لا تزال أصداء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى تشغل الرأى العام العالمى وتحديدا الأوروبى، نظرا لتأثير ذلك على القارة العجوز، واجتمع صباح اليوم ممثلون عن الـ27 دولة فى الاتحاد، وفدريكا موجرينى، الممثلة العليا للسياسة الأمنية والخارجية للاتحاد الأوروبى، كممثل عن الاستراتيجية الأوروبية العالمية، وقرروا فى بيان لهم أن يجتمعوا مرة أخرى فى 16 سبتمبر فى براتيسلافا بدون بريطانيا، لبحث كيفية خروجها، وفق ما أعلن رئيس المجلس الأوروبى دونالد توسك فى بروكسل.
وأضاف البيان الذى وزعته سفارة وفد الاتحاد الأوروبى بالقاهرة اليوم، أن رؤساء حكومات الـ 27 دولة وكذلك رؤساء المجلس الأوروبى والمفوضية الأوروبية، يأسفون لنتيجة الاستفتاء الذى انتهى بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، ولكنهم يحترمون إرادة الشعب البريطانى، مؤكدين أنه حتى يتم الخروج النهائى، تظل قوانين الاتحاد الأوروبى ملزمة ومطبقة داخل المملكة المتحدة، وذلك فيما يتعلق بالحقوق والالتزامات.
ودعت دول الاتحاد الأوروبى بريطانيا لتنظيم خروجها، مؤكدين أن الحكومة البريطانية عليها أن تبلغ المجلس الأوروبى بنية المملكة المتحدة للخروج، وأن تفعل ذلك فى أقرب وقت ممكن، "ولن يكون هناك أى مفاوضات من أى نوع قبل أن يتم هذا".
وأكدت دول الاتحاد الـ27 أنه بمجرد إبلاغ بريطانيا بنيتها، سيضع المجلس الأوروبى إرشادات التفاوض للتوصل لاتفاق مع المملكة المتحدة.
ولكن ما الذى ستخسره بريطانيا بخروجها من الاتحاد الأوروبى؟
وفقا للوكالة الفرنسية، ستخسر المملكة المتحدة العديد من المزايا من بينها:
التأشيرة:
الأثر الأقرب زمنيا سيكون فى مجال حرية التنقل للرعايا البريطانيين داخل باقى دول الاتحاد الأوروبى.
ويستطيع البريطانى، اليوم، ببطاقة هويته وحدها التحرك داخل فضاء "شنجن" حتى إن لم تكن بريطانيا عضوا فيه، وبعد الخروج من الاتحاد الأوروبى سيتوجب على البريطانيين الحصول على تأشيرة دخول لزيارة دول الاتحاد الـ27، وفى الوقت الحالى تفرض 44 دولة من 219 ، تأشيرة على البريطانيين.
- السفر:
سيتعين على الأسر البريطانية إنفاق مال أكثر من السابق لقضاء عطلتهم فى القارة العجوز، وليس فقط بسبب تدهور قيمة الجنيه الإسترلينى أمام اليورو ما سيقلص من مقدرتهم الشرائية، بل أيضا لأن الاتفاقات الأوروبية تتيح لأى شركة طيران أوروبية العمل فى المجال الجوى الأوروبى دون قيود على مستوى الوتيرة أو الأسعار.
وكان مايكل أوليرى، المدير العام لشركة الطيران المنخفضة الأسعار "ريان أير" قال فى مايو، إن السوق الموحدة أتاحت لريان إير النهوض بثورة السفر القليل الكلفة فى أوروبا، هذا دون الحديث عن نفقات المكالمات عبر الهواتف النقالة، التى تم توحيدها على المستوى الأوروبى، أو القوانين الأوروبية التى تتيح تعويضًا ماليًا فى حال تأخير رحلة أو إلغائها.
- الوظائف:
إذا كان أنصار مغادرة بريطانيا الاتحاد جعلوا من الحفاظ على وظائف البريطانيين أحد حجج حملتهم، فإنه من المرجح أن يترافق الخروج من الاتحاد مع تغيير مقار الكثير من الوظائف، خصوصًا فى البنوك الكبرى.
كان جيمى ديمون، رئيس مجلس إدارة جى بى مورجن، حذّر فى مستهل يونيو، من أن هذا البنك الأمريكى الذى يعمل لديه أكثر من 16 ألف شخص فى المملكة المتحدة، يمكن أن يلغى ما بين ألف و4 آلاف وظيفة، كما يعتزم مورجن ستانلى، نقل ألف من الوظائف الـ6 آلاف فى بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبى، وينوى جولدمان ساكس نقل 1600 وظيفة على الأقل.
- بالنسبة للبريطانيين المقيمين فلا أوروبا
سيتسبب مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبى بمشكلات كثيرة أيضا لـ1.3 مليون بريطانى، يعيشون فى دول أوروبية أخرى بينها، وخصوصا إسبانيا "319 ألفا" وأيرلندا "249 ألفا"، وفرنسا "171 ألفا" وألمانيا "100 ألف".
- التقاعد:
قد يرى المتقاعدون البريطانيون عائداتهم تنهار مثل الثلج تحت الشمس بسبب تدهور سعر صرف الجنيه الإسترلينى.
وقال براين هينشكليف، المتقاعد من التعليم والمقيم منذ العام 2000 فى بيريجورد "فرنسا": "أنا أقبض تقاعدى فى المملكة المتحدة بالجنيه الإسترلينى، وسأنظر عاجزا إلى دخلى وهو يتقلص، وسيكون على أن أتساءل بماذا يجب أن أضحى؟ بالإجازات؟، أم بالسيارة؟، أم بالمنزل؟، أم أنه على أن أعود إلى إنجلترا؟
- التأمين على المرض:
المشكلة الأخرى التى ستطرح، تتعلق بالتغطية الصحية للجاليات الإنجليزية فى فرنسا مثلا، حيث يتمتعون بالنظام الصحى الوطنى، وتدفع عنهم وزارة الصحة البريطانية بموجب اتفاق ثنائى، كما أنه قد يصبح مطلوبا الحصول على ترخيص للعمل للبريطانيين المقيمين فى دول الاتحاد الأوروبى.
- موظفو المؤسسات الأوروبية:
مصير ألف كادر بريطانى يعملون فى المؤسسات الأوروبية، وخصوصا فى بروكسل يبدو غامضا، بعضهم بدأ التفكير فى الحصول على جنسية أوروبية ثانية خصوصا البلجيكية.
-الجغرافيا:
خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى يمكن أن يعقد العلاقات مع بعض جيرانها، فقد تفكر إسبانيا فى غلق حدودها مع جبل طارق الصخرة الكبيرة، التى تبلغ مساحتها 6 كيلومترات مربعة، والملتصقة بالأندلس حيث يعيش 33 ألف بريطانى.
وفى الشمال يمكن أن يؤدى خروج بريطانيا إلى إقامة حدود بين آيرلندا الشمالية وآيرلندا، ما سيؤثر على حركة آلاف الأشخاص يوميا.
أما صحيفة الإندبندنت البريطانية فرصدت كذلك نتائج خروج بريطانيا من أوروبا ومن بينها :
ارتفاع معدل التَضخم
سينعكس انخفاض قيمة الجنيه الإسترلينى على الواردات بالطبع لتصبح تكلفتها أعلى، مما يعنى أن التضخم من المرجح أن يعود، وهى ظاهرة قد يجهلها الكثير منا ولا يعتاد عليها بسبب ثبات الأسعار لفترة طويلة، إذ كان أقصى ارتفاع سُجّل هو 2% فى السنة.
وقد لا يكون التأثير ملحوظاً فى الأشهر القليلة الأولى، ففى البداية، سوف يقتصر ارتفاع الأسعار على السلع المستوردة، وأبرز تلك السلع ستكون المواد الغذائية والملابس، ولكن يبدو أن التضخُّم على استعداد للانتشار.
وفى حين يرحب بعض الاقتصاديين بجرعة صغيرة من التضخم باعتبارها أمرًا جيدًا، وذلك لأنها ستقوم بتحفيز النشاط الاقتصادى وستمنع حدوث ركود فيه وتحويله إلى تدهور تدريجلا أو حتى منع الركود والكساد على المدى الطويل على غرار الطريقة اليابانية.