أكدت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، أنه لا يجوز حرمان طلاب الثانوية العامة والأزهرية من أداء الامتحانات بسبب حبسهم احتياطيا على ذمة القضايا، وأنه لا يجوز للإدارات التعليمية فى الثانوية أو الأزهرية فصل الطلاب لمجرد حبسهم احتياطيا، وأنه يتعين على إدارة السجن تشجيع المسجونين أو المحبوسين احتياطيا على الاطلاع والتعليم، وأن تيسر لهم الاستذكار وتسمح لهم بتأدية الامتحانات.
وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين صالح كشك ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة، بوقف تنفيذ قرار الأزهر فيما تضمنه من فصل أحد الطلاب بالثانوية الأزهرية بالبحيرة بمعهد بنين شبراخيت لحبسه احتياطيا فى المؤسسة العقابية للأحداث بالمرج بسبب مشاجرة على ذمة إحدى القضايا وما يترتب على ذلك من أثار أخصها إلزام الداخلية بتمكينه من أداء الامتحانات.
قالت المحكمة إن الحبس الاحتياطى بمثابة القوة القاهرة، التى تحول بين الطالب وانتظامه فى الدراسة مما لا يجوز معه فصله بسبب الغياب، وأن المشرع أوجب على إدارة السجن تشجيع المسجونين على الاطلاع والتعليم، وأن تيسر لهم الاستذكار وتسمح لهم بتأدية الامتحانات، ولم يفرض المشرع ذلك عبثا، وإنما أراد به المصلحة العامة للمجتمع بمحاولة تأهيل هؤلاء المسجونين وتهذيبهم من خلال النهوض بمستواهم الثقافى والتعليمى، حتى يتولوا حولا عن الجريمة وشرورها فلا يعودون إلى الإثم، وإنما يستنفدون جهدهم وطاقتهم فى السعى إلى ما يعود عليهم بالنفع وعلى مجتمعهم بالخير، ومن هنا كان حتما مقضيا على إدارة السجن أن تنهض إلى بهذا الواجب الذى هو جزء من رسالتها – حسبما تتجه إليه السياسات الحديثة فى مكافحة الجريمة – بإصلاح المسجون وتهذيبه قبل عقابه وإيلامه.
وأضافت المحكمة أن حق التعليم للمسجونين، أو المعتقلين من باب أولى، من الحقوق التى كلفتها التشريعات المنظمة للسجون وهو ما حرصت على إيراده، على سبيل المثال، المادة (31) من القانون رقم 396 لسنة 1956 فى شأن تنظيم السجون بعد تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1973، وإنه يتعين تمكينهم من تأدية الامتحانات فى ضوء ما تستلزمه بحكم الضرورة الدراسات التى يلتحق بها المسجون والتى تتفق مع تخصصه العلمى، وبهذا وحده يكون تأهيل المسجون لحياة تتيح له الاندماج فى مجتمعه وأهله وعشيرته، والقول بغير ذلك فيه إهدار صريح للغاية التى يهدف إليها المشرع وحرص على إيرادها من النص على وجوب تشجيع المسجونين بالاستزادة من التعليم والاهتمام به وباعتبار أن الضرورات تقدر بقدرها وأن تغليب المصالح لا يكون إلا بالقدر الذى يحقق المصلحة بدفع الضرر، ودون توسع تأباه صراحة النصوص، بل يتنافى مع أصل فكرة العقاب.
وذكرت المحكمة أن المجتمع الدولى – ومصر جزء من نسيجه – قد استقر عن طريق مؤتمر الأمم المتحدة لمنع الجريمة ومعاملة المسجونين، الذى اعتمد قواعد أقرها المجلس الاقتصادى والاجتماعى بقراريه المؤرخين فى يوليه 1957 ومايو 1977، وقد حرص على أن يضمن القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء بالمادة (77) ما مفاده أن تتخذ إجراءات لمواصلة تعليم جميع السجناء القادرين على الاستفادة منه، فإذا كان ذلك، فإنه لا يكون مقبولاً التراخى فى تنفيذه، بما لا يتعارض مع اعتبارات الأمن، فجهاز الشرطة هو مبعث الطمأنينة ومصدر الأمان الذى يشعر به كل مواطن على أرض مصر، الأمر الذى يجيز صدقاً وحقاً لهذه المحكمة أن ترتب عليه الآثار القانونية التى تتفق واقعاً وتتحقق قانوناً مع هذا الاعتبار.
واختتمت المحكمة أن الطالب محبوس احتياطيا على ذمة إحدى القضايا بسبب مشاجرة فى المؤسسة العقابية للأحداث بالمرج بما لا يجوز للأزهر فصله بسبب الغياب، مما يتعين معه وقف تنفيذ قرار الأزهر بفصله بل وتمكينه من أداء الامتحانات بمعرفة الشرطة رغم حبسه احتياطيا.