بعد أن توصلت إسرائيل وتركيا إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما مساء أمس الأحد، لإنهاء محادثات مطولة وسط سنوات من التوتر فى أعقاب حادث أسطول "مرمرة" الذى قتلت فيه القوات الإسرائيلية عدد من الأتراك كانوا على متن أسطول المساعدات إلى قطاع غزة، ظهرت حالة من الانقسام بالداخل الإسرائيلى تجاه هذا الاتفاق.
ففى الوقت الذى أكد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو، اليوم الاثنين، أن اتفاق تطبيع العلاقات مع تركيا سيكون له أثر إيجابى على اقتصاد إسرائيل، أعرب رئيس المعارضة الإسرائيلية يتسحاق هيرتسوج، عن معارضته لتوقيع الاتفاق، موضحا أنه لا يستوعب كيفية موافقة إسرائيل على الذين اعتدوا على جنود الجيش الإسرائيلى خاصة أن نتانياهو ووزير الدفاع أفيجادور ليبرمان ورئيس حزب "البيت اليهودى" نفتالى بينت هم الموقعون على الاتفاق.
وقال نتانياهو عقب اجتماعه مع وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى فى العاصمة الإيطالية روما، "إن الاتفاق الذى أعلنه مسئولون إسرائيليون وأتراك أمس الأحد يمثل خطوة مهمة، كما أن له آثار هائلة على الاقتصاد الإسرائيلى وأنا استخدم تلك الكلمة عن قصد"
ترحيب المقربون من نتانياهو
وفى الوقت نفسه، أثار مسئولون إسرائيليون احتمالات اتفاقات مثمرة بشأن الغاز فى البحر المتوسط، بعد اتمام المصالحة مع تركيا.
ومن بين المرحبين بالاتفاق الوزراء المقربون من نتانياهو، حيث أعرب وزير الطاقة الإسرائيلى يوفال شتاينيتس، فى تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلى نقلتها صحيفة هاآرتس الإسرائيلية، عن تأييده لصرف تعويضات لتركيا ضمن اتفاق إعادة تطبيع العلاقات معها، مشيرا إلى أن البرلمان التركى سيصادق فى المقابل على مشروع قانون لمنع تقديم دعاوى جنائية ضد جنود وضباط من الجيش الإسرائيلى بسبب أحداث السفينة "مرمرة".
فيما رأى الوزير الإسرائيلى يوآف جالانت، أن للاتفاق أهمية أمنية واقتصادية من الدرجة الأولى لإسرائيل، قائلا: "إن الاتفاق سيؤدى إلى عزل إيران وإتاحة المجال أمام عقد تحالفات إقليمية"، مؤكدا أن حقول الغاز التى اكتشفت فى شواطئ إسرائيل كانت ورقة مساومة محورية خلال المفاوضات.
رفض المعارضة وأعضاء بالليكود للاتفاق
وقال رئيس المعارضة الإسرائيلية على موقع التواصل الاجتماعى "الفيس بوك": "إن القلب ينفطر ألما على مسمع صرخات عائلات المفقودين فى غزة لإعادة أبنائهم إليهم دون أن يثير ذلك مشاعر أعضاء مجلس وزراء إسرائيل"
فيما دعا وزير الأمن الداخلى الإسرائيلى وأحد أقطاب حزب "الليكود" جدعون ساعر، رئيس الوزراء الإسرائيلى إلى عدم توقيع الاتفاق مع تركيا واصفا اياه بـ"السيئ".
وأوضح ساعر فى حديث مع الإذاعة العامة الإسرائيلية، إن الاتفاق يشكل إذلالا لإسرائيل لأنه ينص على دفع تعويضات لأفراد عائلات نشطاء مسلحين غادروا تركيا وهم مزودون بأسلحة نارية وبيضاء من أجل الاعتداء على جنود جيش إسرائيل.
ولفت ساعر إلى أنه كان يتوجب على إسرائيل استغلال الأزمة التى يعانيها الرئيس التركى رجي طيب أردوغان خاصة فى علاقاته مع روسيا والولايات المتحدة والأكراد فى تركيا.
ومن المقرر أن يتم الإعلان رسميا على الاتفاق بعد ظهر اليوم الاثنين، حيث سيصدر الإعلان الرسمى عن تفاصيل الاتفاق عن الطرفين الإسرائيلى والتركى فى وقت واحد حيث سيعقد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الذى يزور روما حاليا مؤتمرا صحفيا الساعة الثانية عشرة فيما يعقد رئيس الوزراء التركى بن على يلدريم مؤتمرا صحفيا بأنقرة فى الساعة نفسها.
واعتبر مصدر حكومى فى أنقرة الاتفاق نصرا دبلوماسيا لتركيا على الرغم من رفض إسرائيل رفع الحصار الأمنى المفروض على قطاع غزة .
وأوضح المسئول التركى، أن تركيا ستنقل إلى غزة مساعدات إنسانية ومعدات غير عسكرية، مشيرا إلى أن، بلاده ستعمل على تطوير البنية التحتية فى القطاع وإقامة مستشفى وتشييد مبان سكنية وحل أزمتى نقص المياه وانقطاع الكهرباء .
تعويضات بـ 21 مليون دولار
وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية، إلى أن إسرائيل ستدفع إلى تركيا تعويضات بقيمة 21 مليون دولار عن أحداث "مرمرة"، حيث أوضح مسئول كبير فى تل أبيب أنه سيتم تحويل هذه الأموال فقط بعد أن يصادق البرلمان فى أنقرة على مشروع قانون ينص على التزام تركيا بإلغاء جميع الدعاوى التى قدمت ضد جنود الجيش الإسرائيلى بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
بينما لفتت النائبة العربية بالكنيسة حنين الزعبى، إلى أن الاتفاق تم دون أى تنسيق مع الفلسطينيين، ورأت أن موافقة إسرائيل على دفع تعويضات للأتراك يعنى اعترافا منها بمسئوليتها عن أحداث "مرمرة".