لو أن النظام بمؤسساته أقسم لى على كتاب الله، ما صدقت أن جماعة الاخوان وصلوا إلى هذه الدرجة من الدونية، والبرجماتية، ولو أن وسائل الإعلام مجتمعة خصصت جل وقتها للتوعية بطبيعة وسلوكيات وأهداف عناصر وقادة هذه الجماعة ما صدقت انهم وصلوا لهذا القدر من الخبث والمكر والتخطيط.
لكن مسلسل الاختيار خاصة النسخة الثالثة منه، والمعروضة حاليا في شهر رمضان، ليست فقط أقنعتنى، ولكنها أدهشتنى جدا، ولا أخفيكم سرا إذا قلت كلما شاهدت حلقة سرح خيالى في الماضى، وحمدت الله آلاف المرات.
ما أود قوله هو أن مسلسل الاختيار في نسخته الثالثة، وعبر المنطق والموضوعية، ومخاطبة العقل لا العواطف، كشف لى وجموع المصريين عن حقائق لم نكن نعيها منها مثلا:
• سذاجة الإخوان وعدم جاهزيتهم للحكم:
تبين لنا بما لا يدع مجالا للشك، أن الإخوان جماعة لا تصلح لإدارة دولة، أي دولة في الحقيقة، ذلك أنهم لا يقدرون، إلا على إدارة تنظيم تحت الأرض، قد تصلح جماعة دعوية تساعد الناس، لكن مساعدتها للناس لا يمكن أن يزيد تأثيرها عن حب الناس لعناصر هذه الجماعة، وليس أكثر فلا يمكن مثلا أن ينجحوا إذا سعوا من خلال الخدمات إلى شراء أكثر من القلوب، وبالتالي تصبح مسألة توليهم حكم دولة بحجم مصر من المستحيلات.
كان على عناصر وقادة الإخوان، أن يدركوا أن للدولة رجال، ولهؤلاء الرجال مواصفات، فمواصفات رجل الدولة لا تنطبق على أي منهم، وقد أكد ذلك وزير خارجية قطر سابقا حين قال أنه فوجئ بمستوى متدنى لممثلى الجماعة عند لقائهم بالأمريكان في الدوحة في بداية حكم محمد مرسى.
العقلية التأمرية للإخوان:
العقلية الإخوانية متآمرة بالفطرة، وأثبت ذلك مسلسل الاختيار ليس من خلال مشاهد موجهة، ولكن من خلال مشاهد منطقية، وأبدع المخرج والمؤلف حين استخدم مشاهد حقيقية التقطت في غفلة من قادة العصابة، تؤكد تأمرهم للسيطرة على مصر وليس حكمها.
الإخوان كما رسخ اليوم في يقينى، لا يعرفون وطن ولا يعشقون تراب الوطن، بل يسعون ويخططون للحكم حتى إذا تمكنوا ودانت لهم الأرض بما رحبت بدأوا في ممارسة القهر والعنف والتخلص من الجميع حتى أنصارهم السلفيين والجماعة الإسلامية والجهاد، فلا يتسع المجال لأحد معهم.
• العقلية الإخوانية انتقامية:
أثبت الاختيار 3 عدم تسامح عناصر الإخوان، ومن ثم تعارضهم مع تعاليم الإسلام الذى يتشدقون به ويطوعوه لمصالحهم الدنيئة، وظهر هذا جليا في التسريبات التي تضمنها المسلسل لعناصر الجماعة وهم يخططون لإحراج المؤسسة العسكرية، والشرطة المدنية، والأجهزة المعلوماتية من مخابرات عامة ومخابرات حربية وأمن وطنى وخلافه
فهذه الأجهزة عملت طويلا على تحجيم الإخوان، ومن على شاكلتهم من جماعات سعت لتخريب الوطن، وفرض أجنداتها الممولة خارجيا بطبيعة الحال، وعندنا اعتقد الإخوان أنهم سيطروا على مقدرات الأمور قرروا تصفية الحسابات، من ضباط كرسوا حياتهم لحماية مصر، على حساب حياتهم الخاصة وأسرهم، وكان على الإخوان أن يعتبروا ما كان لصالح للوطن، لكنهم لا يعترفون بالوطن، فوطنهم هو عقيدتهم الفاسدة، وولائهم الأخير لحسن البنا، وسيد قطب، ورموز الإرهاب في العالم.
• العقلية الإخوانية متناقضة:
المسلسل في حلقاته كشف وأتوقع أن يكشف مستقبلا، مدى خضوع الإخوان للقوى الغربية وموالاتهم لأمريكا، عكس ما يظهرون، فأمريكا التى كانت يوما الشيطان الأعظم في مفرداتهم، أصبحت حليفة يشترون ولائها بكافة السبل، بل لا ننسى حين هلل قادة الإخوان في اعتصام رابعة العدوية مرددين بأن الأسطول الأمريكي تحرك لضرب مصر، ما كل هذا العار؟
على أي حال لا غرابة في ذلك وقد عمل سيدهم حسن البنا ومن تبعه لخدمة المخابرات البريطانية، وغيرها من مخابرات القوى الكبرى المؤثرة أو حتى القوى الصغرى الغنية.
وعلاقة الإخوان بالقوى الخارجية قد لا يتناولها المسلسل كاملة تنفذا لأوامر الدبلوماسية، وتماشيا مع المصالح العليا للبلاد، ففي مصر رجال يؤمنون بأن ليس كل ما يعرف يقال، وما قد يقال غدا لا يقال اليوم، والعكس صحيح.
•الأجهزة المعلوماتية المصرية قوية جدا:
أبهرتنى قدرة الأجهزة الأمنية المعلوماتية، وشعرت بالفخر والطمأنينة بشكل غير مسبوق، لماذا؟
هل لفت نظركم المشاهد الحقيقية للمرشد وقادة الجماعة وهم في مكاتبهم المغلقة؟ أنا لفت نظرى ذلك لأنى أعرف مدى حرص الجماعة على السرية وسبق أن أجريت مع مهدى عاكف مرشد الجماعة قبل 25 يناير حوارا أدهشنى وقتها مدى السرية والحرص داخل مفر الجماعة بالمنيل، واعتقدت أن أي جهاز لا يمكن أن يخترق حصونهم لكن وجدتهم عراة في مسلسل الاختيار، ويبدو أن الدولة أرادت إرسال رسالة مزدوجة من خلال هذه التسريبات الحية، رسالة إلى المصريين مفادها: اطمئنوا فنحن نسيطر على الأوضاع ونرصد المتآمرين والخونة، ورسالة للمارقين مفادها: نرصد تحركاتكم ولستم بعيدون عن قبضتنا فعودا إلى صوابكم.
• السيسى رجل وطنى وصادق:
أجاب المسلسل في حلقاته الأولى من نسخته الثالثة على كثير من التساؤلات، وأقر بما لا يدع مجال للشك أن الرئيس عبد الفتاح السيسى خلوق ومعطاء ونقى وشفاف ولا يسعى للسلطة، وعلينا أن نصدق كل ذلك لماذا؟
لأن الأطراف التي تعامل معها السيسى على قيد الحياة، وجاء المسلسل ليقول لهؤلاء، ألم يحدث ذلك؟.
كما كشف المسلسل عن ثبات الرئيس على مبدأ المصارحة والمكاشفة، وهذه الميزة كانت سببا في العبور من الأزمات، لم يتغير السيسى أبدا، فعندما شارك في حكومة هشام قنديل طلب من الحكومة المصارحة والمكاشفة، وعندما تولى المسئولية، تبنى المصارحة والمكاشفة، كان ولا زال الرجل واعيا بما هو مناسب لإدارة وطن كاد يموت، لولا حكمة السيسى، وقدرته على تخطي العقبات، وفى ذلك كلام كثير لا يتسع المجال لذكره.
• مرسى ينفذ تعليمات مكتب الإرشاد:
مرسى لم يحكم، بل كان ينفذ تعليمات مكتب الإرشاد، مقولة كنت أتشكك في صدقها من قبل، لكن مسلسل الاختيار 3 أثبتها بالدليل والبرهان والمنطق، فمرسى لم يكن رئيسا للمصريين، ولكن كان رئيسا شرفيا لجماعة الإخوان، فهل مصر بمكانتها وحجمها تقبل رئيسا بهذا الهوان، والضعف والدونية؟!