فى الوقت الذى لا تزال فيه تداعيات التضخم تؤثر على كافة المستهلكين فى جميع أنحاء العالم، فإن الأمريكيين يعانون على وجه الخصوص من نقص فى المعروض من بعض السلع الأساسية، وعلى مدار الأسابيع الأخيرة، تصدرت أزمة نقص لبن الأطفال عناوين الصحف التي تابعت عملية "الحليب الطائر" التي أطلقتها إدارة بايدن لجلب الحليب من الخارج.
وكان أحدث السلع التي تشهد تراجعا شديدا فى الأسواق الامريكية هوالبيض، وهو عنصر غذائى رئيسى لاغنى عنه لكافة الأسر، وأدى هذا النقص إلى ارتفاع كبير فى أسعار البيض فى ظل مؤشرات تؤكد أن هذا المنتج الرئيسى سيشهد مزيدا من الارتفاع فى الفترة المقبلة.
وذكرت وكالة بلومبرج أن البيض سيصبح أغلى مع تراجع الإنتاج الامريكى لمعدل متدن غير مسبوق منذ 7 سنوات، وذلك فى ظل أحد أسوأ موجات تفشى انفلونزا الطيور على الإطلاق.
وذكرت الوكالة أن سعر البيض سيرتفع بمقدر 21% مقارنة بما كان عليه قبل عام، وهو اعلى ارتفاع بين كل السلع الغذائية التي تتبعها وزارة الزراعة الامريكية، وفى إبريل، كان التوقع بان تكون الزيادة بين 6% و7%.
وذكرت الوكالة أن تفشى أنفلونزا الطيور أثر على أكثر من 38 مليون طائر فى الولايات المتحدة، ما أدى إلى تراجع أعداد الطيور التي تضع البيض وتراجع إنتاج البيض إلى ادنى مستوى منذ عام 2015، وهى آخر مرة أثرت فيها فيروس أنفلونزا الطيور بشكل كبير على صناعة الدواجن.
ووفقا لبلومبرج، فإن تكاليف الدهون والزيوت ترتفع أيضا، ورفعت وزارة الزراعة الأمريكية تقديرات السعر نحو 11% مقارنة بالعام الماضى.
وكان تفشى أنفلونزا الطيور قد بدأ فى يناير الماضى فى الولايات المتحدة وقتل نحو 6% من الدجاج الذى يضع البيض، ولا يزال المرض نتشر، وتمثل تغذية الدواجن وعلاجها أغلب ثمن البيض.
وكان المكتب الأمريكي لإحصاء العمل أعلن هذا الشهر أن أسعار البيض في الولايات المتحدة قفزت بما يزيد عن 23% خلال أبريل الماضي بالمقارنة بشهر مارس من هذا العام ليصل سعر الدستة أكثر من 2.5 دولار بسبب انتشار فيروس إنفلونزا الطيور الذي فتك بحوالي 10% من الدجاج البياض أو ما يعادل 29 مليون دجاجة بياضة من إجمالي أكثر من 300 مليون دجاجة عادية ورومية في أسوأ وباء من نوعه في تاريخ الطيور الأمريكية.
وصعدت أسعار البيض في الولايات المتحدة من حوالي 1.5 دولار للدستة في بداية عام 2020 عندما ظهر وباء كورونا إلى أكثر من 2.5 دولار للدستة بارتفاع يتجاوز 66% مع نهاية الشهر الماضى بسبب إنفلونزا الطيور وارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية اللازمة للطيور بسبب غزو روسيا لجارتها أوكرانيا، وهما من أكثر دول العالم تصديرا للمحاصيل الغذائية والأسمدة الزراعية.
ولا تقتصر الأزمة على الولايات المتحدة، فتواجه بريطانيا مأزقا فى إنتاج البيض تهدد بمزيد من رفع سعره أمام المستهلكين الذين يعانون بالفعل من ارتفاع كافة أسعار السلع الأساسية فى ظل موجة تضخم عالمية.
وكانت صحيفة الجارديان البريطانية ذكرت أن المستهلكين يمكن لأن يواجهوا ارتفاعا فى أسعار البيض مع خفض المزارعين فى بريطانيا لأعداد الدواجن، فى ظل ارتفاع التكاليف وهامش الربح غير الكاف.
وذكرت الصحيفة أن عدد الكتاكيت التي وضعها منتجو البيض فى إبريل انخفض بنسبة 15% مقارنة بالعام السابق، وفقا لأحدث الأرقام الحكومية. وكان مزارعو البيض يحذرون منذ أشهر من أن موجة مد وجزر من ارتفاع التكاليف فى التغذية والطاقة والعمالة والتعبئة لم تنعكس فى أسعار التجزئة.
وانتقدوا المتاجر لتجاهل التحذيرات الصناعية، حيث قال أحد المنتجين الأساسيين فى معرض الدواجن والخنازير البريطاني الأسبوع الماضى إنه يتوقع نقصا فى البيض فى وقت لاحق هذا العام نظرا للخفض فى عدد البيض الذى وضعته الدواجن.
وتؤكد بيانات الحكومة البريطانية انخفاضا فى إعادة تكديس المنتجات لأسرابهم بالطيور الجديدة. وانخفض عدد البيض الذى تضعه المفرخات بشكل كبير فى إبريل، ووصلن نسبة الإنخفاض إلى 35% مقارنة بالعام السابق. ويشير عدد الكتاكيت لتى يضعها منتجو البيض إلى عدد البيض الذى سيكون متاحا للمستهلكين فى الأشهر المقبلة.
من ناحية أخرى، ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى" إن سعر الدجاج يواجه ارتفاعا فى بريطانيا، ويقول القائمون على تلك الصناعة إن الحرب فى أوكرانيا وأسعار الطاقة إلى جانب بريكست جميعها تجعل الأسعار أكثر ارتفاعا.