هوس التنقيب عن الآثار وهم يشغل العديد من المصريين، بحثا عن الغنى الفاحش بأسهل الطرق، لدرجة أن الكثير منهم يقومون بالاستعانة بالدجالين، بحجة فض الرصد الفرعونى، وبالفعل يصدقهم الأبرياء والواهمين والطامعين بالكنز ، ويترتب على ذلك كل ما يطلبه الدجال الذى يكون مغاليا فى طلباته، فمنهم من يريد مبلغا ماليا كبيرا أو حتى طلبات جنسية، مثلما حدث فى البحيرة، لتسهيل الوصول إلى الكنز، وتأتى النتيجة دائما بما لا فيما لا يحمد عقباه ويصبح الحلم والوهم كارثة كبيرة.
وبالتالى نجد أن معدلات قضايا التنقيب والاتجار فى الآثار كل عام تزداد عن العام الذى سبقه وهذا ما كشفته الدراسات البحثية التى قام بها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، حيث أكد أن هناك 25 ألف قضية تنقيب واتجار فى الآثار خلال 12 سنة، بما يعادل 2000 قضية كل عام.
وكان آخر تلك الحوادث ما حدث اليوم 28 يونيو حول مصرع شخص وإصابة 4 بحالة من الاختناق جراء انهيار جزء من صخرة أثناء عملية التنقيب عن الآثار بالقوصية فى أسيوط، وبالتأكيد سبقتها العديد من الكوارث وحوادث سقوط المنازل على رؤوس أصحابها بسبب الجرى وراء الأوهام.
وحول منطقة القوصية قال الدكتور رأفت النبراوى، عميد كلية الآثار جامعة القاهرة السابق، إنها منطقة غنية بالآثار ومعروفة، مشيرا إلى أنه من المستحيل وجود أى قطع أثرية بداخل الجبال، لكن من الممكن الحصول على متعلقات شخصية لقدماء المصريين داخل الجبل، ومن يجرى وراء تلك الخرافة واهم.
ويروى لنا الدكتور رأفت النبراوى، إحدى وقائع هوس البحث عن الآثار، قائلا: إن هناك الكثير من المصريين يريدون الوصول إلى الثراء بأسرع الطرق، فيحلمون بالعثور على كنز ويرون أن أسهل الطرق هو التنقيب عن الآثار وحتما هذا مخالف للقانون ولكنهم لا يشغلون بالهم بهذا فهم مرضى بهوس التنقيب، فيستعينون بالدجالين الذين هم فى الأصل نصابون، ففى الشرقية أفتى دجال أن فى أرض ما بالمحافظة يوجد بها آثار، وللأسف صدقه أصحاب الأرض فأحضروا المعدات للتنقيب لمدة طويلة وكانت النتيجة إنفاق الكثير من الأموال على وهم ولم يعثروا على أى شىء.
وأوضح الدكتور النبرواى، أن التنقيب مخالف للقانون ويتم بطرق غير شرعية ويعرض المناطق الثرية للخطر، فالهوس موجود بمصر وبالفعل يسرع العديد بالحفر بحثا عن الكنز المنتظر، الذى من الممكن ألا يعثر عليه، أو يعثر عليه ولكنه لا يملك الطرق العلمية التى لابد أن تتوفر عند إجراء أى عمليات للحفر، وبالتالى من لم يكن يمتلك هذا العلم يدمر الآثار اثناء التنقيب ولهذا تصبح المواقع الأثرية فى خطر، وعلى الشرطة ان تقنن ذلك حفاظا على التراث المصرى القديم، وتنمية الوعى لدى المواطنين بقيمة القطع الأثرية وإقناعهم بحق الدولة فيها.
ومن جانبه قال الدكتور أحمد بدران، أستاذ الآثار المصرية بجامعة القاهرة، إن وهم الثراء السريع أصبح يسيطر على عقول المصريين، فى ظل الحياة والظروف الصعبة التى يشهدها المجتمع، فالكل يحلم بالعثور على قطع أثرية حتى يصبح صاحب ثروة باهظة يحقق من خلالها أحلامه وطموحاته ولكن سرعان ما يستيقظ على وهم كبير ويحل به الندم نتيجة ما قام بإنفاقه من أموال فى سبيل الجرى وراء الدجالين النصابين، بالإضافة لبحثهم عن الآثار بطرق خاطئة لعدم معرفتهم بعلم الحفائر، إلى جانب أن 99% يبحثون فى أمكان خاطئة مثل الجبال.
ويروى الدكتور أحمد بدران، لنا قصة أستاذ الجامعة الذى يدعى أنه معالج روحانى وخبير فى الكشف عن أماكن وجود الآثار، وبالفعل كان يتجه إلى مناطق الصعيد لما بها الكثير من المواقع الأثرية، ويوهم سكان تلك المناطق بوجود آثار فى مكان ما ثم يغالى فى طلباته وبعد حصوله على مراده سرعان ما يختفى للبحث عن ضحية أخرىن وهكذا، ومع الأسف لا يتعلم الناس ويظلون يمشون وراء الأوهام والأحلام.
ويوضع الدكتور أحمد بدران، أن الخطأ الواقع ليس قاصرا على الناس ولكن يتحمله الدولة، وذلك لغياب الوعى الأثرى والثقافة، وضعف الوطنية لدى المواطنين، بالإضافة للمعيشة الصعبة التى يمر بها المجتمع نتيجة غلاء الأسعار وضعف الأجور.