكان يقدم صدقات فى الخفاء ولا يتأخر عن القيام بالواجب، وخرجت القرية من صغيرها لكبيرها لتوديعه لمثواه الأخير.
وقال فتحى زرد، إمام وخطيب بالأوقاف سابقا، وأحد الجيران إنهم عهدوا عليه حبه للخير وكان نعم الجار ويتمتع بأخلاق حميدة وكان مواظبا على الصلاة فى أوقاتها بالمسجد دائما، وفراقه أحزن الجميع ولكن وفاته وهو ساجداً أدخلت علينا الفرحة بحب الله له وتوفاه وهو ساجداً بين يديه فى صلاة العشاء.
وأضاف أن هذا يدل على حسن الخاتمة، وأن الإنسان يبعث على ما مات عليه، مشيراً إلى أنه عندما علم بالخبر ذهب مسرعاً للمسجد وشاهد جاره قد فارق الحياة وهو ساجداً بين يدى الله، وحاولوا إسعافه ولكن اكتشفوا بأنه فارق الحياة.
أما إمام المسجد فقال أنه كان يصلى بالناس وعقب انتهاء الصلاة جلس فى القبلة ليختم صلاة العشاء، وفوجئت بالمصلين يقولون "سبحان الله .. سبحان الله" بصوت عالى وخشيت أن أكون قد نسيت ركعة فى الصلاة، وفوجئت بالمتوفى إلى رحمة مولاه ساجدا على الأرض وأسرعت مع المصلين إليه، وحاولنا عمل الإسعافات الأولية له ولكن روحه فاضت إلى خالقها.
وأضاف أن المتوفى كان من السباقين فى المسجد، وكان عادته أداء صلاة المغرب فى المسجد وينتظر لصلاة العشاء وفى هذه الفترة يجلس ويقرأ القرآن، وكان حريص على صلاة الفجر فى الصف الأول بالمسجد، ولسانه كان دائما رطب بذكر الله عز وجل.
أما جمال أبو زينه جاره ومن أقرب أصدقاء المتوفى، فقال أن سيرته طيبه بين الجيران، ويحبه الجميع، و كان مع المتوفى قبل صلاة العشاء مباشرة، حيث نادى عليه المتوفى أثناء توجهه للمسجد، وكان يمازحه بوجه بشوش، وعرض عليه بأن هناك مسابقة لتعيين مهندسين بالسكة الحديد، وطلب منه أن يبلغ معارفه ممن يرغب فى خدمتهم على أن يكون بالتوصيه عليه فى الاختبارات.
وأضاف كنا نضحك حتى باب المسجد، وقلت له :"نكمل كلامنا بعد الصلاة يا حاج أحمد" ودخل المتوفى ليتوضى وتأخر فى ركعة، وانتهينا من الصلاة ووقف ليُكمل ما فاته من الصلاة، وتأخر فى آخر سجدة من الركعة الأخيرة وفوجئنا بأنه توفى وصعدت روحه إلى خالقها.