هناك تفاعلات جادة من قوى وتيارات سياسية وأهلية، مع دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى حوار سياسى موسع، بمشاركة كل التيارات دون تمييز أو استبعاد، وهى المبادرة التى أطلقها الرئيس فى إفطار الأسرة المصرية، وكلف إدارة المؤتمر الوطنى للشباب بالتنسيق مع كل التيارات السياسية الحزبية والشبابية لإدارة حوار سياسى حول أولويات العمل الوطنى خلال المرحلة الراهنة، ويمكن توقع دور أكبر للتيارات والأحزاب السياسية، خلال هذه المرحلة.
وبناء عليه ومن خلال التفاعلات التى تمت، نحن أمام فرصة سانحة، تقدم الكثير من الوعود للقوى السياسية والتيارات الحزبية وغير الحزبية، انطلاقا من دعوة ومبادرة واضحة تشمل كل القوى السياسية بدون استثناء او استبعاد.
وهذه القاعدة، تشمل كل من لم يتورط فى إرهاب أو عنف ولم تتلوث يده بالدم، ولا بالتحريض، ويخطئ أى طرف يتصور أن الدعوة للحوار تأتى من موقف الحاجة أو التراجع، وقد جرب الجميع السنوات الماضية، ويعرفون أن القرارات محلية تصدر من حاجات المجتمع وبناء على مطالب الداخل وضرورات الممارسة الطبيعية، من دون خضوع لأى تدخلات أو حتى محاولات خارجية للتدخل.
وفى الوقت ذاته، يخطئ من يتصور أن القوى المختلفة للتيارات السياسية مهمشة، أو مدعوة لحوار شكلى، لأن المبادرة انطلقت من الرئيس ممثلا للدولة والمؤسسات، وتحمل قدرا كبيرا من الرغبة فى إدارة التنوع لصالح المجتمع وانطلاقا للمستقبل، مع التعامل على قدم المساواة مع كل الأطراف.
وأفضل طريق هو الدخول للحوار من دون تصورات أو رؤى مسبقة، وبناء على أجندة سياسية تراعى التنوع والاختلاف فى التفاصيل، مع وجود نقاط أساسية تمثل خيارا عاما تتفق عليه القوى الوطنية، وإن كانت تختلف فى تفاصيل وأولويات التحقيق.
ويعرف المتابع للخرائط والتحركات ان الدولة قطعت شوطا بعيدا فى بناء الاستقرار ومواجهة الإرهاب، وهى مواجهة دفع فيها الشعب ثمنا غالبا ماديا، وآخر من أرواح شهدائه وأجسادهم، وهذا الثمن يفترض أن يستقر ويرسخ فى الأذهان، ومعه الكثير من المبادرات فى مجالات الصحة والمجتمع ونقل العشوائيات والحقوق الاجتماعية والاقتصادية. وقد أعلنت الأكاديمية الوطنية للتدريب، إدارة الحوار الوطنى بكل تجرد وحيادية تامة، وأن يتمثل دورها فى التنسيق بين الفئات المختلفة المشاركة بالحوار دون التدخل فى مضمون أو محتوى ما تتم مناقشته، وإفساح المجال أمام حوار وطنى جاد وفعال وجامع لكل القوى والفئات، ليكون خطوة تساعد على تحديد أولويات العمل الوطنى وتدشن لواقع يقبل بالجميع، دعوة الأكاديمية وجدت استجابة من تيارات وتحالفات سياسية، منها تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، وحركة 6 إبريل، وأحزاب الوفد، والمؤتمر، والمصرى الديمقراطى الاجتماعى، والمصريين الأحرار، ولجنة العفو الرئاسى، والشعب الجمهورى، والتحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى، ونظن أن الأحزاب القائمة - بشكل عام - تستجيب للدعوة إلى الحوار وكل القوى التى تدرك أهمية المشاركة سوف تستجيب، مع بعض الأطراف التى تحتفظ بموقف غير مفهوم، وتفضل إعلان مواقفها لجمهورها فى مواقع التواصل الاجتماعى، وهى قوى يصعب الرهان عليها، خاصة أنها اعتادت هذه المواقف على مدار 12 عاما، فضلا عن تيارات اعتادت المزايدة ومضغ العبارات نفسها، بحثا عن دور تحت الأضواء وليس فى الواقع. والحوار يأتى بعد شهور من إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتى تشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مع الحقوق السياسية وحريات التعبير، وتزامنا مع المبادرة، تم تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسى، التى اتخذت خطوات انتهت لخروج عدد من المحتجزين على ذمة قضايا، وهذه اللجنة تقوم بعملها، وبشكل منفصل عن الحوار، والذى يفترض ان يتم بصراحة ومكاشفة، وربما تكون الأحزاب القائمة بحاجة لطرح وتقبل أسئلة عن الكم والكيف والمستقبل، وبجانب المطالب يفترض تحديد السياقات والمواثيق التى تحكم علاقة التيارات ببعضها والفصل بين العمل السياسى، والعمل الأهلى، وضبط قضايا التمويل والخطاب، والقواعد الحاكمة للتفاعل بين هذه الأحزاب وعملها المشترك أو الفردى.
كلها نقاط يفترض طرحها بوضوح، حتى يمكن استغلال فرصة حوار يمكن أن يكون فارقا فى رسم خرائط المستقبل.