أهم ما تقدمه دراما التوثيق الحالية فى «الاختيار 3»، هو توثيق أحداث وقعت فى فترة قريبة، وتعد أحداثا معاصرة، لها شهود ما زالوا أحياء، ثم إنها تقدم تفسيرات للكثير من الأحداث التى وقعت فى مرحلة دقيقة بعد يناير 2011، والشهور التالية، وكيف كانت الأحداث تتم وتتفاعل بناء على تفاعلات وتداخلات ربما لم تكن ظاهرة وقتها، أو أنها ظلت بلا تفسير، يضاف إلى ذلك توثيق مواقف تؤكد افتراضات أو شهادات ظلت مجالا للتشكيك، ثم جاء التوثيق ليؤكد ما بدا أنه افتراض.
«الاختيار 3» يقدم توثيقا دراميا يؤكد تصورات وتحليلات سابقة، والبعض الآخر يقدم خطوطا وخيوطا لأحداث تترابط مع بعضها لتكشف عن حجم وشكل الاتصال بين تنظيم الإخوان وتنظيمات إرهابية ومتطرفة فى الداخل والخارج، وكيف كان تنظيم الإخوان يضع أمامه هدفا، ويوظف من أجله المتطرفين من كل التيارات، حتى لو كانوا مجرد أدوات، مثلما حدث مع السلفيين، بل والإرهابيين الذين تم الإفراج عنهم بتعمد لاستخدامهم فى تشكيل ميليشيات وخلايا تستعمل لإرهاب الخصوم أو تنفيذ عمليات خطف وإرهاب لأهداف سياسية مثلما جرى مع عملية رمضان التى تم فيها قتل شهداء صائمين لتمرير قرارات تكتيكية سياسية، باعتبار أن التنظيم ليس لديه مانع من قتل مصريين لتمرير قرارات لصالح التنظيم.
وفى نفس الوقت تقدم الدراما شرحا لكيفية ارتباط تهديدات تنظيم الإخوان بحرق البلد، مع صفقات سلاح ضخمة تتجه من آسيا إلى مصر، وفى نفس الوقت تحركات داعش وتوابعه فى سيناء مع هذه الصفقات التسليحية، والإفراج عن قيادات إرهابية معروفة بقرارات خاصة من رئيس الإخوان لاستخدامهم سياسيا وتنظيميا لتنفيذ عمليات نوعية، حيث تسير خلية مدينة نصر مع تنظيم داعش فى شمال سيناء، مع تحركات أعضاء التنظيم وحلفائه لاستعراض القوة وتهديد كل من يخالف التنظيم وأهدافه فى الداخل، وفى نفس الوقت الظهير الإعلامى الداعم للإرهاب والمدافع عن الإرهابيين فى كل عمل يقومون به، ممثلا فى قنوات تمثل طوال الوقت منصات للدفاع عن العمليات الإرهابية، وكيف يمكن الربط بين تنظيم الإخوان والعنف والتحريض عليه، فضلا عن هذه العلاقة بين تنظيم الإخوان، والتنظيمات المتطرفة أو الجماعات الطائفية.
من هنا يمكن توقع ردود الأفعال من قبل تنظيم الإخوان فى الخارج والداخل، حيث تواصل قنوات التنظيم دعمها للتنظيم ومحاولة التقليل منها، وأغلب من يمارسون هذا الدور هم من أصحاب الحسابات المجهلة على مواقع التواصل التى تم إنشاء بعضها فورا، وتقع فى تصرفات نمطية وتطلق مئات الحسابات نفس التعليقات، وهى إما تنطلق من الخارج أو من أعضاء لجان يقومون بوظيفة مقابل أجر، والقليل منهم من يحتفظ بتبعيته للتنظيم مع إنكار ورفض أى أدلة تنسف هذا البنيان الوهمى، الذى هو فى الأصل بنيان ضعيف.
بعض التسجيلات والشهادات الحية لقيادات التنظيم والعلاقة بين مرشد الإخوان ونائبه من جهة وسعيهم إلى فرض وجهات نظرهم على الدكتور محمد مرسى الذى يبدو أحيانا مطيعا ومنفذا للسمع والطاعة، وأخرى طرف من التهديد والتحرك السياسى، بينما يواصل حلفاء التنظيم عملهم فى التوسط لإتمام صفقات سلاح قادمة من الخارج، بهدف إنشاء ميليشيات خاصة بالجماعة، وتسليح تنظيمات الإرهاب وتجهيزها لتنفيذ عمليات إما لأهداف سياسية، أو لتهديد الخصوم.. وهى علاقة تتضح فى ظل الربط التوثيقى للأحداث، والذى يقدم تفسيرات مهمة للكثير من التحركات والقرارات والمساعى، وفى نفس الوقت كيف كان التنظيم يرفض كل محاولات النصح، ويتمسك برأيه فى استبعاد المختلفين، وصياغة الدولة طبقا لأهداف التنظيم، وهو ما ينفى مزاعمهم ومظلوميتهم حول مؤامرات وهمية حاولوا ترويجها، لتبرير ما جرى لهم وكيف اختلفوا وصنعوا عداءات مع كل الشعب.