حرف من التراث.. "صناعة جريد النخيل" هواية عم سلامة وحرفته لأكثر من 4 عقود.. أبدع فى صناعتها منذ طفولته مع إخوته وأبنائه.. ويؤكد: حرفة صامدة برغم ظهور البلاستيك الذى يهدد بقاءها والإقبال عليها.. فيديو

"صناعة أقفاصجريد النخيل".. حرفة يدوية من التراث القديم يعود تاريخها لمئات السنين، لا يزال أبناء مدينة أجا بمحافظة الدقهلية يمتهنوها ويعملون بها ليحافظوا عليها من الاندثار، إذ عكف أبناء سعد سلامة الأربعة بأناملهم الذهبية ومهارتهم وإبداعهم على تشكيل أقفاص الخضر والفاكهة والكراسى والطاولات والأسرة من جريد النخيل مع أبنائهم الصغار لسنوات طويلة، بالرغم مما تواجه المهنة من مخاطر تهدد بقائها وتقودها للزوال بعد ظهور الصناعات الحديثة والأقفاص البلاستيكية والكراتين. وفى هذا الصدد، زار "انفراد" أقدم ساحة لصناعة جريد النخيل فى مدينة أجا بمحافظة الدقهلية، رصد خلاله ساعات طويلة من العمل الشاق تقضيها أسرة كاملة بكبارهم وصغارهم فى صناعة مختلف منتجات جريد النخيل. قال سلامة سعد صاحب الـ50 عاما لـ"انفراد"، إنه ورث المهنة عن والده وأجداده، وعمل بها منذ نعومة أظافره، مشيرا إلى أنه عكف على مراقبة والده وأجداده وهم يصنعون بأيديهم الأثاث والأقفاص من جريد النخيل، حتى عشق المهنة وتعلمها واحترفها وأكمل مسيرة والده برفقه إخوته الثلاثة وأبنائه الذين ورثوا المهنة عنه، وتعلموها واحترفوها بجانب مواصلة تعليمهم منذ طفولتهم، وأصبحوا يعملون معه فى ساحة الصناعة لساعات طويلة يقطعون أعواد الجريد التى يشترونها من محافظة دمياط وبعض مزارع النخيل فى القاهرة ومدينة ميت غمر، وشقه لقطع صغيرة وتقسيمه إلى رقائق، ثم دقه لصنع فتحات صغيرة به، ومن ثم تشكيل الأقفاص والكراسى وغيرها من المنتجات باستخدام أعواد الجريد. وتابع أن سر مواصلتهم لعملهم وتفوقهم وإبداعهم فيه حتى يومنا هذا برغم قلة الإقبال عليه، هو عشقهم وتقديرهم لمهنة أجدادهم، مشيرا إلى أن رحلة تعلمهم للحرفة لم تكن باليسيرة أو السهلة، بل كانت ولا تزال مليئة بالصعوبات والمشقات، فبدأوا يتعلمون الحرفة وعمرهم لا يتجاوز الثلاث سنوات، فبمراقبة آبائهم وأجدادهم وهم يلهون ويلعبون حولهم أثناء تفننهم فى تشكيل الأقفاص وغيرها أثار فضولهم للفهم والتجربة، ومع مرور الوقت زادت رغبتهم فى التعلم، حملوا أدوات الصناعة الحادة ومارسوا الحرفة بكل مراحلها، ومع مرور السنين احترفوا الصناعة وأصبحوا قادرين على صناعة جميع منتجات الجريد، مؤكدا على أنهم علموا أبنائهم كما فعل آباؤهم معهم ليساعدوهم فى عملهم ويحافظوا على المهنة من خطر الاندثار. واستطرد أنهم يعملون يوميا مع أبنائهم فى ساحة صناعة الجريد منذ الساعة الثامنة صباحا وحتى الساعة العاشرة مساءا، يقضون خلالها وقتهم فى الكفاح والعمل الشاق، يتبادلون النكات والقصص والحكايات، يشكون همومهم لبعضهم البعض، يسلون أنفسهم حتى ينتهوا من أعمالهم الصعبة والشاقة، مشيرا إلى أن مراحل صناعة جريد النخيل تمر بعدة مراحل تبدأ بشراء الجريد من محافظة دمياط أو مدينة ميت غمر أو مدن الصعيد، ومن ثم عزل تنظيف الجريد من الخوص باستخدام أداة المنجل، ثم تقطيع الجريد وشقه وتكسيره لقطع صغيرة وتقسيمه إلى رقائق باستخدام الساطور، ثم دقه لصنع فتحات صغيرة به باستخدام الشاكوش الخشبي، ومن ثم تشكيل الأقفاص والكراسى وغيرها من الأعمال باستخدام أعواد الجريد. وأشار إلى أن لجريد النخيل أنواع عديدة، تتنوع بين البلدي، والحياني، والصعيدى، والسمان، والزغلول، تستخدم جميعها فى صناعة المنتجات، ولكن الجريد البلدى والحيانى يعدان أبرز وأفضل وأجود أنواع الجريد التى تستخدم فى صناعة الأقفاص والكراسى لصلابتهما وقوة تحملهما لسنوات طويلة، مضيفا أن خبرتهم الطويلة فى العمل هى ما تمكنهم من اختيار الجريد الجيد الصالح للتصنيع من حيث جودته وتماسكه وليونته والمخزن بصورة جيدة فى أماكن رطبة، تسهل عليهم أعمال الصنفرة والتقطيع والتثقيب والتركيب، مشيرا إلى أنه قد يصنع يوميا ما يقرب من 12 قفصا. وأوضح أنه نجح مع إخوته وأبنائهم أن يحافظوا على المهنة حتى وقتنا هذا ويصنعون منتجات بجودة عالية بمهاراتهم وأدواتهم البسيطة بالرغم مما تتعرض له الحرفة من تحديات تهدد بقائها والطلب عليها بعد ظهور الكراتين وأقفاص البلاستيك، مشيرا إلى أنهم حافظوا على طبيعة المهنة وأصالتها مع إدخال بعض التطورات عليها يواكبوا من خلالها العصر ومتغيرات الحياة واحتياجات زبائنهم، فمع مرور الأيام والسنين تغير مفهوم استخدام الجريد، فلم يعد مقتصرا فقط على صناعة الأقفاص والمطارح والأسرة التى كانت تستخدم من مئات السنين، بل أصبحوا بمهاراتهم العالية يصنعون الكراسى والطاولات والصالونات بشتى أحجامها وتصميماتها الحديثة التى تتماشى مع العصر، والتى يقبل عليها أصحاب المقاهى والمطاعم والفنادق السياحية فى مختلف المدن والمحافظات، فضلا عن تصميمهم لتحف فنية وأنتيكات من الجريد كفوانيس رمضان بأشكالها وأحجامها المختلفة التى لا تزال تستخدم فى الكثير من القرى والنجوع؛ لبساطتها وانخفاض سعرها فى ظل منافسة فوانيس الصاج والخشب والخيامية. وقال "عبده" صاحب الـ26 عاما ابن الحاج سلامة صانع أقفاص الجريد، أن الحرفة إرث يورث من جيل لآخر، فشرط أساسى أن يتعلم ويجيد جميع أبناء الأسرة صناعة جريد النخيل حتى وإن كانوا يواصلون تعليمهم ودراستهم ويرغبون فى العمل بمهن أخرى، موضحا أنه بدأ يتعلم صناعة منتجات جريد النخيل منذ أن كان فى الثالثة من عمره، واحترفها وأجاد صناعة جميع منتجاتها من أثاث وأقفاص وتحف وفوانيس فى فترة تزيد عن الثمانى سنوات، مشيرا إلى أنه بدأ فعليا يعمل فيها ويصنع مع والده مختلف منتجات الجريد بمهارة فائقة فى الخامسة عشر من عمره. وأوضح أنهم يتقاسمون العمل فى الساحة فيما بينهم لإنتاج أكبر عدد ممكن من الأقفاص والمنتجات المصنوعة من الجريد يوميا، حيث تقسم الساحة إلى عدة عشش يمكث فيها أعمامه وأبنائهم يتسابقون فى تقطيع الجريد وتجهيزه وتشكيل لمنتجات عديدة تسافر لعدة مناطق ومدن بمحافظة الدقهلية وفنادق سياحية فى المحافظات الأخرى، مؤكدا على أنهم يعملون فى المهنة بحب وسعادة بالرغم من مشقتها وصعوبتها وقلة دخلها وأرباحها بعد عزوف الكثيرين عنها وانخفاض الإقبال على منتجات الجريد بعد ظهور البلاستيك.






















الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;