الحقيقة أولى ضحايا الحروب، وفى الحرب الدائرة على الجبهة الروسية الأوكرانية هناك زحام من الأخبار على مواقع وقنوات ومنصات تواصل، ومع هذا فإن الحقيقة تختلف بين طرفى الصراع، اللذين يتبادلان الاتهامات بالتضليل، وتتدفق الازدواجية ونظريات المؤامرة مع الأخبار والمعلومات، دون أى فواصل، وتختفى الكثير من الشعارات المرفوعة عن الحرية والمعلومات والموضوعية وحرية رأس المال خلف غبار الحرب.
فقد بدأت عمليات حجب ومصادرة مع اتهامات من كل طرف بالمسؤولية والازدواجية والتضليل، حيث تم حجب وسائل الإعلام الروسية من قبل الدول الأوروبية، وردت روسيا بحجب وسائل إعلام أوروبية، حيث منعت أوروبا بث «روسيا اليوم» و«سبوتنيك» الروسيتين وردت روسيا بمنع بى بى سى ودويتشه فيله وغيرها، وانتفض الغرب متهما روسيا بالعدوان على الإعلام وردت روسيا بأن الناتو هم البادئون، والدرس هنا أن الإعلام محارب مزدوج.
مواقع التواصل دخلت على الخط، وأعلن فيسبوك السماح مؤقتا بالدعوة للعنف ضد الروس، وأعلنت روسيا تشكيل لجنة تفتح تحقيقا حول الإجراءات التى اتخذتها شركة «ميتا» المالكة لفيسبوك، وطلب مكتب المدعى العام الروسى من المحكمة اعتبار شركة «ميتا» المالكة لفيسبوك متطرفة وحظر كل أنشطتها فى روسيا.
اتهام شركة ميتا بالانحياز من قبل روسيا أعاد التذكير بقرار فيسبوك إلغاء حساب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عام 2021، بعد اتهامه بالدعوة للعنف، بينما يسمح به ضد روسيا، واتهم الغرب روسيا بنقل مقاتلين إلى أوكرانيا للمشاركة فى الحرب، بعد قرار إرسال جنود وضباط متقاعدين أمريكان وأوروبيين إلى أوكرانيا... والإعلان عن طلب مرتزقة لمواجهة الروس.
نظريات المؤامرة والاتهامات المتبادلة أنتجت ما يحدث حيث ألقى الرئيس الأمريكى جو بايدن، باللوم - فى بيان - على الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وحمله مسؤولية ارتفاع الأسعار، ورد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، بالقول إن ارتفاع اسعار الطاقة بسبب العقوبات المفروضة على روسيا والقرارات الخاطئة التى اتخذتها دول حلف الناتو، واتهمت موسكو الغرب بسرقة أموال مستثمرين ومواطنين روس على خلفية الحرب واعتبرته اعتداء على الملكيات الخاصة بما يخالف قوانين السوق الرأسمالى، هذا فى الوقت الذى فرضت فيه بريطانيا عقوبات جديدة على 386 سياسيا روسيا قالت إنهم دعموا خطة اجتياح أوكرانيا، وأعلن الكرملين أن الغرب كان سيفرض العقوبات ضد روسيا حتى ولو لم نبدأ العملية العسكرية.
نظريات المؤامرة انتقلت إلى الحرب البيولوجية، حيث أعلنت روسيا الأربعاء الماضى، أنها اكتشفت برنامجا للأسلحة البيولوجية فى أوكرانيا. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا فى تصريحات: إن المعامل الأوكرانية القريبة من حدودنا، يتم بها تطوير مكونات الأسلحة البيولوجية هذه البرامج تشمل جراثيم قاتلة مثل الأنثراكس والطاعون. ورفعت روسيا الأمر إلى مجلس الأمن الدولى وطلبت عقد جلسة لمناقشة التقارير بشأن الأسلحة البيولوجية، ورد البيت الأبيض متهما روسيا بالسعى إلى استخدام محتمل للأسلحة البيولوجية، ووصفت صحيفة نيويورك تايمز الاتهامات الروسية بأنها من أكبر حملات التضليل، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكى، فى مؤتمر صحفى: الآن وقد قامت روسيا بهذه الادعاءات الكاذبة، وأيدت الصين على ما يبدو هذه الدعاية، ينبغى أن نكون جميعا على إطلاع بأن روسيا يمكن أن تستخدم الأسلحة البيولوجية أو الكيماوية فى أوكرانيا، وقالت إن أمريكا لا تمتلك هذه الأسلحة، وأوكرانيا ليس لديها برنامج أسلحة بيولوجية، بل إن روسيا هى التى لديها مثل هذه الأسلحة، وفى الوقت نفسه قالت وكالة رويترز إن منظمة الصحة العالمية نصحت أوكرانيا بتدمير مسببات الأمراض الخطيرة الموجودة فى معامل الصحة العامة بالبلاد لمنع أى انتشار محتمل من شأنه أن ينشر الأمراض بين السكان.
لكن هذه الاتهامات أيقظت نظريات المؤامرة، حول منشأ الفيروسات التنفسية التى ظهرت مؤخرا، وسط حرب أسلحتها التضليل والازدواجية، ونظريات المؤامرة.