لا تزال تبعات حادث إطلاق النار فى ضاحية بافلو بولاية نيويورك الأمريكية مستمرة، حيث كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن تفاصيل جديدة تتعلق بمنفذ حادث إطلاق النار يوم السبت الماضى، والذى أسفر عن مصرع 10 أشخاص. وقالت الصحيفة أن بايتون جيندرون، طالب المدرسة الثانوى، منفذ الهجوم، عندما سئل العام الماضى عن خططه لمشروع التخرج، قال إنه يريد أن يقتل وينتحر، بحسب ما قال أحد مسئولى إنفاذ القانون المطلعين على الأمر.
وزعم جيندرون أنه يمزح، إلا أنه تم استدعاء الشرطة للتحقيق وتم القبض على جيندرون، الذى كان يبلغ من العمر 17 عاما فى هذا الوقت، بموجب قانون الصحة العقلية فى ولاية نيويورك، بحسب ما ذكر مسئولو الشرطة. وتم إجراء تقييم نفسى له فى المستشفى لكن تم إطلاق سراحه بعد يومين. وتخرج بعد أسبوعين، وخرج من دائرة مراقبة المحققين.
وعاد للظهور يوم السبت الماضى فى بافلو، حيث قالت السلطات إنه فتح النار على متجر فى منطقة يهيمن عليها السود وقتل 10 أشخاص وأصاب ثلاثة آخرين فى واحدة من أشد المذابح دموية فى التاريخ الحديث للولايات المتحدة.
وبعد انتهاء المذبحة، وضع جيندرون سلاحه على عنقه، لكن اثنين من الضباط أقنعاه بأن يسقط سلاحه ويستسلم.
وتم اتهامه بجريمة قتل من الدرجة الأولى، وينتظر أن يقضى حياته فى السجن، بينما يحاول المحققون البحث فى ماضيه لجمع معلومات عن الكيفية التى تحول بها من طالب هادئ إلى قاتل متهم دون أن يواجه مزيدا من التدقيق الأمني.
وأوضحت الصحيفة أن ولاية نيويورك لديها ما يعرف باسم قانون الإشعار الأحمر، والذى بموجبه يمكن أن يتم إجبار الأشخاص الذين يمثلون خطرا على تسليم ما لديهم من أسلحة، لكن لم يحاول أحد استخدام هذا القانون مع جيندرون. وقالت شرطة نيويورك أن الجانى لم يحدد هدفا معينا فى تهديده بقتل شخص ما.
وقد أعلن البيت الأبيض عن زيارة الرئيس جو بايدن والسيدة الأولى جيل بايدن لمنطقة بافلو بولاية نيويورك يوم الثلاثاء، للقاء القادة المحليين فيها وأعضاء المجتمع فى أعقاب حادث إطلاق النار الذى خلف عشرة قتلى.
وقال البيت الأبيض فى بيان أن جو وجيل بايدن سيشاركان المجتمع هناك حزنهم على الأرواح العشرة التى فقدت فى إطلاق النار الجماعى المروع. وتجرى الشرطة تحقيقا فى الحادث كجريمة كراهية، حيث أن 11 من بين 13 من الضحايا من السود.
وكان بايدن قد قال فى خطاب له أمس، الأحد، فى أن الكراهية المتجذرة فى الهجوم هى وصمة عار على روح أمريكا.
وفى تقرير آخر، صحيفة نيويورك تايمز الضوء على ما يسمى بنظرية "الاستبدال" التى يروج لها المتطرفون البيض فى الولايات المتحدة، والتى تزعم أن النخب الغربية تريد استبدال الأغلبية البيضاء بجماعات عرقية أخرى.
وتحدث الصحيفة عن تلك النظرية التى تجلت فى عدد من حوادث إطلاق النار الدموية الأخيرة، وقالت إنه فى الهجوم على المعبد اليهودى فى بترسبرج عام 2018، فتح رجل أبيض لديه تاريخ من المنشورات الإلكترونية المعادية للسامية، النار على 11 من المصلين، وألقى باللوم على اليهود لسماحهم بدخول الغزاة المهاجرين إلى الولايات المتحدة.
وفى العام التالى، فتح مسلح أبيض آخر، غاضب مما أسماه غزو الإسبان لتكساس، النار على المتسوقين فى متجر والمرت بإل باسو، مما أسفر عن مقتل 23 شخص، وأخبر الشرطة فيما بعد انه سعى لقتل المكسيكيين.
وفى إطلاق نار جماعى دموى آخر، وقع فى بافلو يوم السبت الماضى، يواجه شاب أبيض مسلحة بأسلحة ثقيلة بقتل 10 أشخاص بعدما استهدف سوبر ماركت فى الجانب الذى يقطنه السود من الضاحية الواقعة فى نيويورك، وكتب بيان كويل نشره على الإنترنت يقول فيه أن المتسوقين جاءوا من ثقافة سعت إلى استبدال قومه بشكل عرقى.
وقالت نيويورك تايمز أن الحوادث الثلاثة، والتى كان بها ثلاثة أهداف مختلفة، ترتبط جميعا بمعتقد منتشر ومتحور وأصبح يعرف الآن باسم نظرية "الإحلال" أو "الاستبدال". وتوضح الصحيفة أنها تعنى أن النخب العربية، وأحيانا ما يتم التلاعب بها من قبل اليهود، تريد أن تقوم باستبدال البيض الأمريكيين ونزع القوة منهم. وأصبحت تلك النظرية محرك العنصرية، وكانت مصدر إلهام فى موجة من عمليات إطلاق النار الجماعية فى السنوات الأخيرة، وأشعلت مسيرة اليمين المتطرف فى شارلوتسفيل فى فرجينيا عام 2017 والتى شهدت احادث عنيفة.
إلا أن نظرية الاستبدال، التى كانت تقتصر من قبل على مواقع القوميين البيض الغامضة، أصبحت سائدة الآن. وفى أشكال أكثر صمتا، فإن الخوف الذى تبلور من أمريكا لا يصبح فيها البيض هم الأغلبية العديدة، أصبح، بحسب الصحيفة، قوة فعالة فى وسائل الإعلام والسياسة المحافظة، حيث تم استعارة النظرية وإعادة مزجها لجذب جمهور لها، وتبرعات بمبالغ صغيرة.