حواديت الصبر.. مبادرة أبو هشيمة لسداد ديون الغارمين تكشف قصص المكلومين داخل الزنازين.. هدى: "دخلت السجن عشان ما عرفتش أجهز بنتى".. حمادة: تحملت الحبس بدل مرات أخويا.. عاطف: سُجنت بسبب "توك توك"

بمجرد أن تطأ قدمك السجون تجدهم يتحركون بملابسهم البيضاء، ملامح الحزن والحسرة مرسومة على الوجوه، قبل أن تسألهم عن سبب سجنهم، يبادروك بالإجابة: "أنا مسجون فى قضية شيكات بدون رصيد.. أنا غارم.. تهمتى الفقر.. لا سرقت ولا قتلت ولا مشيت بطال لا سمح الله.. أنا موجود هنا جوا السجن عشان فيه ناس بره مش حاسة بينا".

عشرات من السجناء والسجينات تركوا الأهل والأقارب، إلى خلف أسوار عاتية تمنعهم من رؤية فلذات الأكباد، يحلموا باليوم الذى يتنفسوا فيه هواء الحرية،حيث تتعدد القصص و"الحواديت" داخل كل زنزانة، ويبقى سبب السجن قاسمًا مشتركًا بينهم إنه عدم القدرة على سداد مستحقات مالية.

العديد من قصص وحواديت الغارمين داخل السجون، يمل القلم من سردها.. قصص لأمهات دخلن السجن بسبب ثمن ثلاجة أو تليفزيون، "حواديت الصبر" منقوشة على جدران الزنازين، تلعن البشرية.. تلعن القسوة، تتلهف إلى قلوب رحيمة لانتشالها من غيابات السجون. ووسط هذا الظلام، تخرج إلى النور مبادرة من رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة لسداد ديون 68 من الغارمين ليقضوا باقى رمضان والعيد مع ذويهم.

"حمادة": دخلت السجن بدل مرات أخويا..ولن أنسى اسم أبو هشيمة "حمادة سعد الله"، قصة مواطن قرر أن يدخل السجن بدلاً من زجة شقيقه التى مات عنها زوجها وترك لها طفلة فى عمر الزهور، بعدما اقترض زوجها الأموال قبل حفل زفاهما لتجهيز المنزل، ومرت أشهر على زواجهما ولم يستطيع الوفاء لأصحاب الديون بالشيكات التى وقعها على نفسه، ومات عقب ذلك، وتحول الدين على زوجته، إلا أن شقيق زوجها قرر أن يتحمل ديون شقيقه ووقع على نفسه إيصالات الأمانة حتى لا يتم الزج باسم زوجة شقيقه ولم يستطع سداد الدين فأصبح السجن مصيراً له.

قال "حمادة سعد الله"، لـ "انفراد"، لم أتردد لحظة من اللحظات أن أتحمل المسئولية بدلاً عن زوجة شقيقى، التى كسرها الحزن بعد وفاة أخى، ولم أفكر فى مصير أولادى الثلاثة، لأن هناك "رب كريم"، قررت تحمل المسئولية وحاولت جمع الـ 20 ألف جنيه التى كانت علينا، ولكن نظراً لضيق الحال عجزت عن توفير ذلك، توسلت إلى صاحب الدين أن يمهنى وقتاً أطول لكنه استعجل على أمواله، ولم يكن هناك مفر من السجن.

وتابع السجين، كانت الأيام الأولى قاسية على داخل أسوار السجن، كان الحزن يحاصرنى بسبب شقيق فقدته وأولاد صغار خارج السجن، ومصير ابنة شقيقة المتوفى وزوجته، وكأن هموم الدنيا كلها أصبح فوق رأسى، ولكننى فى كل لحظة من اللحظات كنت أفوض أمرى إلى الله، وأشعر أن الأمل قادم لا محالة.

وأردف السجين، قضيت 8 أشهر من واقع سنتين سجن، وكنت أصبر نفسى وأقول "هانت يا واد..السجن للجدعان"، بالرغم من مرور اليوم داخل السجن كعام، ولم أدرى أن القدر سيكون رحيماً بى، فاستدعونى بالسجن وأبلغونى أن رجل أعمال قرر التبرع بمبالغ كبيرة من أجل خروج الغارمين فى شهر رمضان، ولم أمتلك نفسى حيث "فرت الدمعة من عينى"، وأيقنت أن الفرج قد أتى، وبدأت أجهز نفسى للخروج من السجن.

وواصل المفرج عنه، أصبحت اليوم حراً طليقاً، فما أصبح حبس الحرية والأنفاس، ساعود إلى حضن أطفالى الثلاثة، ساعود حتى أرعى ابنة شقيقى، وغير نادم على دخولى السجن ومستعد أن أقدم عمرى من أن ابنة أخى.

وتابع، لم أكن أدرى أن الدنيا مازال بها خير، وأن هناك رجال أعمال وأغنياء يشعرون بالفقراء والبسطاء من الناس، حتى رأيت شاباً يقف على منصة قاعة السجون بجوار اللواء حسن السوهاجى مساعد الوزير لقطاع السجون ويعطينى مبلغ 3 الاف جنيه، ويقول لى : "خد دول عيدية"، وعرفت أنه رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، الذى لم ولن أنسى اسمه بعد اليوم، وكيف أنسى أسمه وساذكره يومياً 5 مرات فى صلواتى بالدعاء، أن يعوضه الله خيراً عما فعل، وسأطلب من زوجتى وزوجة "المرحوم أخويا" يدعوا له بظهر الغيب، لقد حول حياتنا من الحزن إلى الفرح، لقد أعاد السرور لمنازلنا تلك البيوت التى عشعش فيها الحزن والوجع أوقاتاً طويلة.

"ربيع": دخلت السجن بسبب الديون والفقر لا يقل من شأن الرجال "ربيع محمد" دخل السجن بسبب 4 آلاف، هذا المبلغ تسبب فى حرمانى من أسرتى لعدة أشهر خلف أسوار السجن، لا أصدق أن هناك من يدخل المطاعم ويدفع آلاف الجنيهات ثمن "أكلة"، وهناك العشرات خلف أسوار السجن ينتظرون أصحاب القلوب الرحيمة للعطف عليهم وسداد ديونهم.

وتابع المفرج عنه، دخلت السجن بسبب هذا المبلغ، وفقدت الأمل فى الجميع، ولم أتمسك إلا بالأمل فى الله، ولم أتوقع أن يحضر أحد للسجن لسداد ديونى، حتى أخبرونى فى قطاع السجون أن رجل أعمال يدعى "أحمد أبو هشيمة"، أرسل مندوبين من عنده سددوا ديونى، وأصبحت حراً طليقاً وطلبوا منى استيفاء أوراق الخروج.

تحول الحزن إلى فرح، وبدأت السعادة تعرف طريقها إلى قلبى من جديد، ولم أكف عن بكاء الفرح، حتى وقفت أمام الاستاذ "حسن السوهاجى" يقصد اللواء حسن السوهاجى مساعد وزير الداخلية لمصلحة السجون، الذى قال لنا إياكم أن توقعوا على إيصالات أمانة بمبالغ كبيرة وأضعاف المبالغ التى حصلتوا عليها أو تم شراء أجهزة بها، إياكم أن يستغلكم أحد ويتلاعب فى الأوراق سيكون مصيركم السجن بعدها.

وأردف المفرج عنه، أنا غير حزين لدخولى السجن، فقد دخلت هنا بسبب الفقر، فأنا لم أقتل أو أسرق ولم أتاجر فى المخدرات، وإنما دخلت السجن بتهمة الفقر، وإن الفقر لا يقلل من شأن الرجال.

وقال المفرج عنه، استصرخ فى أذن رجال الأعمال أن يقلدوا "أبو هشيمة" هذا الرجل بشوش الوجه الذى لم أراه سوى هذه المرة، والابتسامة تملأ وجهه، أتمنى أن يكون لدينا "مليون أبو هشيمة"، يكون لدينا أغنياء يشعروا بغيرهم، حتى لا يكون بيننا جائع أو مقهور.

وتابع، لا أستطيع أصف لكم قدر السعادة التى تغمرنى، سافطر باقى رمضان مع اولادى وأسرتى، وساذهب الى المسجد أصلى شكراً لله على ارساله رجل أعمال يعرف الله ليسدد ديونى، ولن أعود الى السجن مرة أخرى باذن الله.

عاطف: دخلت السجن بسبب "توك توك" وأبو هشيمة طلعنى بـ 12 ألف جنيه "عاطف محمود" دخل السجن بسبب "توك توك"، اشتراه حتى يعمل عليه ويوفر مصدر رزق حلال يأكل من لقمة عيش برفقة أولاده، إلا أنه لم يستطيع أن يسدد ثمنه فدخل السجن.

يقول "عاطف"، بحثت عن مصدر رزق يدر على أموال أنفق منها على أولادى، دون فائدة، ومع ذلك لم أفكر يوماً من الأيام أن انخرط فى الجريمة، أو أحصل على مصدر رزقى من حرام "والعياذ بالله"، وإنما كنت أواصل رحلة البحث عن مصدر رزق حلال، وبالرغم من إحباط البعض لى بأن أرباب الكليات والمؤهلات العليا لم يستطيعوا الحصول على عمل، فكيف أحصل على عمل وأنا قليل الحظ فى التعليم، إلا أن رحلة البحث عن العمل لم تتوقف.

وتابع، أنا إنسان بسيط أقصى أحلامى أن أقضى يومى بسلام وأمان، أن أجد ما أنفق به على نفسى وأسرتى، لا أريد سيارة فاخرة أو فيلا فى مارينا وما إلى غير ذلك، وإنما لا أريد سوى الستر وراحة البال، ولكن يبدو أن الدنيا استكثرت هذا الأمر على.

وأردف السجين، ضاقت الدنيا بى، ونصحنى البعض بشراء توك توك حتى أعمل عليه وأحصل على مصدر رزق حلال، ولكن لم يكن لدى ثمن التوك توك، فلم أجد حل سوى الاقتراض وكتابة شيكات على نفسى بمبالغ أكبر، أملاً فى الحصول على عائد مادى كبير أستطيع من خلاله أصرف على أسرتى وأسدد القرض، لكن ذلك لم يحدث ومن ثم أصبحت مهدداً بالسجن بسبب 12 ألف جنيه، وبالفعل باءت جميع محاولات بالفشل ودخلت السجن.

وتابع المفرج عنه، لم أرى ابنى "محمد" واسودت الدنيا أمام عينى، حيث دخلت السجن بسبب الفقر فلم أتاجر فى المخدرات ولم أقتل أو أسرق، والحمد لله أن الله أرسل لنا شخصا مثل أبو هشيمة حتى يتسبب فى خروجى من السجن. زفرحتى لا يساويها شىء بالخروج من السجن والعودة للحياة مرة أخرى، حتى اعمل وأنفق على أسرتى، حتى استكمل حياتى بطريقة طبيعية مثل باقى البشر.

"نشوى": عمرى ما دخلت قسم شرطة غير لما عملت بطاقة احنا ناس مسالمين جداً "نشوى عبد القادر" تعول عدداً من الأطفال الصغار، قررت شراء تروسيكل لبيع الخضروات عليه والتغلب على ظروف الحياة الصعبة، لكنها عجزت عن سداد ثمنه فدخلت السجن تاركه صغارها بالخارج.

وقالت المفرج عنها، إنها من محافظة البحيرة واقترضت 15 ألف جنيه لشراء تروسيكل لبيع الخضروات عليه، وعندما عجزت عن السداد دخلت السجن. وتابعت، لم أكن يوماً من الأيام أتخيل أن أدخل السجن، فلم أدخل فى حياتى قسم شرطة "غير لما طلعت البطاقة"، فنحن مسالمون لأقصة درجة ونحن الذين يقولون علينا : "بنكمل عشانا نوم"، لكن القدر كان له كلمة أخرى.

وتابعت، حرمنى قدرى من أطفالى الثلاثة ودخلت السجن بعدما فشلت فى سداد ديونى، وأصبحت حياة أطفالى مهددة بالخطر، ولم أتوقع يوماً أن تمتد يد أحد لانتشالى من السجن، فلم يقف أحد بجوارى قبل السجن، فسلمت الأمر كله لله ورضيت بقضاء الله وقدره وقررت أتعايش داخل السجن.

واستكملت المفرج عنها، كان الحلم يراودنى أن أخرج من السجن حتى اتناول الافطار مع ابنائى قبل نهاية رمضان، كنت أحلم أن اشترى ملابس العيد لأطفالى وأعدهم للخروج لصلاة العيد، وتبخرت هذه الأحلام داخل السجن، حتى جاء الفرج باستدعائى من إدارة السجن وطلبى استيفاء أوراقى للخروج، وعرفت أن رجل أعمال يدعى أحمد أبو هشيمة حضر إلى السجن وسدد ديونى، بكيت كثيراً، هذه المرة كان بكاء فرح، حيث تحققت أحلامى لرؤية أطفالى وقضاء العيد برفقتهم.

وتابعت السجينة، كنت أتمنى أن أرى "الاستاذ أحمد أبو هشيمة عشان أشكره"، وبالفعل رأيته فى حفل إقامة قطاع السجون قبل خروجنا، وكنت أتوقع أن أراه رجلاً عجوزاً، فإذا به شاباً وسيماً لا تفارق الابتسامة وجهه، دعيت له من أعماق قلبى أن يزيده الله خيراً جزاء ما قدم وحصاد ما غرس.

"هدى": دخلت السجن عشان ما اعرفتش أجهز بنتى العروسة "هدى.ا" لم تجد أموالاً تجهز ابنتها قبل زفافها، فاقترضت أموالاً ووقعت على شيكات، وعندما حل وقت الدين لم تستطيع الوفاء، فدخلت السجن بعدما دخلت ابنتها "دنيا".

وقالت المفرج عنها، أنا سيدة بسيطة وكان معى "بنت على وش جواز"، وكنا دائماً نرفض كل من يتقدم للزواج منها بسبب عدم قدرتنا على تحمل نفقات الزواج وتجهيزها، حتى كادت ابنتى أن تعنس بجوارى، الأمر الذى كان يقتلنى.

وتابعت المفرج عنها: "مافيش حد بيساعد حد فى الدنيا دى ولا بيسأل عن حد..كل واحد مشغول بهمه وبس"، حاولت أوفر عليها الأجهزة الكهربائية بشتى الطرق، فلم استطيع وقررت عدم تأجيل فرحة ابنتى ولو على حسابى الشخصى، ومن ثم لجأت الى الاقتراض وكتابة شيكات على نفسى بمبالغ أكبر بكثير من ثمن الأجهزة الكهربائية التى اشتريتها.

وتضيف المفرج عنها، فرحت ابنى وأسرتى فى حين أن قلبى كان يتمزق خوفاً على مصيرى المجهول، خاصة أن موعد الدين اقترب، وفجأة وجدت نفسى محاصرة بالديون، ولم أجد ما أسدد به، حتى أصبح السجن مصيرى بعدما حصلت على حكم بالسجن سنتين ونصف.

وتابعت المفرج عنها: قضيت 7 أشهر من مدة عقوبتى وكنت فى طريقى لاستكمال باقى العقوبة، حتى سدد رجل الاعمال أحمد أبو هشيمة ديونى وخرجت مرة أخرى إلى أولادى وأسرتى التى طالما كنت اتلهف اليهم وأنا داخل أسوار السجن.

واستطردت المفرج عنها، غير نادمة على دخولى السجن، فالحمد لله على كل حال، وسعيدة أننى استطعت أن ادخل الفرحة لقلب ابنتى، و"مش مهم أنا المهم هى تفرح..أحنا ياما فرحنا كتير..احنا هناخد زمنا وزمن غيرنا"، والحمد لله أن جاءت مباردة "أبو هشيمة" لانتشالى من خلف أسوار السجون لأعود لأحضان أبنائى مرة أخرى.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;