نقلاً عن اليومى..
يكتسبُ الحوارُ مع اللواء سعد الجمال، رئيس ائتلاف الأغلبية فى البرلمان، ورئيس لجنة من أهم اللجان بداخله أهمية كبيرة، خاصة أنه مع رجل تجاوز عمره الـ70 عامًا، ولا يزال فى موقع المسؤولية، ولم تستطع ثورتان أن ترجعه خطوة للوراء، حيث يتولى رئاسة لجنة الشؤون العربية منذ عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ورغم رفضه تولى الأغلبية فى برلمان 2010، فإنه قبلها فى برلمان 30 يونيو.
«انفراد» التقت اللواء سعد الجمال، رئيس ائتلاف «دعم مصر» المؤقت، ورئيس لجنة «الشؤون العربية»، والذى كشف العديد من الأسرار وتحدث بأريحية تناسب ارتداءه الجلباب، بدلا من «تكتيفة البدلة»، على حد قوله، فى العديد من الأمور، بما يملكه من خبرة برلمانية وسياسية كبيرة، من بينها علاقته بالدكتور فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب الأسبق، ورفضه تولى زعامة الأغلبية فى برلمان 2010، ومتى يتوقف عن العمل العام، وتقييمه لأداء الرئيس عبدالفتاح السيسى والدكتور على عبدالعال وأحمد عز وجمال مبارك وسوزان مبارك، وإلى نص الحوار..
أولًا: هل يختلف ائتلاف «دعم مصر» عن الحزب الوطنى؟
- طبعا هناك خلافٌ جذرىٌ.. أولا: الانتخابات الأخيرة التى أفرزت أعضاء الائتلاف وكل نواب البرلمان انتخابات لم تشهدها مصر من قبل فى النزاهة والرقابة والمتابعة، ونحن لم نجبر نائبًا على الانضمام إلى الائتلاف، بل والأكثر من ذلك أن هناك أحزابًا محترمة لها برامج اشتركت معا أيضا فى الرؤى، وفضلَّتْ أن تعمل فى منظومة تؤكد الاصطفاف الوطنى حول المصلحة العامة (مصلحة الوطن والمواطن)، بينما الحزب الوطنى كان كثير من الانتخابات التى أتى بها نوابه مشوبةً ببعض العيوب، وآخر انتخابات فى 2010 لا يمكن أن يقال عليها انتخابات لعدم وجود إشراف قضائى.
لكنك شاركت فى انتخابات 2010؟
- ترشحت فيها، إلا أننى لم أشارك فى أى تزوير لأننى لا أحتاج إليه، كما كنت غير راضٍ، لأننى اعتدت طوال وجودى فى البرلمان منذ عام 2000 و2005 أن تكون الانتخابات تحت إشراف قضائى.
أنت زعيم ائتلاف الأغلبية الآن، وهو المنصب الذى تولاه فى الحزب الوطنى قبل الثورة أحمد عز وكمال الشاذلى.. من هو النموذج المثالى لزعيم الأغلبية؟
- أحمد عز كانت عليه علامات استفهام كثيرة، وحينما جاءت انتخابات 2010 وعرض علىّ أن أكون ممثلا للأغلبية داخل البرلمان، وبارك لى رئيس المجلس الدكتور فتحى سرور وقال لى: «الجميع راضى أن تقود أغلبية الحزب الوطنى، وهذا الموقع أقوى سياسيا من رئاسة لجنة الشؤون العربية التى تتجه لها»، إلا أننى حينها رفضت ورددت قائلا: «أرجو أن تعفونى من هذا الموقع لأنك لا ترضى لى أن أدافع عن قوانين أقبلها ولا أقبلها».
ولماذا قبلت الآن أن تكون زعيم الأغلبية؟
- لأن ائتلاف «دعم مصر» يختلف عن الحزب الوطنى الذى رفضت أن أكون ممثلًا لأغلبيته، وفضلت أن أكون رئيسًا للجنة الشؤون العربية.
ولكن البعض يتساءل، كيف يصبح رئيسُ أكبر ائتلاف فى 2016 من نواب الوطنى المنحل فى 2010؟
- لا تنسبنى لـ2010 فقط، لأننى أنسب لـ2000 و2005، حيث فزت فى انتخابات 2000 كمستقل ضد الحزب الوطنى، وبعد نجاحى قاموا بضمى دون أن أتقدم بطلب.
الآن تتبرأ من الحزب الوطنى؟
- أنا لا أتبرأ، وما أقوله حدث، وأيضا كل أعضاء الحزب الوطنى ليسوا فاسدين، بل كان منهم الشرفاء، ومنهم من أكد الشعب ثقته فيهم واختارهم مرة أخرى.
فى تقييمك هل 25 يناير ثورة أم لا؟
- كانت انفجارًا شعبيًا ولكنه استغل، والعيب أنه لم يكن له قيادة، ولم تكن هناك خطة ورؤية مستقبلية بعد الانفجار، وهو ما جعل الإخوان ينقضون بعد ذلك على الحكم؟
وهل رجال «الوطنى المنحل» السبب فى نجاح ثورة 30 يونيو؟
- الشعب المصرى بأكمله السبب فى نجاحها، كلنا كنا مشاركين فى إنجاح 30 يونيو، لأن هذا الأمر كان إنقاذًا للوطن من كارثة، حيث كان على شفا حفرة من النار، ورجال الوطنى توافقوا مع أهداف 30 يونيو، لأن ذلك كانت تقتضيه المصلحة الوطنية.
نعود للحديث عن الدكتور فتحى سرور.. ما الفرق بينه وبين على عبدالعال؟
- الدكتور فتحى سرور رجل مكث 20 عامًا يرأس البرلمان، وترأس اتحادات برلمانات العالم، ومنها اتحاد البرلمان الدولى والأفريقى واتحاد البرلمان العربى والأورومتوسطى، وبالتالى امتلك خبرة قوية، سواء كانت قانونية أو برلمانية.
والدكتور على عبدالعال يتقدم يوما بعد يوم فى قيادته للبرلمان واحتوائه للأعضاء، وهو يتحمل أعباء كبيرة، خاصة مع زيادة عدد النواب وأنه لم يسبق له دخول البرلمان، ولكنه يسير بخطى ثابتة، وكلما مضى وقت عليه فى ممارسة وأداء دوره يزداد خبرة.
وهل ترى أن فتحى سرور ظُلم بعد 25 يناير؟
- نعم، أرى أنه كان مظلومًا، والحمد لله القضاء المصرى الشامخ أعلن براءته، هذا إلى جانب أننى كنت أشعر، وأنا قريب منه أثناء ترؤسه البرلمان أنه غير راضٍ من داخله عن كل الأمور التى تحدث، ولكن هذا لم يكن محل خيار، وكانت هناك قرارات سيادية تحكم الجميع، ولم يكن الحال كما هو عليه هذه الأيام.
كيف تُقَّيم السنوات العشر الأخيرة لحكم مبارك؟
- طبعا مبارك فى السنوات الأخيرة من حكمه، كان أداؤه مختلفًا عن أدائه فى الفترة الأولى لقيادته الدولة، حيث تغير تمامًا، وتراجعنا فى المجال الأفريقى، وتراجع وجودنا العربى، ولم يعد لمصر تدخلٌ فى حل المشكلات.
لو عدنا للبرلمان الحالى.. هل تشكيل ائتلاف المصريين الأحرار الذى يجرى حاليًا سيرهق «دعم مصر»؟
- مفيش حاجة هتتعبنا، ولا تكشفنا، لأننا مؤمنون برسالتنا، وليس لدينا أى أجندات إلا مصلحة الوطن والمواطن سواء تشريعيا أو رقابيا.
ولكن «المصريين الأحرار» دائم الهجوم عليكم، ويرفض طريقة إدارتكم للبرلمان، وما يعتبره استحواذًا منكم على كل شىء؟
- ثقافةُ الإساءة إلى الآخر ليست قيمنا، وليست من قيم المجتمع، ولكنها إفرازات بعد الثورة، ووجود ائتلاف دعم مصر بحجمه الحالى كفيلٌ بالرد المفحم على أى دعاوى تُثار ضده.
البعض يتهمكم باحتكار «الوطنية» داخل البرلمان، وإظهار أنكم فقط الذين تدافعون عن الدولة ويظهر هذا من مسمى ائتلاف «دعم مصر»؟
- نحن نعلم أن الجميع لديه ثوابت وطنية، واختيار اسم «دعم مصر» عبارة عن تزيين بالصفة التى يحملها هذا الاسم، و«يعنى هما المصريين الأحرار الوحيدين المصريين وهم الأحرار، كلنا مصريين وكلنا أحرار».
فى آخر لحظة قبل تقديم لائحة الائتلاف تم تعديل بند يسمح للرئيس المؤقت بالترشح لرئاسة الائتلاف هل حدث هذا من أجلك؟
- لم يحدث تغيير فى لائحة الائتلاف، وليس هناك حظر على أن الرئيس الذى تسند إليه رئاسة الائتلاف مؤقتًا لا يترشح.
وهل قررت بشكل رسمى الترشح لرئاسة الائتلاف فى انتخاباته المرتقبة؟
- حينما يأتى موعدها، سأستطلع الرؤية، وسأقرر وفقا للمعطيات التى أمامى، لأننى أولا أعتز بكرامتى، ولا أتقدم لأى شىء، إلا بعد أن أكون على يقين أن المعطيات لصالحى.
وهل هذه المعطيات غير موجودة حاليا؟
- لا.. هناك كثيرٌ منها موجود، وأتمنى أن تكتمل حين نصل لموعد الانتخابات.
ومتى تجرى؟
- فى الغالب ستكون نهاية الدورة البرلمانية الحالية، وتحديدًا فى شهر 9 أو 10.
هناك أقاويل عن وجود تفكك داخل الائتلاف.. فهل يكمل «دعم مصر» مسيرته حتى نهاية عمل البرلمان الحالى؟
- إن شاء الله سيكون مترابطا، ونعلم أن هناك من يثيرون بعض الفتن، ولكن أقول لهم: «الفتنة أشد من القتل بل وأكبر منها».
تتحدث دائما بمثالية عن الائتلاف رغم الانتقادات الموجهة له؟
- قلت إنه بسبب قوة هذا الائتلاف وحجمه الذى يحوز الأكثرية والأغلبية فى البرلمان، سيكون هناك بعض الحاقدين، وثقافة الإساءة الموجودة تبلور ذلك، وهذه الإساءات والادعاءات وليدة الحقد، ونحن نتسامى عن الرد عليها، ومبدأنا ألا نتبادل أى إساءات واتهامات.
هل لـ«دعم مصر» أنياب يستطيع بها أن يواجه أى إساءة توجه له؟
- أى إساءة سنرد عليها، ولكن فى إطار القيم الموضوعة داخل الائتلاف.
فى الفترة الماضية وأنت تتولى منصب زعيم الأغلبية هل تلقيت توجيهات من مسؤول بعدم إثارة قضية معينة أو تبنى موقف بذاته أو تحذيرا من أحد؟
- لم يحدث، والدليل على ذلك بيانى ضد قطر، الذى اتهمتها فيه بأن منهم من يتجسس على الأمن القومى المصرى، ولم أتلق أبدا تحذيرا من أحد.
الكثير يتحدثون عن تدخلات الدولة فى عمل البرلمان وأن الأمن هو من يدير المجلس.. ما تعليقك؟
- مين قال هذا الكلام، الأمن يتولى تأمين الدولة ومقدراتها فقط.
وماذا عن الأمن السياسى؟
- الأمن السياسى والجنائى جناحا الأمن فى هذا الوطن، ومحور حياة الشعوب، وبناء عليه فدعم مؤسسات القوات المسلحة والشرطة أمر مفروض علينا فى هذه المرحلة.
ولكن البعض يرى أن أجهزة الأمن عادت للتغول فى الفترة الأخيرة؟
- أنا عاوز أقول الكمال لله وحده، وإذا كان هناك بعض الأخطاء الفردية، فهى ليست سياسة ممنهجة من جهاز الأمن الداخلى، وبالطبع لا يوجد فى الدنيا هيئة أو وزارة أو مؤسسة بها كمال، والجريمة تعتبر إفرازا اجتماعيًا.
وفى أى مجتمع يوجد الصالح والطالح، ولكن الرهان يكون على السياسة العامة والمنهج العام لهذا الجهاز، كما أن هناك أجهزة رقابية، وحينما يحدث تجاوز من فرد سيقع تحت سيادة القانون، وليس هناك أحد كبير على العقاب، والأمن لا يتستر أبدًا على أحد.
وهل هذا ينطبق على المسؤولين والقيادات فى الجهاز؟
- طبعا، والمحاسبة فى جهاز الشرطة مختلفة عن المدنيين، حيث إن المدنيين يتعرضون لمحاكمة مدنية فقط، ولكن فى الشرطة هناك محاكمة تأدبيبة داخل الجهاز إلى جانب المحاكمات العادية، وبالتالى فالمخطئ يُسأل مرتين فى خطئه.
وما تقييمك لأداء الرئيس السيسى خلال العامين الأولين من حكمه؟
- السيسى موهبة من المولى جل شأنه، وهبنا إياه، وقام بدور المنقذ لهذا الوطن فى مرحلة كانت غاية فى الصعوبة، وتحدى كل شىء، وتحلى بشجاعة الفرسان والوطنية المصرية الصادقة، وكان حريصًا على هذا الوطن، وقريبًا من نفوس الشعب.
كيف تقيّم أيضا أداء حكومة المهندس شريف إسماعيل؟
- الكثير من الوزراء جيدون ويؤدون عملهم، ولابد أن نكون موضوعيين فى الكلام عن الوزراء ولا نحملهم تبعات التحديات، فى ظل الإمكانيات المتاحة والعجز الشديد فى هذه المرحلة.
لو انتقلنا للحديث عن لجنة الشؤون العربية، التى تترأسها، أنت هاجمت دولة قطر بعد بيانها بشأن أحكام قضية التخابر المتهم فيها محمد مرسى؟
- قلت فى بيان سابق: «كيف سمح حكام قطر لأنفسهم أن يتطاولوا على القضاء المصرى الشامخ العريق الذى تضرب سمعته تاريخ أقدم كثيرا من إنشاء دولة قطر ذاتها؟».
والحقيقة التى لا ريب فيها فى قضية التخابر مع قطر التى حكم فيها على مرسى بالسجن المشدد، أن هناك أناسا مصريين تبوأوا فى غفلة من الزمن مناصب رفيعة خانوا العهد والثقة وتحالفوا مع أنظمة فاشلة لا هم لها سوى إهدار أموال ومكتسبات الشعب القطرى على الأبواب الإعلامية الكاذبة التى تعادى مصر وشعبها ومؤسساتها وتجسسوا جميعا على أدق المعلومات السرية التى تمس أمن مصر القومى الذى هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربى، فما الذى يجعل حكام قطر وقناة الجزيرة تتهم بالحصول على تلك المستندات.. أين حمرة الخجل يا أيها الحكام؟.
متى تعتزل العمل السياسى؟
- إذا كان لى نصيب فى الحياة إن شاء الله بعد انتهاء هذا الفصل التشريعى سأكتفى بهذا القدر.
إذا طلبنا منك تقييم عدد من الشخصيات.. ماذا عن سوزان مبارك؟
- كان هناك بعض علامات الاستفهام على دورها مع الرئيس الأسبق حسنى مبارك.
نجيب ساويرس؟
- لدى بعض الملاحظات عليه ولا أود أن أسىء فيها إلى أحد، لأن ثقافتى عدم الإساءة للآخرين.
أحمد عز؟
- أحسب أن موقفه كان محل نظر الجميع، وكنت أختلف مع بعض أفكاره.
جمال مبارك؟
- لم أكن قريبًا منه، ولم أحاول أن أقترب منه، إلا أننى ذات يوم من الأيام، كنا فى المكتب السياسى، وكان هناك رؤية يعرضها بأن يكون الحوار فى الفترة المقبلة على الجوانب الاقتصادية، ولكنى اعترضت وقلت له، إن هناك أمورًا سياسية لا يمكن أبداً إغفالها فى هذه المرحلة.