فريق "الطوارئ" بداية الغيث.. و"حمزة الخطيب" مؤسسة لرعاية أطفال سوريا الأيتام .. و"وطن" نافذة التعليم المجانى
تركوا ديارهم مُرغمين، طرقوا أبواب البلدان المجاورة علَّها تكون ملاذًا آمنًا لهم، فى البداية ظنوا أن اغترابهم عن موطنهم الأصل لن يدوم طويلًا ولكنهم وجدوا أنفسهم يجوبون دولة تلو الأخرى بعضهم فضل دخولها بشكل رسمى والبعض الآخر ترك نفسه لقوارب محملة بالمئات من أقرانه تقله حيثما تشاء، هذا هو حال اللاجئين السوريين فى كثير من دول العالم من بينها مصر التى تعتبر واحدة من الدول المُوقعة على اتفاقية جنيف عام 1954 لحماية اللاجئين، حيث يوجد على أرضها ما يقرب من 350 ألف سورى من بينهم 140 ألفا فقط مسجلين بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين وذلك لحين إعادة توطينهم فى دول المهجر.
ومن المفترض أن تقوم المفوضية بتوفير الخدمات الطبية والتعليمية للاجئين السوريين المسجلين لديها، خاصةً فى ظل التسهيلات التى تقدمها الحكومة المصرية لهم، حيث تسمح الأخيرة للأطفال والشباب الالتحاق بالمدارس والجامعات دون أى عناء، إضافة إلى تغطية المفوضية لاحتياجاتهم من الغذاء فى حدود 200 جنيه شهريًا للفرد.
ولكن على الرغم من التسهيلات السابقة، إلا أنها لم تغط احتياجات اللاجئين كافة فى ظل أعدادهم المتزايدة لذا قرر عدد منهم تشكيل ما يعرف بـ"المجتمع الخدمى" للسوريين فى مصر والذى يضم مجموعة من المؤسسات والائتلافات والفرق التابعة لمكتب الائتلاف السورى ومعنية بتقديم الدعم القانونى والتعليمى إلى جانب الرعاية الطبية والمساعدات المالية، وذلك لتعويض النقص فى الخدمات وفقًا لما ذكره عادل الحلوانى رئيس الائتلاف والذى أضاف أن الائتلاف يعمل بالتعاون مع الخارجية المصرية وعلى تواصل مع الحكومة والأمن المصرى وهدفه فى المقام الأول "حماية السوريين" الذين يقعون ضحية لعصابات الاتجار بالبشر ويتم تهريبهم بشكل غير شرعى والحفاظ على وحدة الشعب السورى من خلال تلك المؤسسات بعيدًا عن المهاترات والنزاعات.
معرفة نوعية المؤسسات التى تعمل تحت مظلة المجتمع الخدمى السورى على الأراضى المصرية، تطلب تسليط الضوء على 6 فرق ومؤسسات منها، وذلك للتعرف على برامج الدعم والرعاية التى يقدمونها كبديل عن خدمات المفوضية.
أكاديمية نجوم سوريا.. هنا يتربى الناشئين
الرياضة واحدة من الأنشطة التى قرر أنس أبو جواد التركيز عليها، بهدف الترويح على الأطفال اللاجئين وملء وقت فراغهم وفى نفس الوقت تنمية مهاراتهم فى احتراف كرة القدم والوصول إلى الأندية العالمية، لذا قرر أبو جواد الاستعانة بما يقرب من 110 أطفال تتراوح أعمارهم من ست سنوات حتى 15 سنة لتدريبهم على كرة القدم فى ملعب "الحصرى" بمنطقة السادس من أكتوبر.
"فى البداية فكرت فى إدراج ألعاب أخرى، مثل السباحة وكرة السلة ولكنى تراجعت عن الفكرة وقررت فى التركيز على رياضة واحدة فقط، حتى وصل الأولاد الآن إلى مرحلة الاحتراف وعندما يأتى أحدهم ويسألنى ماذا بعد مرحلة التدريب أقول له تدرب بقدر استطاعتك حتى إذا قرر أحد الاستعانة بك تكون جاهزًا، هكذا لخص أبو جواد مؤسس أكاديمية نجوم سوريا الرياضية رسالته، مشيرًا إلى أنه قرر تسمية الأكاديمية بهذا الاسم ليرتبط اسم سوريا دائمًا فى ذهن الأطفال، خاصة الذين ولدوا وتربوا هنا فى مصر بعد اندلاع الحرب هناك.
وأضاف أبو جواد لاعب كرة القدم فى سوريا "الدعم المادى الذى تستند عليه الأكاديمية للتمكن من مواصلة عملها قائم على الجهود الذاتية، وأجور رمزية من قبل أهالى الأطفال أنفسهم لتوفير إيجار الملعب والمواصلات والمساعدين"، ويتمنى مؤسس الأكاديمية الموافقة على إشهارها بشكل رسمى وتحويلها إلى نادى تابع لوزارة الشباب والرياضة، مضيفا "ما أفكر فيه الآن هو أن تتبنى وزارة الشباب مشروعى، خاصةً وأنها الآن غير قاصرة على السوريين فقط بل لدينا أطفال عراقيون ومصريون وليبيون أيضًا، ويكفى أن الأطفال السوريين محرومين من وطنهم فلا نرحمهم أيضًا من حلمهم.
محمد طلحة ذو الخمسة عشر عامًا هو أحد الملتحقين بالأكاديمية جاء إلى مصر هو وأشقاؤه الثلاثة بعد فقدان الأب فى الحرب السورية، لكن طلحة لم يتخلَ عن حلمه فى لعب كرة القدم التى يحبها منذ صغره لذا استمر فى ممارستها داخل الأكاديمية، قائلا "كنت ألعب كرة قدم فى سوريا قبل تدهور أوضاعها وعندما جئت لمصر وسمعت عن الأكاديمية قررت الاشتراك فيها، وبالفعل لعبنا عدة مباريات مع فرق مختلفة وكل ما أحلم به هو الاحتراف والوصول إلى العالمية" .
انتيكا.. فرقة فنية بنكهة سورية
فى أكتوبر من العام الماضى، قررت مجموعة من الشباب السوريين تشكيل فرقة فنية باسم "انتيكا" لتكون هى الأولى من نوعها فى مصر لتوصيل القضايا المجتمعية والإنسانية السورية والعربية بشكل فنى مُبسط، وتهدف الفرقة وفقًا لما يذكره ناصر الداية مؤسسها لتقديم عروض تمثيلية، غنائية وشعرية وذلك بهدف إحياء فن المسرح من جديد وتسليط الضوء على بعض القضايا وتنمية المواهب الشبابية المخفية وأخيرًا تغيير نظرة المجتمع لواقع حياة أفضل وتقديم الدعم النفسى الكافى لمواجهة الحاضر.
"منذ بداية تأسيس الفرقة يتم تنظيم ورش إعداد ممثلين شهريا، مدتها 6 أيام يتم خلالها تدريب أعضاء الفرقة وزيادة مهارتهم الفنية، إلى جانب تدريب أعضاء الفرقة على تكنيك المسرح التفاعلى لتنمية جميع المواهب حتى فى مجال الغناء السورى القديم والحديث ومهارات العزف على عدد من الآلات الموسيقية مثل العود والجيتار وغناء الراب الحديث"، هكذا فسر الداية آلية عمل الفرقة وكيفية تدريب أعضائها الذين يصل عددهم إلى 15 موهبة تمثيلية وغنائية وفنية تشكيلية، مضيفًا أن حلم جميع أعضاء الفرقة أن ينقلوا للعالم أجمع رسالة فنية واضحة تعبر وتقول "إن الفنان هو إنسان حساس يمتلك كمًا من الإنسانية يستطيع من خلالها تجسيد جميع الحالات".
ومن أبرز أعمال الفرقة، مسرحية روح الوحدة، مراية وطن ضائع، شريحة حياة جذور امرأة، أنا لست لاجئ ورماد، بالإضافة إلى أعمال أخرى عن عدة قضايا من بينها العنف ضد المرأة ونظيره الأسرى والتعليمى وعروض فلكلورية سورية يقول الداية "الفرقة تبحث دائمًا عن النجاح والتفوق وتنمية المواهب، وبالرغم من قلة الإمكانيات والدعم المالى إلا أننا استطعنا أن نصنع كل شىء من لا شىء ونؤمن أنه يقع على عاتقنا مسؤولية كبيرة فإن لم يكن الممثل إنسانا فى الدرجة الأولى سيكون أداة بيد من يريد تشويه الأفكار والسيطرة على عقول الأطفال والشباب من خلال عالم المسرح الواسع أو شاشة التليفزيون لذلك يجب على الفنان ألا يكون جاهلا أو مدعيا، ويحلم أعضاء فرقة انتيكا، بالحصول على ترخيص رسمى لمشروعهم حتى يتمكنوا من التواصل مع مختلف المنظمات داخليا وخارجيا لتنمية مواهبهم ومساعدتهم فى تقديم عروضهم على نطاق واسع.
فريق الطوارئ.. بداية الغيث:
قرروا أن يحمل فريقهم اسم الطوارئ للتعبير عن مستوى الحالات التى يقدمون لها الدعم، فهذا الفريق السورى الذى تم تشكيله فى نهاية 2014 جاء ليعكس حصيلة تجارب فردية لمجموعة من الأشخاص اختاروا أن يتخصصوا فى تقديم الدعم الطبى والمالى للحالات الحرجة لمساعدتهم على تجاوز أزماتهم قدر المستطاع.
قال ياسر الحلاق مؤسس الفريق إنهم استطاعوا منذ تاريخ تأسيس الفريق لتقديم الدعم لأكثر من حالة صعبة وإيجاد حلول لها فى المجال الطبى فيما يتعلق بإجراء العمليات الجراحية، وكذلك المجال التعليمى، خاصةً وأن المفوضية لا تقدر على دفع نفقات ورعاية الحالات كافة.
وعن دعم الفريق، أضاف الحلاق "الفريق غير قادر على تأمين السيولة المادية الكافية لأنه مازال فريقا تطوعيا يعمل بمجهود أفراده ولا يقوم بعمل مؤسسى متكامل وبالتالى لا يحظى بدعم جهة معنية أو رصيد بنكى ومازلنا نعمل على التشبيك بين المانح والمتلقى حتى نجحنا فى حل 50 % من المشكلات التى تواجهنا، وعن الحملات التى أطلقها الفريق حملة "سوريا الأمل" والتى استهدفت تعليم الأطفال بشكل مجانى وتنمية مهاراتهم الحياتية والمهرجانات المختلفة .
الفريق الذى يتخذ من منطقة السادس من أكتوبر مقرا له يأمل أعضاؤه فى التوسع والانتشار فى مختلف المحافظات والمناطق التى يتمركز فيها السوريون، وبالفعل بدأوا بمحافظة الإسكندرية العام الماضى ومناطق العبور والعاشر من رمضان، إلى جانب حلمهم بإشهار فريقهم وتحويله إلى مؤسسة تعمل بشكل رسمى من خلال الحصول على التراخيص التى بدأوا فى استخراجها بالفعل.
"فرحة" فريق لإدخال البهجة على السوريين:
مجموعة دورات تلقوها من قبل الهيئات الإغاثية العاملة بالملف السورى فى مصر، كانت نافذتهم لتأسيس فريق خاص بهم هدفه هو إدخال البهجة والفرحة فى نفوس السوريين، هذا هو الدور الذى يقوم به فريق فرحة سوريا كما يقول مؤسسه شاهر رجوب.
الفريق الذى تم تشكيله فى الأول من فبراير عام 2014 يضم مجموعة من الشباب المتطوعين ويقدم خدمات ترفيهية وثقافية للتغلب على المشاكل النفسية التى تواجه اللاجئين هنا مثل تنظيم حفلات تكريم أمهات الشهداء والمعتقلين، والأمسيات الرمضانية التى تركز على العادات والتقاليد السورية إلى الرحلات الترفيهية للأطفال، وهذا كله بخلاف المساعدات الأخرى المتعلقة بالحالات المرضية والممثلة فى إجراء عمليات جراحية مجانية.
قال رجوب "الفريق يضم 20 متطوعا فقط لا تزيد أعمارهم عن 27 عامًا، حاولنا من خلال أنشطتنا تعريف الأطفال بالمعالم السياحية المصرية فى إطار البرامج الترفيهية التى يتم تنظيمها إلى جانب اهتمامنا بتقديم الدعم النفسى الكامل لهم بعد التواصل مع منظمات الطفولة المعنية بذلك ولا يقتصر الأمر على الأطفال فحسب ولكننا أيضا نتعامل مع الحالات التى تعرضت للاستغلال أو العنف الجنسى ونقوم بتحويلهم للمختصين ومؤخرًا نجحنا فى إجراء 100 عملية ولادة قيصرية بدون مقابل، مضيفا "عملنا فى أساسه قائم على تلقى المساعدات ومنحها للمستحقين وجميع أنشطتنا تقام بالتعاون مع مؤسسات كبيرة مرخصة ونسعى لإشهار أنفسنا بشكل رسمى خلال الفترة المقبلة".
رانيا الحموى أم لثلاثة بنات، جاءت إلى مصر برفقة زوجها منذ أربعة سنوات وبعدها لحقت بهم والدتها وأشقاؤها، لم يكن ضيق ذات يدها عقبة أو مانع لها فى التواصل مع أقرانها السوريين فى مصر، لذا فكرت فى اللجوء لفريق "فرحة" فور تعرضها لأحد المواقف الصعبة وهو اضطرارها للولادة القيصرية فى ظل عدم امتلاكها النفقات اللازمة قائلة "اتصلت بالمسئولين عن الفريق وأخبرتهم بظروفى الصعبة وأننى بحاجة لطبيب لمتابعة حملى وعلى الفور أحالونى لأحد الأطباء السوريين المقيمين فى مصر وتكفل الأخير بالعملية".
وأضاف "أجرينا العملية ولم اشعر باختلاف فى المعاملة بسبب القصور المادى بل على العكس تابع الفريق والطبيب معى حتى استقرت حالتى".
"حمزة الخطيب" مؤسسة لرعاية الأيتام من أطفال سوريا
تركوا موطنهم ويعيشون هنا برفقة الأم أو الجدة أو بلا أسرة مطلقًا بعد أن فقدوا ذويهم داخل سوريا لذا جاءت الحاجة لرعايتهم وتقديم الدعم الكافى لهم، وهذا ما تقوم به مؤسسة حمزة الخطيب السورية والمعنية برعاية الأطفال الأيتام.
المؤسسة المنشأة منذ عامين بترخيص من وزارة التضامن الاجتماعى تكفل وترعى ما يقرب من 360 طفلا سوريا من خلال تقديم إعانات مالية شهرية وعينية وموسمية لذويهم، أحمد كسيبى صاحب الفكرة ومدير المؤسسة، قال "تفرغت لهذا العمل وخصصت له وقتى ومجهودى بعدما فقدت الأمل فى العودة لسوريا فى الوقت الراهن نظرًا لتصاعد وتيرة الأحداث وقررت التركيز على رعاية الأطفال الأيتام تحديدا لأن أكثر فئة تأثرت وتضررت مما حدث فأنا سورى وأبسط شىء أقدمه هو رعاية أطفالنا الأيتام إضافة إلى إيمانى بأن التخصص فى شىء محدد هو سر النجاح والتميز لذا جاءت فكرة المؤسسة معنية بالأطفال الأيتام تحديدا".
وعن الأنشطة التى تقدمها المؤسسة يقول كسيبى، نقدم شنط مدرسية وملابس للأطفال وننظم رحلات ترفيهية ودورات كمبيوتر ولغات للأمهات إلى جانب دورات التأهيل النفسى التى يتم تقديمها أيضا لهن وبعدما نجحت المؤسسة فى دورها قرر القائمون عليها توفير الدعم وبعض المعونات للمناطق المحيطة والمحاصرة بشدة فى سوريا.
"وطن" والتعليم المجانى لأطفال سوريا
فى يناير 2016، تأسست مؤسسة وطن السورية بشكل رسمى بعد عمل دام أربعة سنوات على يد مديرها أمير شهلا ، وتعتنى المؤسسة برعاية الأطفال السوريين وتفديم الدعم النفسي لهم وكذلك المساعدات التعليمية حيث شكل "شهلا" برفقة مجموعة من الشباب المتطوعين مركزين تعليميين بأسعار رمزية لاستيعاب الطلاب من مرحلة ما قبل التعليم KG وحتى مرحلة التعليم الثانوى.
وقال شهلا عن خدمات المؤسسة "نركز فى عملنا على المجال الإنسانى ونحن معنيين بالأطفال أكثر على وجه التحديد وبالفعل نجحنا فى إطلاق مركزين تعليميين فى القاهرة والإسكندرية ويعتمد نظام الدراسة فيها على مساعدة الطالب على فهم المواد الدراسية المصرية وتأهيله لاجتياز الامتحان بعد ذلك فى مدرسته الحكومية المسجل بها، وأضاف "بعد أحداث 30 يونيو نجحنا فى الحصول على موافقة وزارة التضامن وترخيص المؤسسة بشكل رسمى ثم بدأنا العمل على برامج الدعم النفسى للاجئين بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية المعنية بدعم اللاجئين هذا كله إلى جانب الأنشطة الحركية والترفيهية التى تكسب الأطفال مهارة إدارة شؤونهم دون الاعتماد على أحد".
وتابع "نقدم أيضًا المساعدات الموسمية للأسر السورية مثل شنط رمضان وننظم معارض ملابس خيرية قبل الأعياد إلى جانب حفلات الأيتام وتقديم المساعدات المالية العاجلة للحالات الإنسانية، وعن الدعم المادى الذى تتلقاه المؤسسة"، مشيرا "ولدينا متبرعين فى مختلف المحافظات والمناطق يقدمون لنا مساعدات مادية بخلاف التبرع العينى المقدم من مؤسسات خيرية مصرية ويذهب لمستحقيه بعد دراسة الحال وحاليا نسعى لتأسيس مركز طبى متكامل فى مختلف التخصصات لخدمة السوريين وغيرهم بأسعار رمزية" .