أعرب السفير أحمد حافظ المُتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، اليوم الأربعاء، عن بالغ الإدانة لما تشهده الأراضى الفلسطينية خلال الأيام الأخيرة من وتيرة عنف متصاعدة، وتوسيع لنطاق عمليات القوات الإسرائيلية فى عدد من المدن والقرى الفلسطينية، وما صاحبها من استخدام مُفرط للقوة ضد الفلسطينيين، ما أسفر عن سقوط ضحايا وجرحى واعتقال العشرات.
وأكد المُتحدث باسم وزارة الخارجية فى بيان صحفى على رفض أى تحريض، بما فى ذلك دعوات تكثيف اقتحامات المسجد الأقصى المُبارك خلال شهر رمضان المُعظم، مؤكدًا على ضرورة احتواء هذه التطورات المتسارعة والخطيرة، والتى تُنبئ بمزيد من الاحتقان وتُكرس لمُناخ التوتر الذي لن يفضي سوى إلى تنامي التصعيد والعنف المُتبادل.
إلى ذلك، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الأربعاء، خمسة مواطنين من قرية كوبر شمال غرب رام الله.
وأفادت مصادر محلية فلسطينية، أن قوات الاحتلال الاسرائيلي اقتحمت قرية كوبر، واعتقلت المواطن خلدون البرغوثي ونجله وثلاثة أشخاص لم تعرف هويتهم بعد، عقب مداهمة منزله قبيل موعد الإفطار.
وفي سياق متصل، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة سلواد شمال رام الله، وحاصرت منزلًا.
وقالت مصادر محلية في البلدة، إن قوات الاحتلال اقتحمت البلدة في موعد الإفطار، واقتحموا حي "رأي علي"، وحاصرت أحد المنازل.
وتدفع إسرائيل الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة سواء في القدس أو الضفة الغربية أو غزة إلى الاشتعال مجددا نتيجة التصعيد الذي تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي، فضلا عن تخطيط جماعات الهيكل المزعوم لذبح قرابين داخل ساحات المسجد الأقصى خلال أيام.
وتأتي الدعوة لإدخال ما يسمى "قرابين الفصح" يوم الجمعة المقبل بعد "قمة حاخامية" عُقدت في المسجد الأقصى لمناقشة فرض طقوس "الفصح" العبري فيه، وبعد دعوات من حاخامات اليمين المتطرف وتعهدات من قادة جماعات "الهيكل" بإدخال "قربان الفصح" إلى المسجد الأقصى مساء الجمعة المقبل.
ويحل "عيد الفصح" العبري هذا العام متقاطعاً مع الأسبوع الثالث من شهر رمضان المبارك، ما بين 16-22 من شهر أبريل الجاري.
وتواصل جماعات "الهيكل" المزعوم حشد مناصريها لاقتحام المسجد الأقصى المبارك في عيد "الفصح"، وتدنيسه بإقامة الطقوس فيه، والتي يتخللها إدخال ما يسمونه فطير العيد، وقراءة جماعية لمقاطع من "سفر الخروج"، ودخول طبقة "الكهنة" بلباس "التوبة" الأبيض، وذبح "قربان" العيد في باحاته.
وبيّنت الحركة المتطرفة في دعوتها أن "من يُحاول تقديم "القربان" ويفشل سيحصل على 400 شيكل، ومن يحاول وينجح قليلاً سيحصل على 800 شيكل، أما من ينجح في ذبح "القربان" في الأقصى سيفوز بمبلغ مالي قيمته 10 آلاف شيكل".
بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن التهديد باقتحام المسجد الأقصى المبارك لذبح القرابين من قبل المتطرفين اليهود بحماية شرطة الاحتلال، إلى جانب التهديد بنشر المزيد من قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، سيؤدي إلى تصعيد خطير لا يمكن السيطرة عليه.
وأضاف متحدث الرئاسة الفلسطينية - بحسب وكالة وفا - أن استمرار عمليات القتل اليومية لأبناء الشعب الفلسطيني بدم بارد، ومواصلة الاعتقالات والاقتحامات للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، والأوامر الصادرة عن الحكومة الإسرائيلية لجيش الاحتلال لإطلاق النار بلا قيود ضد الفلسطينيين، بالإضافة إلى استمرار انتهاك حرمة المقدسات، هي السبب الرئيس للتصعيد والتوتر الذي تشهده المنطقة، الأمر الذي سيوصلنا إلى مفترق خطير سيخلق دوامة من العنف.
وأشار أبو ردينة إلى أن ما تقوم به حكومة الاحتلال الاسرائيلي على الأرض يثبت بأنها غير معنية بإنجاح كل الجهود الإقليمية والدولية الساعية لمنع التصعيد وإزالة أسباب التوتر ليكون شهر رمضان الكريم شهراً للعبادة والصلاة، وتأتي استكمالاً لسياساتها العنصرية المتمثلة بزيادة معاناة الأسرى وحجز أموال أبطال الشعب الفلسطيني، إلى جانب انسداد الأفق السياسي، الأمر الذي يتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً، وخاصة من الإدارة الأميركية لمنع تفاقم الأوضاع ووصولها إلى مرحلة صعبة تدخل المنطقة إلى مزيد من التصعيد والعنف الذي سيدفع ثمنه الجميع، وأن الحل الوحيد لهذه الأزمات المتلاحقة هو بتحقيق السلام العادل القائم على قرارات الشرعية الدولية، وليس عبر سياسة العقاب الجماعي والاستيطان والقتل وتدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية التي لن تجلب الأمن والاستقرار لأحد.
وحول ما يمثله ذبح قربان الفصح داخل الأقصى، قال محمد جلاد المتخصص بشؤون المسجد الأقصى لموقع "دنيا الوطن" الفلسطيني: "يمثل ذبح القربان لليهود عملية إحياء معنوي لهيكل معبدهم المزعوم، وهو الطقس الأهم على الإطلاق من ضمن طقوسهم التوراتية. وانطلاقا من الأفكار والمعتقدات التي يؤمن اليهود بها، فعليهم القيام بعدة طقوس داخل الأقصى، من بينها الانبطاح الملحمي على الأرض، وصولا إلى ذبح القربان".
ويضيف جلاد أن الجماعات المتطرفة قامت بمثل هذه الأمور عدة مرات بتواطؤ من قوات الاحتلال الإسرائيلى.
ويتابع حديثه بقوله "ومن ضمن الطقوس التي تحرص تلك الجماعات على أدائها في المسجد الأقصى، قيامهم بإدخال القربان النباتي أكثر من مرة في أيام عيد العُرش، والصلوات الجهرية والنفخ في البوق".
ويُعد ذبح قربان الفصح هو الطقس الذي لم تقم به الجماعات اليهودية حتى الآن، وتطمح لأدائه داخل أسوار الأقصى هذا العام؛ لما يمثله من رمزية إحياء الهيكل. وفي هذا السياق يقول جلاد: "قديما وبحسب التوراة، كان يتم تقديم القربان بشكل يومي داخل الهيكل، وهو الطقس الوحيد الذي لم يؤدَ منذ هدم الهيكل حسب زعمهم".
محاولات الجماعات اليهودية للقيام بطقوس ذبح القربان ليست وليدة اليوم، ويقول جلاد: "منذ سنوات عديدة تجُري تلك الجماعات تدريبات عملية لمسألة ذبح القربان، حيث توجد طبقة تسمى في التراث اليهودي "السنهدرين"، وهي طبقة الكهنة، والتي تم تدريبها منذ سنوات في المدارس التلمودية، وقامت بتجارب عملية لذبح القربان".
وعن أهداف ذبح القربان، قال جلاد: "تريد الجماعات اليهودية بذبحها للقربان تحقيق أمرين، أولا الإحياء المعنوي لهيكلهم المزعوم، أما ثانيا الانتقال خطوة إلى الأمام على طريق تهويد المسجد الأقصى، وفرض وقائع جديدة لصالح اليهود".
ويرى جلاد أن "اليهود ساروا في مسألة تهويد الأقصى في مرحلتين، الأولى التقسيم الزماني وقد نجحوا فيه إلى حد بعيد، أما الثانية التقسيم المكاني والذي فشلوا فيه، وذلك يتمثل في فشلهم في إقامة كنيس داخل باب الرحمة؛ لأداء صلواتهم التلمودية".
وعن فرصة تحقق عملية ذبح القربان، قال جلاد: "جماعات المعبد جادة جدا في تنفيذ خطتها، واستعداداتها على مستويات عالية بدليل تنفيذها القربان عدة مرات خارج المسجد الأقصى، كما أن طبقة "السنهدرين" جاهزة وتم تدريبها، حيث عقدت قمة حاخامية داخل المسجد في بداية رمضان، والتي جرى فيها النقاش حول مكان تقديم القربان".
وقد صرح أكثر من حاخام أنه لن يمنعهم أي شيء من تقديم القربان، وتقدِّم الشرطة الإسرائيلية تسهيلات كثيرة في اقتحام المسجد الأقصى، وأداء الطقوس التوراتية التي تستفز مشاعر المسلمين.