ارتبطت الأعياد فى أذهان وأسماع الملايين بالعديد من الأغنيات التى يشعر معها الجمهور بقدوم العيد وفرحته ويسمعها من ليلة الوقفة وطوال أيام العيد.
ومن أهم وأشهر أغانى العيد التى لا نشعر ببهجته وسعادته إلا عندما نسمعها أغنية "أهلاً بالعيد" التى أصبحت وكأنها النشيد الرسمى لأعيادنا يرددها ويحفظها الكبار والصغار، منذ أكثر من 40 عامًا حين غنتها الفنانة صفاء أبو السعود فى بداية الثمانينيات، لتصبح أيقونة ورمزًا للعيد.
واحتارت أجيال كاملة حتى يومنا هذا فى معرفة من هو "سعد نبيهة اللى بيخليها ذكرى جملة لبعد العيد"، وأصبحت هذه العبارة مزحة بين الصغار والكبار الذين اعتقدوا لسنوات طويلة أن عبارة "سعدنا بيها" هى اسم شخص يدعى "سعد نبيهة" ظلوا يبحثون عنه ليعرفوا من هو هذا الشخص.
وقد لا يعرف الكثيرون أن فكرة هذه الأغنية المبهجة ولدت فى رأس أحد صناعها وهو الموسيقار الكبير جمال سلامة الذى رحل عن عالمنا العام الماضى ولكنه حاضر معنا بأعماله التى تنشر البهجة والسعادة ومن أهمها أغنية أهلا بالعيد .
وفى حوار إجريناه مع الملحن جمال سلامة قبل رحيله كشف قصة صناعة هذه الأغنية الشهيرة وكيف فكر فيها وتخمرت فى ذهنه فكرتها.
وقال الموسيقار الراحل جمال سلامة فى حواره لـ "انفراد": «كنت بسمع دايما أغنية يا ليلة العيد لأم كلثوم، وكانت الأغنية الوحيدة التى تتردد فى العيد، وكنت أرى أنها مخصصة للكبار، وسألت نفسى ليه مفيش أغنية للأطفال عن العيد، وكان نفسى أعمل حاجة عن العيد للأطفال».
وتابع سلامة: «ذهبت لصديق عمرى الشاعر عبد الوهاب محمد وقولت له عاوزين نعمل حاجة للأطفال واديته مطلع الأغنية «أهلا أهلا بالعيد» وقلتله كمل الكلمات، واتصلت بصفاء أبو السعود وكانت ساعتها أشهر مطربة تغنى أغنيات الأطفال، وكانت تجمعنا زمالة أثناء الدراسة فى الكونسرفتوار».
وأضاف: «أول ما قلت لصفاء أبو السعود مطلع الأغنية استغربت وقالت لى: يعنى إزاى هاقول أهلا بالعيد..أهلا بالعيد؟ دى قليلة عليا، فقلت لها هتنجح وتكسر الدنيا».
وأوضح سلامة أنه اتصل بالمخرج شكرى أبو عميرة لتصوير الأغنية، قائلا: «صورها أبو عميرة فى الشارع واستخدم الحنطور والدراجات، فكان أول تصوير للفيديو كليب فى مصر وكان سبقا للمخرج شكرى أبو عميرة»
وأكد أنه شعر بسعادة كبيرة بهذه الأغنية لأنه حقق ما أراد واستطاع أن يقدم أغنية تتحدث عن العيد وتعبر عن الأطفال وأن تنال هذه الشهرة الواسعة، مؤكدا أنها انتشرت وحققت نجاحًا فى الوطن العربى بأكمله، وأثرت فى الأطفال بشكل كبير، كما أنها عبرت عن فرحة العيد، وغنتها كل الأجيال.
وفى أحد حواراتها تحدثت الفنانة صفاء أبو السعود عن هذه الأغنية الشهيرة مشيرة إلى أنها كانت مترددة فى أن تقبل غناء هذه الأغنية.
وأكدت أبو السعود أنها شعرت بالقلق خوفا من أن يتم مقارنة الأغنية مع أغنية «يا ليلة العيد» لكوكب الشرق أم كلثوم، ولكنها تشجعت ووافقت، لتحقق الأغنية نجاحا مذهلا وتستمر عبر الأجيال لتصبح من أشهر أغانى العيد.
وأشارت الفنانة صفاء أبو السعود إلى أنها تحرص على سماع هذه الأغنية مع الساعات الأولى لأول أيام العيد بأعلى صوت، حيث تشعرها بفرحة العيد، وتذكرها بكواليس تصويرها.
وعن حيرة الأجيال فى معرفة من هو «سعد نبيهة»، ضحكت صفاء أبو السعود قائلة : «إللى يقولنا بقى الشاعر الكبير عبد الوهاب محمد مين سعد نبيهة»، موضحة أن أصل الجملة فى الأغنية «سعدنا بيها»، ولكن الجملة غير واضحة فى الأغنية، وهو ما جعل الملايين يعتقدون أنها «سعد نبيهة» ويتساءلون طوال هذه السنوات عن هذا الشخص، وهو ما تسبب فى زيادة انتشارها ونجاحها.
فيما قال المخرج شكرى أبو عميرة، الذى أخرج الأغنية بطريقة الفيديو كليب رغم الإمكانات التى لم تكن متطورة آنذاك، إنه قرر تصوير الأغنية بالشوارع لتكون المشاهد أقرب إلى روحها، وساعده فى ذلك دراسته للهندسة، وهو ما جعل التصوير الخارجى يظهر بتقنية جيدة، خصوصا أن الأغنيات حينها كان يتم تصويرها باستديوهات مغلقة.
وأشار أبو عميرة إلى أنه صور المشاهد بجوار جامعة القاهرة، بين حديقتى الأورمان والحيوان، وبعض المشاهد صورها فى برج القاهرة، وعلى العربة الحنطور مع البالونات لتخرج الأجواء واقعية ومعبرة، مؤكدا أنه تم إنجاز الأغنية خلال 15 يوما وحصلت على أكثر من جائزة عالمية، وكرم عنها كأفضل مخرج، وأصبحت أغنية الأطفال الرسمية فى العيد بمصر وباقى الدول العربية، بعد أن حققت نجاحا مدويا فى وقت قياسى.