رئيس تحالف القوى الوطنية الليبية يكشف أسرارا لأول مرة.. محمود جبريل: طلبت من المشير طنطاوى تقديم دعم عسكرى لليبيا لكنه تردد خوفا على المصريين.. الإخوان خططوا لجعل ليبيا"بيت مال" لمشروعهم بشمال أفريقيا

نقلا عن العدد اليومى...

-محمود جبريل: مصر يمكنها قيادة جهد عربى يكون بديلاً لدور الأمم المتحدة -رئيس تحالف القوى الوطنية الليبية: أمير قطر اشتبك كلامياً معى مرتين لمعارضته قرار حل التشكيلات العسكرية فى طرابلس.. و«الناتو» تدخل لتصفية حسابات مع القذافى كشف رئيس الوزراء الليبى الأسبق الدكتور محمود جبريل، رئيس تحالف القوى الوطنية الليبية، عن أنه التقى وزير الدفاع الأسبق المشير محمد حسين طنطاوى فى عام 2011 مرتين، وطالبه بتقديم دعم عسكرى مصرى لليبيا، وقال، فى حوار لـ«انفراد»، إن قتل عبدالفتاح يونس كان بمثابة إجهاض مبكر لمحاولة بناء جيش وطنى ليبى عام 2011 لأن الشهيد تنبه مبكرا لضرورة بناء جيش، موضحا أنه لا توجد سيادة وطنية من دون جيش قوى يحفظ ويضمن السيادة.

وتابع أنه يذكر للفريق «حفتر» أنه أول من تجرأ لمحاربة الإرهاب بعدما كان يتم استهداف العسكريين والمدنيين فى وضح النهار ببنغازى، مشيرا إلى أن التخطيط لمشروع تيار الإسلام السياسى فى شمال أفريقيا بعد سيطرة الإخوان فى مصر وتونس وحكم الإخوان فى المغرب، كان يتضمن أن تكون ليبيا بيت مال المسلمين الممول للمشروع الإخوانى.. وإلى نص الحوار: بداية ما تقييمكم للمشهد الراهن فى ليبيا مع انتشار التشكيلات المسلحة؟ وهل يلوح فى الأفق تدخل عسكرى غربى فى ليبيا؟ - انتشار الإرهاب فى ليبيا متوقع عقب سقوط نظام القذافى، وقد ناشدت المجتمع الأوروبى فى بروكسل أكتوبر 2011 بعدم ترك ليبيا لأنها أصبحت مجتمعا من دون دولة، فطيلة عصر القذافى لم توجد أى مؤسسات للدولة فى ليبيا وحذرنا الدول الغربية من عدم مساعدة ليبيا وهو ما يمكن أن يجعلها مرتعا للإرهاب، وللأسف لم يستمعوا إلى التحذيرات، فما حدث فى ليبيا ندفع ثمنه اليوم، والإرهاب فى ليبيا كان يتمدد تحت سمع وبصر المجتمع الدولى، وقد اكتشفوا بعض الخلايا الإرهابية خلال المواجهات مع كتائب القذافى ولم يكن ذلك مثيرا للقلق لديهم، أما تدخل الناتو فقد كان لتصفية حسابات قديمة مع القذافى وليس لحماية المدنيين.

واتهام المجلس الانتقالى وتحديدا محمود جبريل فى مسألة موضوع تدخل الناتو فى ليبيا، هو اتهام باطل، فحلف «الناتو» ليس حافلة يتم استئجارها من محطة الحافلات، والمجلس الوطنى الانتقالى عام 2011 كان جسما ضعيفا لم يتم الاعتراف به من كل دول العالم ما عدا فرنسا، فالناتو تدخل بناء على طلب من مجلس الأمن على أساس قرارين من الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجى، وقد كنا خارج الجامعة العربية أثناء اتخاذ قرار التدخل.

وما يتردد الآن عن أن الغرب ينتظر موافقة حكومة وفاق وطنى حتى يحارب الإرهاب ويدعم الجيش، أمر غير صحيح، فالأمريكان استهدفوا متطرفين فى مدينة صبراتة واختطفوا عناصر إرهابية من داخل طرابلس وبنى غازى دون أى إذن، فليبيا دولة منتهكة السيادة.

وأريد أن أؤكد أن القضية الآن مزدوجة الأهداف، فهناك إصرار على تمرير حكومة الوفاق الوطنى ليس لإعطاء شرعية التدخل فى البلاد، فالغرب لا يبحث عن أى رخصة للتدخل، القضية أبعد من ذلك لأن ما تبقى من أموال ليبية هو الهدف الحقيقى، فما تبقى من الأموال الليبية المجمدة حوالى 53 مليار دولار بعدما كان يتجاوز 120 مليار دولار بعد سقوط القذافى.

وما صحة ما تردد عن طرح فرنسا فى عام 2011 مبادرة لتقسيم ليبيا ودعم قطر لذلك؟ - لم تطرح أى مبادرة لتقسيم ليبيا، وما طرحه الرئيس الفرنسى السابق ساركوزى كان مبادرة حملها بشير صالح إلىّ، وكنت وقتها فى نيويورك وتلقيت اتصالا من الإليزيه بضرورة العودة لباريس لمناقشة أمر عاجل، قطعت الزيارة وتوجهت لفرنسا وكان لى لقاء مع ساركوزى بحضور رئيس الوزراء ووزير الخارجية ورئيس الاستخبارات ومستشار ساركوزى، وتم عرض المبادرة باستفاضة، وكانت أول مبادرة يعرضها النظام تتناول تنازل القذافى عن الحكم، وكانت جديرة بالتفكير والإمعان والتحليل، حيث كان يمكن أن تؤدى لرأب الصدع وتنقذ البلاد مما هى فيه، وطرح ساركوزى تساؤلا حول مصير القذافى: هل يترك فى جنوب البلاد وتكون هناك قوة فرنسية لحمايته أو فى مدينة سرت أو يغادرها لأوغندا، على أن يتولى المجلس الانتقالى الحكم؟ ورشحنى أنا لتولى الحكم وقلت له إن قضية من يحكم ليبيا تعود لليبيين فقط، وفى المرحلة الثانية يكون لسيف الإسلام القذافى الحق فى دخول الانتخابات، قلت له: سأعرض المبادرة على المجلس الانتقالى، وسأوافيك بالرد، وكان فى عجلة من أمره، وطلب الرد بسرعة، وسألنى عن رأيى على المستوى الشخصى: «هل تفضل بقاء القذافى فى إقامة خاصة داخل ليبيا؟»، قلت له إن القذافى يجب أن يتلقى محاكمة عادلة على الأربعين عاما الماضية، ونستمع منه، لماذا وصلت البلاد لحالة الحرمان التنموى الكامل فى ظل تقدم الدول الأخرى؟ قال لى إن موضوع محاكمته غير مطروح كبديل.

وقد تحدثت مع مصطفى عبدالجليل عقب خروجى من قصر الإليزيه وعرضت عليه المبادرة، وفى لقاء أخير مع إخوة فى المجلس الانتقالى السابق ذكروا أن هذه المبادرة لم تعرض على المجلس الانتقالى من الأساس، وهناك من يؤكد أنها عرضت ورفضت، وأخبرنى مصطفى عبدالجليل بعد حديثى معه بيومين أنه لم تتم الموافقة على المبادرة، وأن بعض الأعضاء لم يحضروا الجلسة، وأن المبادرة نظر إليها على أنها محاولة من النظام لكسب مزيد من الوقت ليس أكثر، ولم تعط لها الأهمية، وتعد تلك المبادرة الوحيدة التى كان بها نوع من الجدية لوقف نزيف الدماء وتحافظ على استمرارية الوطن وحدة واحدة.

وهل عرضت عليك قطر تولى رئاسة الوزراء مقابل رفع يدك عن وزارتى الدفاع والداخلية؟ نحن لا نريد أن نفتح جراح الماضى، ولكن كان هذا العرض عقب سقوط نظام القذافى، وهذا الأمر تكرر مرتين المرة الأولى نتج عنه نقاش حاد فى باريس أثناء انعقاد مؤتمر أصدقاء ليبيا سبتمبر 2011، وقد حدث صدام على الهواء مباشرة وخلال مؤتمر صحفى حضرته وبرفقتى مصطفى عبدالجليل وساركوزى وكاميرون والشيخ حمد بن خليفة أمير قطر، وسألنى أحد الصحفيين كيف ستتصرفون مع الميليشيات وانتشار السلاح، فبدأت أرد على الأسئلة بأن هناك خطة لجمع السلاح ودمج الثوار من خلال بدائل عدة وتمت مقاطعتى على الهواء مباشرة من الشيخ حمد وقال لى: يا أخ محمود، الثوار لا يلقون السلاح أبدا، وكان هذا أول صدام وترتب عليه انتقالنا إلى قاعة الاجتماعات، وكان الوفد الليبى مكونًا من مصطفى عبدالجليل ومحمود جبريل ومحمود شمام ومنصور سيف النصر، وكان الوفد القطرى مكونا من الشيخ حمد بن خليفة أمير قطر، وحمد بن جاسم رئيس الوزراء، وخالد العطية الذى أصبح وزير الخارجية فيما بعد، وهنا حدثت ملاسنة مع الشيخ حمد، حيث قالوا: سمعنا أنك ستقدم استقالتك، ونحن نصر أن تبقى أنت رئيس وزراء بشرط ألا تقترب من حقيبتى الدفاع والداخلية، وهو ما نتج عنه تلاسن ورفضت العرض لأنه لا يقبل أن تعين دولة رئيس وزراء فى دولة أخرى، وتدخل الشيخ حمد بن جاسم بفكرة تشكيل مجلس أعلى للأمن القومى برئاسة مصطفى عبدالجليل، وعلى أن أكون عضوا فيه ووزيرا الدفاع والداخلية، وقد رفضت هذا الأمر لأن المبدأ مرفوض، وتكرر الأمر فى نيويورك منتصف سبتمبر 2011 عند ذهابنا لتسلم مقعد ليبيا فى الأمم المتحدة بحضور الأخ عبدالرحمن شلقم.

ماذا حدث فى طرابلس عندما طرحتم مبادرة حل الميليشيات المسلحة فى طرابلس؟ - جمعت قادة التشكيلات العسكرية فى طرابلس، وكانوا 18 تشكيلا فقط، واجتمعنا بحضور على الترهونى وكانت مناقشة بدائل الدمج وقرار الحل، وتوصلنا لإنشاء قوة التدخل السريع كى تكون جزءا من وزارة الداخلية بحيث يكونون أفراد شرطة داخل وزارة الداخلية وتحل كل التشكيلات العسكرية، حضر 17 قائد تشكيل عدا تشكيل عبدالحكيم بلحاج، وزعم بعد ذلك أنه لم يُدع للاجتماع، وتوصلنا إلى قرار حل التشكيلات وكانت هناك معارضة من وزير الدفاع الليبى ورئيس الأركان القطرى الذى حضر فى ذلك اليوم.

لماذا رفض رئيس الأركان القطرى؟ - لأنه كان هناك تخطيط لإنشاء الحرس الوطنى، فالجيش لم يكن مرغوبا أو مخططا له.

هل رفضت قطر فكرة وجود جيش ليبى؟ - أنا لا أعرف هل المشروع من قطر أم أنه أكبر من قطر، ففى ظل تدمير القدرات العسكرية العراقية والسورية وإنهاك الجيش المصرى فى قضايا محاربة الإرهاب داخليا، أصبحت القدرة العسكرية الإسرائيلية غير قابلة للمقارنة، ففكرة إنشاء جيوش عربية قوية مرة أخرى غير مرغوب فيها من قبل البعض، لأن التوازن العسكرى العربى- الإسرائيلى اختل لصالح تل أبيب، ولا يراد لهذا التوازن أن يعود إلى حالة التعادل مرة أخرى.

المنظور الآخر ربما يكون التخطيط لمشروع تيار الإسلام السياسى فى شمال أفريقيا بعد سيطرة الإخوان فى مصر وتونس وحكم الإخوان فى المغرب، فليبيا كان مقدرا لها أن تكون بيت مال المسلمين الذى يمول هذا المشروع، وقد كان هناك مشروع عسكرى لتأسيس حرس وطنى لحماية النظام الجديد وعدم السماح بوجود مؤسسة عسكرية بالمعنى الاحترافى لحماية الوطن.

ما تفاصيل اجتماع سيادتكم بالمشير حسين طنطاوى خلال زيارة مصر عام 2011؟ وهل طلبتم دعما عسكريا من مصر لدعم الثوار فى ليبيا؟ - نعم طلبت منه مرتين، لقد زرت مصر أثناء الانتفاضة مرتين، وكان هناك تردد واضح، فى الحقيقة، من المجلس العسكرى بقيادة المشير محمد حسين طنطاوى، وكان رد المشير طنطاوى أن مصر لديها جالية مصرية كبيرة ولا تريد للقذافى أى ذريعة للإساءة لهم، وأنا للأمانة ومع احترامى للرجل لم أكن مقتنعا بهذا الرد إطلاقا، فمشكلة الأمن القومى فى مصر ستكون الضحية الأولى لو سقطت ليبيا ضحية لقوى معادية وهو ما حدث الآن، وللأسف قوتان لم تعطيا الملف الليبى الاهتمام الأكبر فى هذا الوقت وهما مصر والجزائر، وهو ما ترتب عليه سيطرة دول أخرى على المشهد.

وتكرر نفس الشىء فى اللقاء الثانى مع المشير طنطاوى، فطلبت أن تكون مصر موجودة بقوة، وكنا نحتاج لدعم عسكرى وسياسى للاعتراف بالمجلس الانتقالى ودعم طبى وغذائى، وفتحت الحدود وتم إدخال الأغذية والأدوية من مصر إلى ليبيا.

وما رد المشير طنطاوى؟ - كان لا يريد أن يتدخل، وأنا ذكرته بقرار السادات فى يوليو 1977 وكان عدد المصريين الموجودين فى ليبيا 2.5 مليون مصرى، وعندما شعر السادات أن الأمن القومى المصرى مهدد لم يتردد فى دخول حرب مع القذافى لمدة يومين متتاليين، أما القضية فى 2011 فكانت أخطر، ففى حالة انهيار نظام القذافى لا نعرف ما هى القوى التى ستأتى بعده وماهية هذه القوى ومدى تطابقها أو تنافرها مع الأمن القومى المصرى.

هل كان هذا قبل تدخل «الناتو»؟ - لا بعد تدخل الناتو.

وما شكل الدعم العسكرى الذى طلبتموه من مصر مع العلم أن السلاح كان منتشرا فى ليبيا؟ - طلبنا معونة عسكرية، فغالبية شحنات السلاح التى كانت تأتى من دول أخرى كانت تذهب لجانب أنصار الإسلام السياسى، وأعتقد أن مصر كانت قادرة على تحسس هذه الأمور، حتى تعرف أن التوازن يسير فى أى الاتجاهات.

ما رأيك فى الجيش الوطنى الليبى؟ وموقفكم من الفريق حفتر؟ وهل هو قادر على بناء جيش قوى؟ - لا توجد سيادة وطنية من دون جيش قوى يحفظ ويضمن السيادة، ويُحفظ للفريق «حفتر» أنه أول من تجرأ وتصدى لمحاربة الإرهاب بعدما كان يتم استهداف العسكريين والمدنيين فى وضح النهار ببنغازى، وقضية بناء الجيش هى قضية محصورة فى 3 أركان رئيسية، قضية إمكانيات، وتخطيط ورؤية، ثم قضية وقت، فالجيش الليبى لا توجد لديه إمكانيات لأن الحظر مفروض عليه، وتتم ممارسة سياسة لى الذراع معه بمعنى أن يتم تمرير الحكومة حتى يتم رفع حظر التسليح عن الجيش، ويحارب الجيش الإرهاب على جبهتين، ويبنى مؤسسة عسكرية، ويحسب لهذه المحاولة أنها الوحيدة التى تحاول توحيد الوطن، فى حين أن جيوشا أخرى كالإعلام ومواقع التواصل تفرق الوطن وتشتت الجهود.

وهل ترى أن هناك محاولة لإقصاء الفريق «حفتر» فى الوقت الراهن أو التخلص منه من قبل قوى بعينها؟ - الفريق «حفتر» يمثل تهديدا مزدوجًا لهم، فهو يحاول بناء جيش ومحاربة الإرهاب، ومادام يشكل تهديدا فالعداء أصبح مزدوجا.

وكيف ترى الدور الواجب على مصر لتحقيق استقرار وأمن ليبيا؟ - مصر يمكنها قيادة دور عربى قد يكون موازيا وبديلا فى المستقبل للدور الذى تقوم به الأمم المتحدة، وأتمنى تقديم دعم عسكرى حقيقى لليبيين فى مواجهة الإرهاب، وأن يكون الدعم عربيا.

ولو عكفنا على مشروع وطنى يتفق عليه الجميع، بمعنى أن يكون قادة الميليشيات ركنا أساسيا فى العملية التفاوضية فى الحوار، لأن هؤلاء الناس لديهم مخاوف وليس من مصلحتهم رجوع الدولة، ولابد أن يطمئنوا إلى أن رجوع الدولة فى صالحهم، ولابد من وجود شيوخ القبائل لأن السلطة السياسية مرفوضة، ولابد من سلطات اجتماعية تعطى الشرعية، وكيانات سياسية يكون لها وجود على الأرض.






الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;