"الديرس" قرية تتغلب على البطالة بالفن والإبداع.. يحترف أبناؤها زخرفة الزجاج.. تضم العشرات من مصانع وورش تلوين ونقش الأوانى الزجاجية.. ومنتجاتها تغطى أنحاء الجمهورية ومصدر دخل لأبناء القرية والمحافظات

بمجرد أن تزور قرية الديرس التابعة لمدينة أجا بمحافظة الدقهلية، يجذبك أبنائها وهم يجتمعون سويا أمام طاولات خشبية، اصطفت عليها كؤوس زجاجية ومجموعة من الألوان والفرش، يرسمون بأناملهم الساحرة زخارف ونقوش على الكؤوس والأواني الزجاجية، يتفننون في نحتها وتلوينها بألوان مبهجة وزاهية في مصانع وورش شيدت بإبداعاتهم، يتسابقون في إبراز جمال الزجاج بتحويله للوحات فنية غاية في الروعة والجمال بمهارة واتقان وحرفية عالية. اشتهرت قرية الديرس التابعة لمدينة أجا بمحافظة الدقهلية، لعقود طويلة باحتراف أبنائها زخرفة الزجاج والنقش عليه، حيث نجحوا بمهارتهم العالية أن ينفردوا ويتميزوا بحرفتهم ويبرعوا فى فن الرسم والنقش على الكؤوس والأوانى الزجاجية، المصرى منها والمستورد بشكل لافت وجذاب، مكتسبين خبرتهم ومهارتهم من قرية جراح معقل صناعة وزخرفة الزجاج في محافظة الدقهلية، والتي تبعد 15 كيلو مترا عن مدينة المنصورة، ولقبت بـ"القرية الزجاجية" بعدما هزمت البطالة بمنتجات الزجاج. ورصدت عدسة "انفراد"، ساعات طويلة من العمل الشاق يقضيها أبناء القرية والقرى المجاورة برجالهم ونسائهم وشبابهم، بين زخرفة ونقش المنتجات الزجاجية يدويا وبالحفر والليزر وبـ"الدكالة البارزة" فى أحد مصانع القرية لإنتاج 100 كرتونة يوميا من الكؤوس الزجاجية الجاهزة للبيع. وفى هذا الصدد، قال محمد أحمد مدير إنتاج بأحد المصانع لـ"انفراد"، إن قرية الديرس لا تعرف البطالة، كون معظم أبنائها يعملون في مجال نقش وزخرفة المنتجات الزجاجية، ووصلوا بمنتجاتهم لمعظم القرى والمحافظات، مشيرا إلى أن القرية تضم العشرات من الورش والمصانع المتخصصة في زخرفة الزجاج، والتي يأتي عملها مكملا لعمل مصانع قرية جراح قلعة صناعة الزجاج في محافظة الدقهلية. وتابع أن مجال زخرفة الزجاج، يعد فنا وإبداعا من نوع خاص، حيث يقوم من خلاله المزخرفون بالتعبير عن إبداعاتهم وإمكانياتهم وقدراتهم الفنية من خلال الحفر والنقش والرسم والألوان، كمرحلة فنية تبدأ بعد توفير المنتجات الزجاجية الجاهزة من داخل مصر أو خارجها كتركيا والسعودية، أو بشراء المصنع منها في مصانع وورش قرية جراح، والتي تم صناعتها وتشكيلها بعد سحق وخلط الزجاج الكسر بالرمل الجبلي ذي اللون الأبيض في حفر عميقة، ثم بوضع هذا الخليط في فرن من الطوب الحراري يعمل بالغاز والكهرباء في درجة حرارة عالية تصل إلى 1000 درجة مئوية حتى يتحول إلى عجينة سهلة لينة صالحة للتطويع والتشكيل، ومن ثم تشكيل وتطويع الكأس الزجاجي بأخذ قطعة صغيرة من العجينة بواسطة سيخ من الحديد مفرغ من الداخل لنفخ الهواء به مع كل مرة ووضع العجينة على قالب حديدي لتشكيل قاعدة الكأس ثم قطعة أخرى لاستكمال جسم الكأس ثم قص الزوائد، وتحميص الكؤوس والكاسات بوضعها داخل الفرن حتى يخرج في النهاية مكتملا شديد الصلابة، مشيرا إلى أن بعدها تبدأ مرحلة النقش والزخرفة. وأشار إلى أن مراحل زخرفة الزجاج تبدأ بالحفر الديوي أو الآلي، ومن ثم مرحلة الزخرفة أو "التدهيب"، والتي يتم فيها تلوين أجزاء من الأكواب الزجاجية باللون الذهبي، ومرحلة "اللاستر" والتي يتم فيها تلوين الزجاج بألوان تعطي درجة ثبات في الحريق، ثم تأتي المرحلة النهائية وهي دخول جميع منتجات الزجاج من كؤوس وأكواب زجاجية لفرن الحريق، والذي يتم توزيع وتقسيم الكؤوس الزجاجية فيه وفقا لنوعها وصلابتها، مشيرا إلى أن الكؤوس الزجاجية المصنوعة محليا يتم وضعها في الأسفل أي في مستوى بعيد عن حرارة الفرن؛ لضعفها، بينما الزجاج المستورد فيتم وضعه في الصفوف الأولى بالفرن من الأعلى؛ لجودته العالية وصلابته، وفي النهاية تأتي مرحلتي التطقيم والتعبئة في العلب والكراتين. وأوضح أن مهنة زخرفة الزجاج تعد مصدر دخل أساسي لعدد كبير من أبناء القرية والقرى والمحافظات المجاورة، حيث يعمل بها عدد كبير جدا من الرجال والنساء والشباب ممن يمتلكون المهارة والخبرة والحرفية العالية في زخرفة الزجاج، مشيرا إلى أن نساء القرية موهوبات ومحترفات ورائدات في مجال تزيين ونقش المنتجات الزجاجية، والذي يعد فنا وإبداعا أكثر من كونه مهنة.