"عايزين نشرب ميه.. العيشة بقت مرة" بهذه العبارة القصيرة الأقرب إلى الهتاف يمكن تلخيص مأساة عدد كبير من قرى محافظة البحيرة مع استمرار انقطاع مياه الشرب عنهم لعدة أشهر متواصلة دون أى جديد على أرض الواقع، وعلى الرغم من قيام الأهالى بتنظيم عدة فعاليات احتجاجية وصلت إلى قطع الطرق الرئيسية للمطالبة بتوفير مياه الشرب لهم، إلا أن الأمور مازالت على حالها.
"انفراد" حاول الاقتراب من المشهد أكثر لرصد معاناة الأهالى بعد اجتياح ثورة العطش لحياتهم.
البداية مع الشحات لبيب أحد أهالى قرية حسين عمرو التابعة لمركز دمنهور الذى قال "إن انقطاع المياه بصورة مستمرة عن القرية لشهور عديدة حول حياتنا إلى جحيم خاصة مع ارتفاع درجة حرارة الجو بصورة غير مسبوقة خلال الفترة الأخيرة، مضيفا أن عددا من الأهالى قاموا بتقديم شكاوى عديدة للمسئولين، كما قاموا بقطع الطرق للفت نظر القيادات التنفيذية لكن دون جدوى حتى الآن.
وأوضح لبيب أنه إذا لم تتدخل الدولة فى حل هذه المشكلة بشكل سريع فلا يمكن توقع ردود أفعال الأهالى المحرومين من شربة ماء.
فيما أكد سلامة عطية عبد السلام أحد أهالى قرية المحامدة على ضرورة محاسبة المسئولين بمحافظة البحيرة عن تقصيرهم فى توفير كوب مياه نظيفة، وهو أبسط الحقوق الآدمية للمواطنين، مضيفا أنه بعد قيام الأهالى بقطع الطرق منذ أسبوعين قامت شركة مياه الشرب بالبحيرة بتركيب عدد من المواسير بشوارع القرية دون أن تضخ فيها المياه، لدرجة أن باقى المواسير الجديدة ملقاة على الطريق كل هذا لامتصاص غضب الأهالى، ومنعهم من القيام بمظاهرات ضد الشركة.
وأشار عبد السلام إلى قيام الأهالى بمنع سيارات المياه المتنقلة التابعة للوحدة المحلية من دخول القرية، وذلك احتجاجا على الحلول المسكنة لمشكلة مياه الشرب، خاصة بعد حدوث اشتباكات عنيفة بين الأهالى على المياه التى لا تكفى.
وأوضح إبراهيم عبد الله من أهالى قرية أنطون التابعة لمركز المحمودية أن أهالى القرية نفد صبرهم من وعود المسئولين لحل المشكلة، وأعيتهم الحيل من أجل توفير مياه الشرب منذ أكثر من 6 أشهر، مضيفا أن اعتماد الأهالى الأساسى لتوفير المياه على الطلمبات الحبشية، التى تصيبهم بالأمراض الخطيرة كما يلجأ الكثير منهم للذهاب إلى القرى المجاورة لأخذ احتياجاتهم من المياه النظيفة إلى جانب شراء المياه المعدنية والتى تكلفهم نفقات باهظة.
فيما أكد شعبان الحصرى مدرس أحد أهالى محلة داوود التابعة لمركز الرحمانية معاناة الأهالى ونفاد صبرهم من انقطاع المياه عنهم بهذا الشكل المميت، مضيفا أن منظر تزاحم المواطنين على سيارة المياه المتنقلة لتلبية احتياجاتهم تم استخدامه للإساءة لسمعة مصر وتصوير البلاد وكأنها قادمة على مجاعة.
وطالب الحصرى الرئيس عبد الفتاح السيسي بإقالة جميع المسئولين عن هذا الملف لفشلهم فى حل هذه المشكلة، رغم مرور عدة أشهر عليها، وذلك لخطورتها على الأمن القومى.
من جانبه أكد المهندس محمد الديب مدير محطات مياه الشرب بالبحيرة على تكثيف الجهود المبذولة لحل أزمات مياه الشرب بالقرى المحرومة فى أقرب وقت، مضيفا أنه جار تركيب مواسير بطول 1300 متر لضخ مياه الشرب الى قريتى المحامدة وحسين عمرو الواقعتين فى نهاية خطوط شبكة المياه، خاصة بعد رفض القرى المجاورة لهما التنازل عن قدر من حصتهم لصالح القرى التى تعانى من نقص المياه.
وكذلك تنفيذ محطتى مياه نقالى بطاقة إجمالية 4 آلاف متر مكعب بتكلفة إجمالية 6 مليون جنيه، وذلك للقضاء على ضعف وانقطاع المياه بأطراف قرى مركز ومدينة أبو حمص.
وأوضح مدير محطات المياه بالبحيرة أنه يتم الدفع بسيارات مياه متنقلة إلى القرى المحرومة للمساعدة فى تلبية احتياجاتهم، لافتا إلى حل هذه المشكلة بصورة جذرية فور الانتهاء من المشروعات الجديدة لمحطات مياه الشرب وأهمها محطة المحمودية التى تبلغ طاقتها 700 لتر فى الثانية، والتى سيتم افتتاحها خلال الشهور المقبلة.
وأشار مدير محطات المياه بالبحيرة إلى أنه تم ضخ كميات كبيرة من المياه بمنطقة سنهور بعد توصيل ماسورة قطر 8 "بوصة" لمسافة كيلو و200 متر من الخط الرئيسى، وكذلك تم مد خط خاص للجزء الشمالى بقرية سنهور بمركز دمنهور الذى كان يعانى من عدم وصول المياه له، نظراً لارتفاع المنطقة عن باقى أجزاء القرى، وتم الدفع برافع للمياه عند مدخل الماسورة الرئيسية لقرية سيدى غازى بكفر الدوار مع غلق بعض المحابس الفرعية لإنهاء مشكلة الجزء الشمالى من القرية، الذى كان يعانى من الانقطاع الدورى نظراً لارتفاع المنطقة عن الجزء الجنوبى.
وفى هذا السياق شنت هيئة الرقابة الإدارية بالبحيرة حملة رقابية مفاجئة على عدد من محطات مياه الشرب للوقوف على مدى جاهزيتها لتلبية احتياجات المواطنين، وذلك لمواجهة أزمة نقص مياه الشرب التى اجتاحت عدد من القرى والمراكز بالمحافظة خلال الفترة الأخيرة.
وكشفت الحملة عن عدة مخالفات صارخة تؤثر على إنتاجية تلك المحطات منها تشغيل المحطات بأكثر من طاقتها لتلبية احتياجات الأهالى ما يؤثر على جودة المياه وصلاحيتها للاستهلاك وسوء حالة مرشحات المياه ووجود الشوائب العالقة بصورة لافتة، والنقص الشديد فى عدد العمال داخل المحطات، وكذلك سوء تخزين الرمال المستخدمة فى تنقية المياه وعدم وجود خطوط كهرباء بديلة أو مولدات ديزل لتشغيل المحطات أثناء انقطاع الكهرباء.
كما كشفت الحملة عن سوء حالة بعض محطات المياه مثل محطة دنشال، وتعطل أكثر من 50% من ماكيناتها المستخدمة فى التشغيل، بالإضافة إلى النقص الشديد للمعدات والخامات ما يؤثر على عملها.
يذكر أن الآلاف من قرى مركز الرحمانية ودمنهور والمحمودية وكفر الدوار قاموا بتنظيم عدة فعاليات احتجاجية لنقص مياه الشرب لعدة أشهر متواصلة، وكذلك قام عدد منهم بقطع الطرق الرئيسية ومنها طريق دسوق - دمنهور الذى يربط محافظتى البحيرة وكفر الشيخ.
كما قام أهالى مركز المحمودية بالاعتصام أمام ديوان عام محافظة البحيرة بمدينة دمنهور لمطالبة المسئولين بتوفير مياه الشرب لهم.