عقد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير أحمد رشيد خطابي، مؤتمرا صحفيا، اليوم الأربعاء، لإلقاء البيان التمهيدي حول الملاحظات التي رصدتها بعثة الجامعة العربية حول الانتخابات النيابية فى لبنان يوم الأحد الماضي.
وقال خطابي إن مشاركة الجامعة العربية في متابعة الانتخابات النيابية في لبنان جاءت تلبيةً للدعوة التي تلقاها الأمين العام لجامعة الدول العربية من وزير الداخلية والبلديات، وتكريساً للخطوات الداعمة للبنان على مختلف الأصعدة.
وأضاف أن البعثة توخت خلال اللقاءات التي عقدتها مع العديد من الأطراف، ومنها وزير الداخلية اللبناني، ورئيس هيئة الإشراف على الانتخابات، ورئيس المجلس الدستورى، الانفتاح على شركاء العملية الانتخابية.
وعن تسجيل الناخبين، قال البيان الصادر عن بعثة الجامعة العربية لمراقبة الانتخابات النيابية في لبنان، إن الإطار القانوني المنظم للانتخابات أعطى جميع اللبنانيين البالغين 21 عاماً ويتمتعون بالحقوق المدنية والسياسية الحق في الاقتراع، بما في ذلك القاطنين بالخارج، موضحا أن القوائم الانتخابية تعتبر دائمة، ويتم تنقيحها سنوياً، كما نص الإطار القانوني على حق الطعن على قوائم الناخبين.
وأضاف أن وزارة الداخلية والبلديات اللبنانية أعلنت أن المجموع العام للناخبين المسجلين في قاعدة بيانات انتخابات مجلس النواب بلغ 3.970.507 ناخب منهم 225.624 ناخب بالخارج.
وأوضح أنه تم فتح باب الترشيح وفق الآجال القانونية، ووصل عدد اللوائح المترشحة لمقاعد مجلس النواب 103 لائحة، تتضمن 718 مرشحاً من بينهم 118 إمرأة، علماً جبأن المجلس يضم 128 مقعداً موزعين على أساس تمثيل طائفي ومناطقي طبقاً للدستور، كما أعطى القانون الحق في الترشح لكل مواطن يبلغ من العمر 25 سنة ميلادية، مما يعطي مؤشراً على تعزيز تواجد الشباب في البرلمان.
وحول الحملات الانتخابية، تابعت البعثة المرحلة الأخيرة من الحملة الانتخابية للمرشحين. وسجلت تراجعاً في حجم الأنشطة الخاصة بالحملات الانتخابية للمرشحين مقارنة مع استحقاق 2018. وقد يرجع ذلك، من بين معطيات أخرى، إلى إكراهات الوضع الاقتصادي والمالي والمعيشي.
بينما سجلت البعثة أن انتخابات المواطنين بالخارج جرت على مرحلتين وشهدت اقبالاً نسبياً، حيث بلغت 63.05 % رسمياً في 58 دولة، موضحة أنه تم تخصيص يوم كامل لتصويت موظفي مراكز الاقتراع (الأقلام) لتمكينهم من التفرغ لتدبير العملية الانتخابية يعد تجربة مبتكرة قد تسهم في جودة التنظيم.
وعن يوم الاقتراع، قام رئيس البعثة والوفد المرافق، مع افتتاح عملية الاقتراع، بزيارات ميدانية لمجموعة من المراكز الانتخابية في مختلف المناطق في بيروت وضواحيها، كما زار غرفة العمليات بوزارة الداخلية والبلديات للاطلاع على سير العمل وخاصةً كيفية التعاطي مع الشكاوى ومعالجة الإشكالات والتجاوزات التي ترد من المحافظات.
وانتشرت فرق البعثة في عدد من الدوائر الانتخابية في مختلف المناطق على امتداد التراب الوطني، حيث تفقدت 11 مكتب افتتاح و210 مكتب اقتراع، كما حضرت إجراءات عد وفرز الأصوات في عشرة مكاتب على أساس الانتشار الجغرافي للفريق.
وبحسب البيان، افتتحت معظم مكاتب الاقتراع التي زارتها البعثة خلال يوم الاقتراع في الموعد القانوني الساعة السابعة صباحاً، إلا أن البعض منها شهد تأخيراً في عملية الافتتاح بسبب عدم وصول موظفي المكاتب.
وشهدت عملية الافتتاح حضوراً ملحوظاً لمندوبي المرشحين والقوى السياسية، بالاضافة إلى عدد من المراقبين المحليين والدوليين ووسائل الإعلام في بعض هذه المكاتب.
ولاحظت البعثة أن عملية الاقتراع جرت في مناخ تنظيمي مقبول، وبأن بعض موظفي مكاتب الاقتراع في حاجة إلى التوعية والتدريب والإلمام المحكم بإجراءات المنظومة الانتخابية.
وعن الدعاية الانتخابية، رصدت البعثة استمرار مظاهر الدعاية الانتخابية خلال يوم الاقتراع في محيط عدد من مراكز الاقتراع من خلال تجمعات دعائية للقوى المتنافسة، مما يكون قد أثر على إرادة الناخبين وحقهم في الاختيار الحر.
ك
وفي هذا السياق، تأسف البعثة لما أعلنت عنه المصادر الحكومية والجهات المراقبة بشأن ما شاب اليوم الانتخابي من مظاهر عنف واشتباكات. وقد سجل فريق جامعة الدول العربية المتواجد في قضاء زحلة حدوث مواجهة مؤسفة بين أنصار حزبين متنافسين.
وعن مشاركة المرأة، سجلت البعثة زيادة في عدد المرشحات حيث بلغ العدد 118 مرشحة في 2022 مقابل 86 في انتخابات 2018، بينما رصدت حضوراً ملحوظاً للعنصر النسائي كناخبة في عملية التصويت وضمن تشكيل مراكز الاقتراع.
ودعت البعثة إلى تعميم أوسع لبرامج التوعية الانتخابية عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لتبسيط عملية التصويت، وذلك انطلاقاً مما لاحظته بمحدودية الوعي الكافي والدقيق للناخبيين باجراءات عملية الاقتراع في حالات محددة.
وسجلت البعثة انشغالات بعض مكونات الطبقة السياسية بشأن طبيعة النظام الانتخابي المعمول به، وهو نظام القائمة النسبية المفتوحة (الصوت التفضيلي) الذي يجعل التنافس أحياناً فيما بين مرشحي القائمة الواحدة نفسها. وهذا ما يثير حالة من التنافر وتغليب المصلحة الشخصية.
كما رصدت الاختلالات التي تكتنف مسالة تجاوز سقف الإنفاق الانتخابي في ضوء مطالبة قوى سياسية ومدنية تعزيز وإحكام آليات المراقبة المالية، وتقوية صلاحيات هيئة الإشراف على الانتخابات للقضاء على ظاهرة شراء الأصوات واللجوء إلى إغراءات عينية تتعارض مع مقومات نزاهة ومصداقية الفعل الانتخابي، حرصاً على حق الاختيار الحر والمتكافئ للناخبين.
وأشارت إلى استخدام بعض ألوان الطيف السياسي لخطاب تحريضي ومحاولات الحشد الانتخابي خلافاً لأحكام دستور الدولة والقانون الانتخابي، كما سجلت البعثة الجدل القائم حول موضوع "الصمت الانتخابي" من حيث تقسيمه ومدته وتأويلاته، مما قد يتطلب إعادة النظر في مقتضياته لرفع أي لبس في الاستحقاقات المقبلة.
واستطرد خطابي أن بعثة جامعة الدول العربية لمراقبة الانتخابات النيابية في لبنان ترى أن هذا الاقتراع جرى إلى حد بعيد في نطاق احترام مقتضيات القانون والأنظمة، موضحا أنها ستصدر تقريرها النهائي متضمناً ملاحظاتها التفصيلية وتقييمها النهائي وتوصياتها بعد انتهاء الفترة المخصصة للطعون وإعلان النتائج النهائية، لترفعه للأمين العام لجامعة الدول العربية، لإحالته لاحقاً إلى الجهات المعنية بالجمهورية اللبنانية.
وأعرب عن تطلعه لتكون الانتخابات النيابية في لبنان مرحلة جديدة في العمل الوطني الهادف والبناء يضطلع فيها البرلمان بدور كامل وفعال في الدفع بمسار التغيير والإصلاحات بما يتماشى مع الطموحات المشروعة للشعب اللبناني في الاستقرار والعيش الكريم.