طبقا لقانون استصلاح الأراضى ووضع اليد رقم 143 لسنة 1981، فإن الأرض لمن استصلحها وزرعها، لكن يبدو أن القوانين لا مكان لها فى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، صاحبة الولاية على جميع الأراضى الزراعية الجديدة على مستوى الجمهورية.
عُرفت هيئة التعمير والتنمية الزراعية كأكثر الهيئات الحكومية جدلاً على الإطلاق، وعليك فقط أن تدخل مقرها لتجد نفسك محاصراً بروتين لا علاقة له بالقوانين مطلقاً.
ورغم الإحصاءات التى تخرج بين حين وآخر عن تقلص مساحة الأراضى الزراعية، بالوادى والدلتا لأسباب لا مجال لها هنا، لكن هناك مستثمرين وأفراد خرجوا من المنطقة التى تعانى زحفاً عمرانياً إلى مناطق صحراوية جديدة صالحة للاستزراع وتعويض المساحات التى تحولت إلى كتل خراسانية حسب تعبير خبراء الزراعة.
تعد الأراضى الواقعة بمنطقة وادى النطرون واحدة من أهم وأثمن الأراضى التى تقع ضمن ولاية هيئة التعمير، وهى منطقة جديدة قديمة ويستثمر فيها عدد كبير من رجال الأعمال الجادين وغيرهم ممن استولوا على مساحات شاسعة بها دون زراعة، وتربحوا أموالا طائلة منها بشكل غير قانونى "وضع اليد".
ومع ضياع أموال طائلة على الدولة وانتشار قضايا الفساد والرشوة فى أراضى الدولة منذ عدة سنوات، أعلنت حكومات مختلفة أنها مستعدة لتقنين أوضاع الأراضى للمستثمرين الجادين، لكن لم تنجح جميع الخطط على مدار سنوات عدة.
وبعد توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى باتخاذ جميع الإجراءات القانونية فى تقنين وضع اليد للزراعات الجادة وجذب المستثمرين وبحث كل المشكلات التى تعوق مشروعاتهم واستثماراتهم فى مصر، والعمل على إيجاد حلول سريعة وفعالة لهذه المشكلات، خاصة مع بدء استصلاح وزراعة الـ1.5 مليون فدان المرحلة الأولى لإنشاء مجتمعات عمرانية وزراعية وصناعية، بدأت لجنة استرداد أراضى الدولة برئاسة المهندس إبراهيم محلب مستشار رئيس الجمهورية فى تقنين أراضى رجل الأعمال أيمن الجميل، والبالغ مساحتها 2500 فدان بوادى النطرون، وهى المساحة التى سجن بسببها وزير الزراعة صلاح هلال فى قضية الرشوة الكبرى نهاية العام الماضى.
ويعرف "الجميل" من حجم أعماله واستثماراته فى مصر، وعدد العمالة لمشروعاته، ومساندة الدولة فى مشروعة الاستثمارى الزراعى، حيث إن وضع أرض أيمن الجميل قانونى ١٠٠٪، بناء على تقارير أعدتها لجان المعاينة التى خرجت من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، حيث أثبتت أن الأرض منزرعة زراعة جادة، ما يدعو إلى ضرورة تقنين وضع اليد عليها.
بدأت قصة رجل الأعمال أيمن الجميل منذ سنوات عديدة عندما تقدم بعدد من الطلبات للدولة لتقنين وضع الأرض التى استصلحها واستزرعها بالكامل، وهو ما أثبتته تقارير حكومية.
كان أيمن محمد رفعت عبده الجميل رئيس مجلس إدارة شركة كايرو ثرى إيه للإنتاج الزراعى والحيوانى، يضع يده على مساحة 2500 فدان بناحية وادى النطرون – محافظة البحيرة، والتى تخضع للأحكام المقررة لتقنين الأراضى الصحراوية بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية وفقا لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 والقرار الوزارى رقم 148 لسنة 1989، وذلك بموجب عقد تنازل عن أرض صحراوية غير مستصلحة مؤرخ فى 5/1/2008 محرر له من باسم فؤاد إبراهيم كوهية بصفته الممثل القانونى لشركة كوهية للدواجن، توضح أن الأرض المتنازل عنها كانت تقع ضمن مساحة من الأرض واقعة تحت يد شركة الريف الأوروبى للتنمية الزراعية، وقام عبد الله عبد الحميد سعد بصفته رئيس مجلس إدارة شركة الريف الأوروبى للتنمية الزراعية بالتنازل عنها لصالح باسم فؤاد كوهيه الذى تنازل عنها لرجل الأعمال أيمن رفعت الجميل.
وتقدمت شركة كايرو ثرى دى للإنتاج الزراعى والحيوانى التى يمثلها قانونا أيمن محمد رفعت عبده الجميل بالطلب رقم 6844 بتاريخ 3/5/2010 لرئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية لتقنين وضع يدها على المساحة المذكورة، وقامت الشركة بسداد مبلغ 2500000 (اثنان مليون وخمسمائة ألف جنيه) بموجب شيك بنكى لهيئة مشروعات التعمير والتنمية الزراعية الرسوم القانونية المطلوبة للسير فى إجراءات تقنين الأرض، وتقدمت الشركة بالمستندات المطلوبة للسير فى إجراءات التقنين إنفاذا للقانون، وتم إجراء المعاينة على الطبيعة والمعاينة بالاستشعار عن بعد "القمر الصناعى"، وثبت أن الأرض منزرعة بزراعات جادة ومنتجة طبقا لقوانين هيئة التعمير .
لكن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية لم تتخذ أى خطوة نحو إجراء تقنين الوضع رغم سداد الرسوم المطلوبة والمستندات المؤيدة، مما دفع الشركة إلى تحرير محضر إثبات حالة للأرض، لإثبات أنها مزروعة بالكامل حسب قرار رئيس مجلس الوزراء كشرط لإنهاء إجراءات وضع اليد.
كما تقدمت الشركة بطلب لمركز البحوث الزراعية للسير فى إجراءات التقنين دون جدوى، وأمام هذه المماطلة اضطرت الشركة إلى إقامة 11 دعوى أمام القضاء الإدارى تطالب فيها وقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن تحرير عقود بيع للشركة عن الأرض إنفاذا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2843 لسنة 2009 .
تقدم أيمن الجميل بتاريخ 8/9/2014 بطلب للهيئة لإحالة الموضوع برمته للإدارة القانونية لإبداء الرأى، والتى أفادت بوجود قضايا متداولة أمام القضاء الإدارى ومن ثم فقد تم إيقاف التعامل مع الشركة حتى الحكم فى موضوع الدعوى، الأمر الذى دفع الشركة إلى إثبات ترك الخصومة فى الدعوى المذكورة لتتمكن من إنهاء الإجراءات.
وقام رجل الأعمال بتقديم عدد من الطلبات للدولة لتقنين وضع الأرض التى قام باستزراعها بالكامل، وهناك تقارير رسمية بعد معاينات من أكثر من لجنة تثبت أن أيمن الجميل قام باستصلاح هذه الأرض بالكامل، كما أثبتت لجان المعاينة أن المشروع به استثمارات أخرى تعود على الدولة بالملايين ومنها مشروعات استثمارية للإنتاج الحيوانى..فلماذا تأخرت الدولة فى تقنين وضع اليد للزراعات الجادة؟.
وأكد خبراء الزراعة، أنه على الدولة استغلال حصيلة مستحقات تقنين وضع اليد بالأراضى الصحراوية للزراعات الجادة فى تمويل استصلاح المليون و500 ألف فدان، المرحلة الأولى ضمن خطة الرئيس عبد الفتاح السيسى لاستصلاح 4 ملايين فدان، بإنشاء بنية أساسية وعمل مجتمع زراعى صناعى متكامل وتوفير فرص العمل للشباب، بتسهيل الإجراءات فى تقنين وضع اليد للزراعات الجادة، وتسهيل إجراءات المستثمر أو المنتفع وحصوله على مستند يثبت الجدية فى الزراعة، حتى لا يقع فى براثن شبكة الفساد متعددة الحلقات التى وقع فيها كبار المستثمرين حفاظ على حقهم القانونى، والابتعاد عن الطرق الملتوية فى تسهيل إجراءات التقنين الوهمية، فإغلاق منافذ الفساد وتسهيل الإجراءات أمام الجادين لتقنين أوضاعهم، الذى أعانوا الكثير فى استصلاح وزراعة تلك الأرض الصحراوية الجرداء، يزيد من الاستثمارات الزراعية وفرص العمل، وزيادة المساحات من الرقعة الزراعية.