• الوفد يتهم الحكومة بالضغط على البرلمان للموافقة على "القيمة المضافة" متجاهلة التضخم
• عدم توضيح إجراءات إصلاح المنظومة الضريبية يشكك فى قدرة تحقيق الإيرادات المستهدفة
• الإنفاق على فوائد الدين العام تكلف الخزانة العامة قرابة 244 مليارا
• تخفيض اعتماد حماية البيئة لـ194 مليار جنيه.. والإنفاق على أرض الواقع 3.1 مليار جنيه
• فجوة بين المستهدف والفعلى لقيمة الاستثمارات الحكومة بسبب بيروقراطية وفساد الجهاز الإدارى للدولة
• انخفاض نسبة الإنفاق على الصحة والتعليم يشكك فى صدق نوايا الحكومة والارتقاء بهما
• غياب عدالة التوزيع بعد زيادة رواتب عاملو الجهاز الإدارى ونسبتهم 26% وتخفيض مرتبات العاملين بالإدارة المحلية ونسبتهم 62.5%
• ويتساءل: ماذا ستفعل الحكومة حال إحجام الجهاز المصرفى عن تمويل عجز الموازنة العامة للدولة؟
ينشر"انفراد"، النص الكامل من التقرير التحليلى لبنود الموازنة العامة للدولة، الذى أعده بيت الخبرة البرلمانية لحزب الوفد، وشارك فى كتابته كل من الدكتور ياسر حسان، والدكتور محمد فؤاد، والدكتور يوسف إبراهيم، الذين اعتمدوا فى قراءة مشروع الموازنة العامة على 3 خطوات الأولى عرض خطة الموازنة، والثانية تناول العرض بالتحليل، وأخيرًا توضيح النتيجة الاقتصادية المستخلصة من العرض والتحليل.
ويقدم "انفراد"، قراءة تفصيلية لدراسة حزب الوفد لمشروع الموازنة العامة، التى مثلت تقريرًا مفصلًا لأبواب الموازنة العامة، وعلى أساسه تم اتخاذ الرأى النهائى للحزب وموقفه من موازنة الدولة، ليعلنه فى بيانه المقرر أن يلقيه المستشار بهاء الدين أبو شقة، رئيس الهيئة البرلمانية للوفد، أمس الأحد، فى الجلسة العامة للبرلمان، وهى ضمن 4 جلسات مخصصة لمناقشة الموازنة العامة، وعرض رأى رؤساء الهيئات البرلمانية، ورؤساء اللجان النوعية، والنواب، فى الموازنة.
وتكشف دراسة الوفد، أنه فى الوقت الذى أشارت فيه الموازنة إلى توقع وصول معدل النمو إلى 5.2% بينما متوسط نسبة النمو فى الاقتصاد العالمى هو 3.4% مما يحقق أعلى نسبة نمو، إلا أن الحكومة لم تقدم مبرر لتوقعها هذا، خاصة فى ظل معدل البطالة الذى ارتفع لـ 12.8% ديسمبر 2015، وارتفاع معدل التضخم إلى أكثر من 11.5%، مؤكدًا أن تقدير وصول النمو إلى 5.5% أمر مبالغ فيه من قبل الحكومة.
وأكد التقرير، أن الموازنة جاءت مغايرة لبيان الحكومة، حيث المتوقع أن تتعدى الديون نسبة 97.1% من الناتج المحلى الإجمالى تقريبًا، وأن الايرادات العامة للدولة للدولة ستبلغ 631 مليار جنيه، محققه معدل نموًا عن العام المالى 2015-2016 بنحو 20.2%، الأمر الذى لا يبشر بقدرة الدولة على الوصول لنسبة الدين المنصوص عليها فى البيان والتى تبلغ 95% من الناتج المحلى، مشيرًا إلى أنه فى حين تستورد مصر أكثر من 30% من احتياجاتها البترولية من الخارج، احتسبت الموازنة المصرية الجديدة على أساس سعر برميل النفط بنحو 40 دولارا، مستفيدة الموازنة من تراجع أسعار النفط، ولكن من المتوقع أن يؤدى التحسن الذى طرأ مؤخرًا على أسعار النفط متجاوزة 50 دولارا للبرميل إلى معضلة فى الموازنة، موضحًا أن ارتفاع متوسط خام برنت بواقع دولار واحد فقط يؤدى إلى ارتفاع قيمة دعم الموارد البترولية فى الموازنة الجديدة بنحو 2 مليار جنيه، بما يؤدى إلى مزيد من ارتفاع عجز الموازنة.
وأشار إلى وجود اختلاف فى تقدير الدين العام الخارجى بين بيانات البنك المركزى، ووزارة المالية، وكذلك القيمة الإجمالية للدين العام بينهما، وكذلك النسبة للناتج المحلى الإجمالى، وبالتالى يكون مطلب من وزارة المالية بيان أسباب هذا الاختلاف وتوافر أرقام محددة وواضحة لحجم الدين العام.
وفيما يخص السياسات الضريبية، فيشير التقرير، إلى أنها اعتمدت على قوانين لم تقر حتى الآن وهى قانون القيمة المضافة، وقانون التصالح الضريبى لتسوية النزاعات الضريبية التى تقدر بـ 60 ألف نزاع، وتعديلات قانون المناقصات والمزايدات الحكومية، مؤكدًا أن هذا الأمر يعد افتاتًا على حق مجلس النواب فى الموافقة أو الرفض طبقًا لتقرير مزايا وعيوب القانون المقدم له، بينما أنه من البديهى أنه عند إعداد مشروع الموازنة عدم الاعتماد على أساس قوانين لم يوافق عليها مجلس النواب، كما أن مطالبة الحكومة مجلس النواب بالموافقة على قانون القيمة المضافة وإلا زاد العجز بنسبة 1.1% يمثل ضغط على مجلس النواب لتمرير قانون القيمة المضافة متجاهلًا بذلك الأثر الاقتصادى والاجتماعى لهذا القانون المتمثل فى ارتفع معدل التضخم بنسبة 3.4% نتيجة تطبيق القانون حسب تقارير وزارة المالية، بسبب عدم وجود جمعيات قوية لحماية المستهلك، إضافة إلى انخفاض درجة مرونة الطلب على أنواع متعددة من السلع والخدمات فى مصر.
وأوضح التقرير أن باب الإيرادات يكشف وجود انخفاض فى الإيرادات بين المستهدف والفعلى بنسب وصلت فى 2015-2016 إلى 15.6% من الإيرادات العامة المتوقعة، ويتضح من إيرادات الأعوام المالية المتتالية منذ 2011-2012 وحتى 2015-2016 أن الإيرادات الضريبية هى صاحبة النصيب الأكبر فى الانخفاض على مدار أعوام 2011-2012 و2012-2013 و2013-2014 و2014-2015 و2015-2016، ولم توضح الحكومة أسباب انخفاض الحصيلة الضريبية خلال الأعوام السابقة، ولم تشر إلى الإجراءات التى اتخذتها لإصلاح المنظومة الضريبية مما يشكك فى قدرة الحكومة على تحقيق الإيرادات المستهدفة فى الموازنة العامة 2016-2017، وهو الأمر الذى يعنى مزيد من عجز الموازنة العامة للدولة.
ويوضح باب ترتيب أولويات الإنفاق -حسب رأى التقرير- أن الانفاق على فوائد الدين العام نالت النصيب الأكبر ثم الاستثمارات الحكومية والأجور، فى الوقت الذى انخفض فيه الإنفاق على الدعم والمنح والمزايا الأخرى، مما يعنى أن الدين العام يضغط على الإنفاق الحكومة ويكلف الخزانة العامة نحو 244 مليار جنيه خلال العام المالى الحالى، مقابل 193 مليار جنيه بالعام المالى السابق، وأن هذا الرقم سيرتفع إلى 292 مليار جنيه بموازنة العام المالى الجديد، مشيرًا إلى أن الزيادة فى الانفاق وجهت للخدمات العامة ثم الاسكان والمرافق والنظام العام وشئون السلامة العامة بالنصيب الأكبر، ورغم أهمية تلك البنود فى الحفاظ على الأمن القومى، إلا أن تقرير بيت الخبرة البرلمانية للوفد، يرى أنه من الأفضل أن تكون الزيادة فى الإنفاق على الصحة والتعليم والشئون الاقتصادية، لما لها من أثار مباشرة على زيادة الناتج المحلى الإجمالى.
ولفت إلى أن تخفيض الاعتماد المخصص لحماية البيئة من 2.215 مليار جنيه فى موازنة العام المالى 2015-2016 إلى 194 مليار جنيه فى موازنة العام الحالى، فى حين أن ما يتم صرفه على أرض الواقع طبقًا لتصريح الدكتورة فاطمة حسن، رئيس جهاز تنظيم وإدارة المخلفات فى 14 يونيو 2016 مبلغ 3.1 مليار جنيه، مما يعنى وجود فجوة أكثر من مليار جنيه وهو ما يتعارض مع الاتجاه العالمى فى تطبيق آليات الاقتصاد المستدام والجهود المبذولة عالميًا للحفاظ على البيئة، كما أنه شاب الموازنة زيادة فى حجم الانفاق الحكومى، حيث تعاظم بند الأجور وبلغ 228 مليار مقارنة بـ 80 مليار فى عام 2011، وبلغ بند السلع والخدمات 19 مليارًا و776 مليون جنيه منها مليار و416 مليون جنيه للوقود وزيوت وقوى محركة للتشغيل، أما بند الوقود وزيوت سيارات الركوب فمخصص له 159 مليون جنيه، أما الأدوات الكتابية فمخصص لها 374 مليون جنيه، وغيرهم من البنود، ومما سبق يتضح أن الحكومة لم تلتزم بإعادة ترتيب أولويات الإنفاق لصالح القاعدة العريضة للمواطنين وهو أحد أهم الأولويات التى أعلنت عنها الحكومة فى بيانها وفى مشروع الموازنة العامة الحالية.
وتساءل أنه فى حالة قبول مشروع الموازنة العامة، فما هى الضمانات التى ستقدمها الحكومة للبرلمان للالتزام بنسبة العجز المدرجة فى مشروع الموازنة العامة، فى مقابل أن يمنح الوفد شيكًا على بياض للحكومة للدخول فى أكبر عملية اقتراض فى تاريخ مصر.
وأكد التقرير وجود فجوة دائمة بين المستهدف والفعلى لقيمة الاستثمارات الحكومة فى جميع السنوات المالية السابقة، فيما أن الحكومة تؤكد أنها تستهدف 107 مليارات جنيه منهم 64 مليار جنيه ممولة من الخزانة العامة والباقى فى صورة منح وقروض وتمويل ذاتى من الأجهزة الإدارية نفسها، مشيرًا إلى أنه فى الوقت الذى أكدت فيه الحكومة أن تلك الموازنة انخفضت فيها المنح والجزء الأعظم من القروض لتمويل العجز، يبقى التمويل الذاتى هو الملاذ، مشددًا على عدم وجود إجراءات كفيلة تضمن الحصول على التمويل الذاتى وتوجيه الاستثمارات الحكومية، فى ظل ما يتسم به الجهاز الإدارى للدولة من بيروقراطية ومظاهر للفساد.
وفى باب الإنفاق على التعليم والصحة، يشير التقرير إلى أن إذا كان الدستور المصرى ينص على انفاق بنسبة لا تقل عن 3% للصحة وألا تقل عن نسبة 4% للتعليم وأن يتصاعد الانفاق تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وطبقًا للمقارنة بين الانفاق على الصحة والتعليم فى الموازنتين التقديريتين 2015-2016 و2016-2017 فإنه يتضح أن الإنفاق على الصحة انخفض بنسبة 0.08% من الناتج المحلى الإجمالى، بينما انخفضت نسبة الانفاق على التعليم بنسبة 0.3% من الناتج المحلى الإجمالى، وذلك رغم زيادة قيمة الانفاق، إلا أن انخفاض النسبة يشكك المواطنين فى صدق نوايا الحكومة فى الارتقاء بالتعليم والصحة.
أما باب الأجور وتعويضات العاملين، أكد التقرير عدم وجود عدالة فى توزيع الدخل، حيث يحصل 26% من العاملين فى الدولة 40.25% من قيمة فاتورة الأجور، وهم العاملون فى الجهاز الإدارى للدولة، بينما يحصل 62.5% من العاملين على 47% من الأجور وهم العاملين فى الإدارة المحلية، فى حيم يحصل العاملين فى الهيئات الخدمية على 12.46% من قيمة الأجور، كما توضح الزيادة فى قيمة الأجور أن العاملين فى الجهاز الإدارى نال ما يقرب من 60% من الزيادة فى الأجور والمرتبات بقيمة 6 مليار جنيه، فى الوقت الذى انخفضت فيه نسبة ما يحصل عليه العاملين فى الإدارة المحلية من 48.59% فى موازنة 2015-2016 إلى 47.28% فى الموازنة الحالية، وبالتالى يتضح أن الحكومة قامت بتخفيض مرتبات العاملين فى الإدارة المحلية الذى يمثل حوالى 62.5% من العاملين فى الدولة فى حين قامت بزيادة مرتبات العاملين فى الجهاز الإدارى بقيمة أعلى الأمر الذى يؤكد عدم وجود سيطرة على تفاقم الأجور فى الجهاز الإدارى وعدم عدالة توزيع الأجور وتعويضات العاملين.
وفى باب المصروفات الأخرى، المتعلقة بالاعتمادات المخصصة للدفاع والأمن القومى، واعتمادات الجهاز ذات السطر الواحد مثل القضاء والمحكمة الدستورية ومجلس النواب والجهاز المركزى للمحاسبات، يتضح زيادة المصروفات الأخرى الموجهة للجهاز الإدارى بقيمة 4.05 مليار جنيه فى الوقت الذى انخفضت فيه المصروفات الأخرى للهيئات والخدمات، ولم توضح الحكومة أسباب تلك الزيادة، وذلك بعد تخصيص 58.1 مليار جنيه لتلك المؤسسات فى الموازنة الحالية بزيادة قدرها 3.03 مليار جنيه عن موازنة العام السابق.
وأخيرًا مصادر تمويل العجز الكلى، توضح الدراسة، أن بيان الحكومة أكد أن مصادر تمويل عجز الموازنة العامة للدولة من خلال مصدرين الأول هو الاقتراض وإصدار الأوراق المالية المحلية بإجمالى 575.828 مليار جنيه، والثانى الاقتراض وإصدار الأوراق المالية الأجنبية بقيمة 100 مليون جنيه، مشيرًا إلى أن أحدث تقرير للبنك المركزى أكد أن إجمالى ودائع الجهاز المصرفى فى مارس 2016 بلغ 2.006 تريليون جنيه، وأن نسبة القروض للودائع تبلغ 45% وفى حالة سعى الحكومة لإصدار سندات وأذون خزانة بقيمة 575.828 مليار جنيه وهو رقم يمثل 28.66% من إجمالى ودائع الجهاز المصرفى، ومع اتجاه البنك المركزى لرفع سعرى عائد الإيداع والاقتراض فى يونيو 2016 ليكون 11.75% و12.75% على التوالى وهى سياسة انكماشية ستحد من قدرة القطاع الخاص على الاستثمار، مؤكدًا أنه مع مراعاة الملاءة المالية للبنوك طبقًا لمقررات بازل، سيكون تمويل عجز الموازنة العامة للدولة ذات تأثير سلبى على قدرة الجهاز المصرفى لتمويل باقى المشروعات والاستثمارات الخاصة، وبالتالى نصبح أمام واقع أن الجهاز المصرفى يقوم بتوجيه الودائع لخدمة عجز الموازنة العامة للدولة.
وتابع: "وهنا يطرح السؤال نفسه على الحكومة، ماذا ستفعل الحكومة لدفع الاستثمارات؟ وماذا ستفعل فى حالة احجام الجهاز المصرفى عن تمويل عجز الموازنة العامة للدولة؟".
واختتمت الدراسة أنه إذا كانت خطة الموازنة المقدمة تقر بأن إجمالى الدين العام يبلغ 2.772 تريليون جنيه، لكنها أملت اضافة الدين الخارجى بقيمتها الحقيقية والذى يبلغ 53.1 مليار دولار بما يقدر بحوالى 468 مليار جنيه، وبإضافة عجز الموازنة المتوقع وأقساط الدين والبالغ مجموعهما حوالى 575 مليار جنيه، يصبح إجمالى العجز المتوقع فى نهاية هذه الموازنة حوالى 3815 مليار جنيه بما يعادل حوالى 123% من اجمالى الناتج المحلى، وهى نسبة مرتفعة تفرض علينا أن نكون متحفظين على إقرار هذه الموازنة.