أعددنا وثيقة "سياسة ملكية الدولة" لنضعها أمام العالم والقطاع الخاص المحلى والأجنبى لتوضيح رؤية الدولة ودورها فى الاقتصاد الوطنى خلال الفترة المقبلة
على هامش الدورة الـ 47 للاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامى للتنمية 2022 بشرم الشيخ، شارك الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، فى جلسة نقاشية حول القطاع الخاص.. والفرص الاستثمارية فى مصر، وذلك بمركز المؤتمرات الدولية بمدينة شرم الشيخ، بحضور عدد من الوزراء والمسئولين، وممثلى القطاع الخاص، والمستثمرين.
وتحدث على المنصة الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، محافظ جمهورية مصر العربية لدى البنك، ورئيس مجلس محافظى مجموعة البنك الإسلامى للتنمية، والدكتورة ندى مسعود، المستشار الاقتصادى لوزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، عضو مجلس المديريين التنفيذيين بالبنك.
واستهل رئيس الوزراء الجلسة بالحديث عن الوضع الحالى للاقتصاد المصرى ورؤية الدولة المصرية للتعامل مع تحديات الفترة القادمة، مشيراً فى هذا الإطار إلى أننا شهدنا خلال العقد الماضى أحداثا استثنائية، حيث مرت مصر بثورتين فى 2011، و2013، وكانت فترة شديدة الصعوبة من حيث الوضع السياسى، وغيرها من التداعيات، وهو ما انعكس على مؤشرات الاقتصاد المصرى، وحجم نموه، وهو انعكاس طبيعى لأى دولة تمر بموجة من الأحداث السياسية المتعاقبة، والتى صاحبها حدوث بعض القلاقل فى وضعية الاقتصاد المصرى، ووجود تخوف لدى القطاع الخاص من التوسع فى استثماراته والتمويل لأغراض التنمية.
وقال رئيس الوزراء، إنه إلى جانب ما شهدناه من قلاقل واضطرابات، فإن لدينا فى مصر تحد آخر يتمثل فى النمو السكانى المستمر، حيث زاد عدد السكان خلال هذا العقد بمتوسط مليونى نسمة إضافية كل عام، أى زاد عدد سكان مصر خلال السنوات العشر بحوالى 22 مليون نسمة، وهو ما يمثل تعداد دول كاملة وليس دولة واحدة، وهو الأمر الذى يعكس مدى التحدى الذى كانت تواجهه الدولة المصرية خلال هذه الفترة.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، مهام منصبه كرئيس للجمهورية فى 2014، بدأت الدولة فى وضع رؤية واضحة للتعامل مع كل هذه التحديات، وجاء فى مقدمتها العمل على إعادة بناء الدولة المصرية، حيث إنها كانت تعانى من مشكلات أساسية وهيكلية فى قطاعات محورية تعيق عمليات التنمية، وعلى الأخص قطاعات الطاقة والبنية الأساسية، لافتا إلى أنه كان لدينا فى عام 2014 مشكلة حادة فى قطاع الكهرباء، وكذا نقص فى إمدادات الغاز، فضلا عن مشكلات بقطاعات مياه الشرب والصرف الصحى، والطرق، والاتصالات، وهو ما دعا إلى التعامل الفورى مع هذه التحديات والعمل حلها، وإزالتها، سعيا لجذب المزيد من المستثمرين، وذلك من خلال تبنى مجموعة من المشروعات القومية، التى تركز فى الأساس على إتاحة بنية أساسية متطورة تشجع جميع المستثمرين والقطاع الخاص إلى القدوم لمصر، والمشاركة بقوة فى عمليات تنمية الاقتصاد المصري.
وفى هذا الإطار، أوضح رئيس الوزراء أن مصر لديها تحديا كبيرا للغاية يتمثل فى الحاجة إلى إتاحة مليون فرصة عمل جديدة سنويا، وهو ما يحتاج إلى حجم استثمارات سنوية هائلة، مشيرا إلى أن المشروعات القومية، التى بدأنا تنفيذها منذ منتصف عام 2014، كان الهدف منها إتاحة البنية الأساسية اللازمة، إلى جانب توفير المزيد من فرص العمل الجديدة، حيث تم إتاحة 5 ملايين فرصة عمل بالفعل.
وواصل رئيس الوزراء عرض مجريات الأوضاع التى مر بها الاقتصاد الوطنى، وقال إن تلك الإجراءات صاحبها تبنى برنامج إصلاح اقتصادى مع صندوق النقد الدولى، والمؤسسات الدولية، وذلك منذ نهاية عام 2016، مؤكدا أننا استطعنا وبنجاح كبير، وبإشادة جميع المؤسسات، أن نعبر بالاقتصاد المصرى، ونضعه على الطرق الصحيح.
وأكد رئيس الوزراء أنه لولا تبنى برنامج الإصلاح الاقتصادى، لما كانت الدولة قادرة على الصمود فى أزمة جائحة كورونا ومواجهة تداعياتها السلبية، مشيرا إلى ما حققت الدولة المصرية من نجاح فى الاستمرار فى تحقيق النمو الايجابى للاقتصاد المصرى، حيث إنها كانت من الدول القليلة على مستوى العالم التى حافظت على استمرار نمو الاقتصاد بصورة إيجابية خلال عامى جائحة كورونا، فى الوقت الذى كانت تشهد فيه اقتصاديات العالم نموا سلبيا، أو انكماشا، موضحا أن مصر حققت خلال هذه الفترة نموا بمعدل 3.6%، 3.3%.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن رؤية الدولة كانت تقوم على أنه مع اكتمال أعمال البنية الأساسية والمشروعات القومية، فسيكون هناك بدء مرحلة جديدة فى الاقتصاد المصرى، تستهدف إعادة بلوة دور القطاع الخاص، بحيث يكون هو المحرك الأساسى للمشروعات التنموية، قائلا:" نجحنا كدولة فى إقامة البنية الأساسية اللازمة، وكذا وضع التشريعات المطلوبة، تشجيعا لمناخ الاستثمار، منها عى سبيل المثال، تعديلات قانون الاستثمار، وقانون المناطق الاقتصادية، الذى يعطى مرونة كبيرة لإنشاء هيئات اقتصادية فى مناطق محددة، هذا إلى جانب قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار"، منوها إلى أن كل هذه القوانين تمهد الطريق للقطاع الخاص لحركة أكبر خلال المرحلة القادمة.
وأوضح رئيس الوزراء أنه بالرغم من كل هذه التحديات، فإن مصر خلال الشهور التسعة من العام المالى الحالى 2021/2022، حققت معدل نمو خلال هذه الفترة بلغ 7.8%،لافتا إلى أن التوقعات لمعدل النمو كانت ستبلغ نسبة كبيرة لم تشهدها مصر منذ 20 أو 25 عاما، لولا اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، قائلا:"ومع ذلك نتوقع أن نتجاوز 6% كمعدل نمو إجمالى خلال هذا العام المالى، وهو ما يعطى رسائل مهمة جدا أننا كدولة، نتمتع باقتصاد مرن قادر على النمو، وذلك بحكم أن عدد سكاننا يصل إلى 103 ملايين نسمة، وهو ما يمثل سوقا كبيرة جدا يشجع على الاستثمار".
ثم تطرق رئيس الوزراء إلى الحديث عن رؤية مصر خلال الفترة المقبلة، قائلًا:" بدأنا منذ مطلع هذا العام فى اتخاذ العديد من الخطوات المهمة لتشجيع القطاع الخاص، للعودة بقوة للمشاركة فى نمو الاقتصاد المصرى، سواء من جانب المستثمرين المحليين أو الأجانب، والمرحب بهم شكل كبير للاستثمار فى مصر، باعتبارها سوقا واعدة وحجم اقتصاد كبير آخذ فى النمو.
كما أشار رئيس الوزراء إلى أن الدولة المصرية اتخذت خطوات مهمة بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى، حيث عقدت الحكومة المصرية مؤتمرا صحفيا عالميا، تضمن مجموعة واضحة من الخطوات التى سنتخذها خلال الفترة القادمة، وبدأنا تنفيذها بالفعل، مشيرا إلى أن الخطوة الأولى تتمثل فى إعداد وثيقة "سياسة ملكية الدولة"، وهى وثيقة شديدة الأهمية نضعها أمام العالم والقطاع الخاص، لنوضح رؤية الدولة ودورها فى الاقتصاد المصرى، خلال الفترة القادمة، وهدفها تشجيع عودة مساهمة القطاع الخاص مرة أخرى فى الاقتصاد، والعمل على زيادة نسبة مساهمة استثمارات القطاع الخاص فى اجمالى الاستثمارات العامة من 30% حاليا لتصل إلى 65% من اجمالى الاستثمارات فى مصر خلال السنوات الثلاث المقبلة، ونضع اليوم فى إطار هذه الوثيقة برؤية واضحة، القطاعات التى ستتخارج منها الحكومة بالكامل، خلال الفترة من 3 إلى 5 سنوات، موضحاً أن جزءا من هذا التخارج يعنى أن تطرح الدولة إدارة وتشغيل عدد من الأصول والمرافق والمنشآت الهامة التى تملكها للقطاع الخاص، كما طرحنا فكرة أخرى وهى زيادة رأس المال، وأى توسعات لهذه المنشآت والمشروعات الكبيرة تتم من خلال القطاع الخاص بالكامل، وبالتالى يكون هو مساهما رئيسيا فى هذه المشروعات، وله نسبة، ويتولى عملية الإدارة والتشغيل، كما أن هناك آلية أخرى وهى أن تبيع الدولة المصرية جزءا من حصتها فى بعض المرافق والمشروعات وتتركها للقطاع الخاص تدريجياً، بحيث يكون له نسبة موجودة بها.
واوضح الدكتور مدبولى أنه فى كل الأحوال ستشجع الدولة أن تتم إدارة وتشغيل كل هذه المشروعات من خلال القطاع الخاص، وهذا جزء من القطاعات التى ترى الدولة أن تتخارج منها، ولكن هناك قطاعات أخرى استراتيجية سوف تستمر الدولة فيها، وهذا أمر قائم فى كل دول العالم.
وفى ضوء الحديث عن نمو قطاع الصناعة، أوضح رئيس الوزراء أن الدولة وضعت استراتيجية واضحة لتنمية وتشجيع والإسراع فى معدلات نمو الصناعة فى مصر، وقال : لدينا يقين كامل أن الصناعة هى المستقبل الحقيقى خلال الفترة القادمة، ولذا فقد بدأت الدولة المصرية تستجيب لبعض النقاط والنقاشات التى كان يتم طرحها خلال اللقاءات التى تعقدها الحكومة مع رجال الصناعة من الداخل والخارج، ومع المجالس التصديرية ومجتمع الأعمال، موضحا أن الأمر الأهم هو أننا قررنا أن تكون الأراضى الصناعية دائما مُرفّقة عند إتاحتها، ويكون المبدأ فى تسعير الأراضى، هو سعر المرافق، وحددنا لذلك آليتين لطرح هذه الأراضي؛ إما عن طريق حق الانتفاع أو البيع، وبتسهيلات ائتمانية ليكون الهدف أن نشجع القطاع الصناعى الموجود، الراغب فى التوسع فى أن يحصل على الأراضى بصورة مباشرة، وتم تشكيل لجنة مجمعة تخصص الأراضى بصورة فورية، واتخذنا القرار بأن تصدر هيئة التنمية الصناعية رخصة واحدة فى حد أقصى 20 يوم عمل، بحيث يحصل المستثمر على الرخصة من الهيئة، على أن تتولى الهيئة الحصول على الموافقات من باقى الجهات الأخرى المعنية.
كما تم تفعيل مادة مهمة للغاية فى قانون الاستثمار، وهى إعطاء الرخصة الذهبية، التى تصدر من رئيس الوزراء شخصيا، وتجُب كل الموافقات الأخرى فى المشروعات التنموية الكبيرة، سواء صناعة أو أى مشروعات أخرى تراها الدولة أنها ذات أهمية وتساهم فى نمو الاقتصاد المصرى، مضيفا أن الدولة المصرية وضعت أيضا حوافز ضريبية وغير ضريبية لمشروعات بعينها، وأن التركيز سيكون خلال الفترة المقبلة على مشروعات الطاقة الخضراء، والطاقة الجديدة والمتجددة.
كما وقعت الدولة على 6 مذكرات تفاهم، خلال الشهرين الماضيين، مع تحالفات عالمية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، والأمونيا الخضراء؛ فى إطار رؤيتنا كدولة بأن تكون مصر مركزا إقليميا وعالميا لإنتاج هذه النوعية من الطاقة الخضراء، مشيرا إلى أن مصر من الدول القليلة للغاية التى تتمتع بأماكن عديدة تتوافر فيها الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، ولذا فالدولة المصرية تضع حوافز كبيرة لتشجيع التحالفات العملاقة للدخول معنا فى هذا المجال.
وانتقل رئيس الوزراء للحديث عن قطاعات أخرى مهمة، مثل الزراعة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وهى الآن على قمة أولويات الدولة فى هذه المرحلة، التى نتيح فيها لرجال الأعمال والقطاع الخاص الدخول فى شراكات لإقامة مشروعات فى هذه القطاعات، كما قامت الدولة باتخاذ قرار مهم آخر وهو السماح بتأسيس الشركات افتراضيا دون الحاجة إلى التواجد بصورة مادية، لإتاحتها أمام قطاعات مثل الشباب ورواد الأعمال والشركات الناشئة، وذلك لتشجيع هذه القطاعات على البدء فى مشروعاتها الخاصة دون معوقات، ويتم متابعة تنفيذ ذلك على أرض الواقع مع أعضاء الحكومة المعنيين.
وقال رئيس الوزراء: تم أيضا إنشاء الوحدة الدائمة لحل مشكلات المستثمرين بمجلس الوزراء، وتحت إشرافى المباشر، رغم وجود آليات فعالية أخرى فى هذا الشأن، وذلك لتلقى أية مشكلات للمستثمرين والعمل على حلها وتسويتها على الفور فى غضون أيام قليلة؛ للمساهمة فى تهيئة مناخ جيد لبيئة الاستثمار فى مصر.
وأكد رئيس الوزراء أننا نعى جيدا أن لدينا تحديات لا تزال قائمة فى بعض الإجراءات البيروقراطية والإدارية، ولكننا نتخذ الإجراءات والقرارات التى من شأنها تذليل كل المعوقات، ونعمل على الإسراع فى الحصول على الموافقات وتسهيل وتبسيط الإجراءات فى كل مجالات الاستثمار خلال الفترة المقبلة، ولا سيما أننا مررنا بمرحلة دقيقة للغاية وخطوات كبيرة على مسار تهيئة المناخ الجيد للمستثمرين بدءا من تمهيد مناخ الأعمال بما يشمله من بنية أساسية، وبنية تشريعية، وبنية تنظيمية ومؤسسية، وإجراءات الإصلاح الهيكلى التى تم اتخاذها بعد الإصلاحات الاقتصادية، وكل ذلك من أجل تيسير الإجراءات وتوفير مناخ أفضل لعملية الاستثمار وانطلاق القطاع الخاص بقوة خلال المرحلة المقبلة، ولدينا مستهدفات واضحة، وسيكون هناك مؤتمر كل 3 أشهر من أجل إعلان مدى نجاحنا فى تحقيق المؤشرات الكمية التى وضعناها، فمصر تفتح أبوابها بالكامل لكل مجالات الاستثمار وخاصة فى القطاعات ذات الأولوية فى هذه المرحلة.
وخلال الجلسة، تلقى رئيس الوزراء عددا من الاستفسارات والتساؤلات حول بعض الأمور الاقتصادية، كان منها تساؤل عما إذا كان هناك داخل قطاع الصناعة مجالات ذات أولوية تشجع الحكومة القطاع الخاص على الدخول فيها، وعن الحوافز الاضافية التى تقدمها الدولة فى هذه المجالات، أوضح الدكتور مصطفى مدبولى أن هناك قطاعات مهمة ألقت جائحة كورونا والأزمة العالمية الحالية الضوء عليها، وهناك قطاعات ذات أولوية، مثل الصناعات الغذائية وصناعة الأسمدة، والصناعات الكيماوية والبتروكيماويات، والصناعات الدوائية والصناعات الهندسية، وأيضا الصناعات عالية التكنولوجيا، وأهمها صناعات السيارات الكهربائية، وقد أطلقنا منذ أيام قليلة استراتيجية توطين صناعة السيارات فى مصر، ونطرح خلالها حوافز كثيرة جدا وبالذات توطين صناعة السيارات الكهربائية، بالاضافة إلى الصناعات المرتبطة بالطاقة الخضراء، والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، وهذه القطاعات كلها نعتبرها صناعات ستكون ذات أولوية خلال المرحلة المقبلة.
و أضاف أنه فيما يتعلق بالحوافز، فقد قدمنا مجموعة كبيرة منها، تشمل الأولوية فى إتاحة الأراضى، واستخراج الرخص فى أسرع وقت ممكن، كما نعد مجموعة أخرى من الحوافز سيكون من بينها حافز ضريبى يُمنح للمشروعات التى ستنشأ من البداية فى مناطق جغرافية بعينها، وأبرزها مدن الحيل الرابع، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديدة، والمنصورة الجديدة، والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث ستكون هناك حوافز ضريبية يتم التنسيق بشأنها مع وزارة المالية، وسيتم إعلانها خلال الفترة القادمة، لنشجع على الاستثمارات الجديدة فى هذه المناطق الجغرافية التى نراها مناطق تنموية خلال المرحلة المقبلة.
وحول سؤال عما إذا كانت الاستثمارات التى ستدخل فى إنشاء محطات تحلية المياه كلها استثمارات خاصة أم بالشراكة مع الدولة، وذلك فى ضوء إعلان الدولة المصرية اهتمامها بإنشاء العديد من محطات تحلية مياه البحر، أكد الدكتور مصطفى مدبولى أننا فى مصر لدينا تحد كبير، فالدولة تنمو بشكل متسارع، وعدد سكانها يزيد، وذلك بنفس كمية المياه التى تأتينا منذ آلاف السنين من نهر النيل، ولذا وضعت الدولة المصرية خطة واضحة لإنتاج ما يقرب من 6 ملايين متر مكعب/يوم لأغراض التنمية وتوفير المياه فى الفترة القادمة، لافتا إلى أن المرحلة الأولى ستمتد لخمس سنوات، بنحو 3.5 مليون متر مكعب/يوم، والهدف الرئيسى من ذلك أن يتم تنفيذ الخطة من خلال القطاع الخاص، ولذلك وضعنا بالعفل خريطة واضحة للمواقع المقترحة لتنفيذ المحطات، وأغلبها لخدمة مشروعات التنمية التى تنفذ على السواحل المصرية، أو استهداف محطات قديمة كانت تستخدم مياه نهر النيل واستبدالها بمحطات لتحلية مياه البحر، كما أننا نستهدف إنتاج المياه المحلاة من خلال الطاقة الجديدة والمتجددة، وبالتالى هناك ربط بين موضوعى الطاقة الجديدة وتحلية المياه، ووضعنا خريطة للأراضى ومواقع المشروعات التى ستنفذ، وتلقينا بالفعل عروضا من جانب العديد من التحالفات العالمية، التى أبدت اهتماما شديدا بتنفيذ هذه المشروعات، وسوف نعلن طلب الحصول على العروض الفنية والمالية خلال الفترة المقبلة.
وفى ضوء ذلك، أشار رئيس الورزاء إلى أننا نستهدف كمرحلة أولى إنتاج 2 مليون م٣ من المياه المحلاه من مياه البحر، خلال الفترة القليلة القادمة، مؤكدا أن الهدف هو الحصول على أفضل العروض الفنية والمالية من التحالفات العالمية.
وفيما يتعلق بتوجهات الدولة المصرية نحو توطين صناعة اللقاحات فى مصر خلال الفترة المقبلة، أشار رئيس الوزراء إلى أن مصر لديها خبرات هائلة فى قطاع الدواء، ولدينا شركات وكيانات كبيرة وعملاقة فى هذا المجال تابعة للدولة، كشركة "فاكسيرا"، والشركة القابضة لصناعة الأدوية، مضيفا أنه فى نفس الوقت لدينا شركات تابعة للقطاع الخاص قوية جدا أيضا، يصل عدد إلى 150 مصنعا وكيانا تابعا للقطاع الخاص يعمل فى هذا المجال، موضحا أنه فيما يخص اللقاحات، فقد بدأنا بالفعل النقاشات مع منظمة الصحة العالمية، ومؤسسات دولية أخرى كبيرة، حيث نستهدف من خلال ذلك جعل مصر مركز لإنتاج اللقاحات على مستوى الإقليم، قائلًا:" منظمة الصحة العالمية أشارت إلى أن مصر من الدول القليلة فى منطقة الشرق الاوسط التى لديها بنية اساسية لهذا المجال"، لافتا فى هذا الصدد إلى اعتماد هيئة الدواء المصرية، كهيئة قادرة على اعتماد اللقاحات خلال الفترة القادمة.
وأكد رئيس الوزراء أنه يتم العمل خلال هذه الفترة على إتاحة البنية الأساسية الموجودة لدى الدولة من شركات وكيانات ومصانع، للشراكة مع القطاع الخاص فى إنتاج اللقاحات والأدوية الاستراتيجية المطلوبة خلال الفترة القادمة، داعيا القطاع الخاص المهتم بهذا المجال إلى الدخول فى شراكة مع الدولة المصرية، حيث إن مجال اللقاحات والأدوية يعد من المجالات ذات الأولوية للدولة أيضا، وسيتم إتاحة المزيد من الحوافز الإضافية لهذا القطاع خلال الفترة القادمة.
وحول صندوق تمويل التحول إلى وسائل النقل المستدام، الذى تم الإعلان عن تأسيسه مؤخرا، أشار رئيس الوزراء إلى أن هذا الصندوق هو جزء من استراتيجية توطين صناعة السيارات، وخاصة الكهربائية منها، أو تلك التى تعمل بالغاز الطبيعى كمرحلة انتقالية، لافتا إلى أن ذلك يأتى أيضا فى إطار تشجيع التوسع فى وسائل النقل تعمل بالطاقة النظيفة، والتغلب على التكلفة العالية لإنتاج السيارات الكهربائية، من خلال إتاحة بعض المساهمات من جانب الدولة، وكذا فرض بعض الرسوم على الأنشطة التى تضر بالبيئة، بحيث يتم تجميع من خلال هذا الصندوق المبالغ التى تمكن الدولة المصرية من دعم السيارات الكهربائية، أو تلك التى تعمل بالغاز الطبيعى، بحيث يكون لدينا آلية مستدامة تشجع على التوسع فى هذه الصناعات، وصولا لإتاحة التكنولوجيا الخاصة بهذه الصناعات بصورة منخفضة.
وفيما يتعلق بتنمية المصادر التقليدية للحصول على الموارد من النقد الأجنبى، أكد رئيس الوزراء أن مصر كانت تعتمد دوما على هذه المصادر التقليدية، مثل تحويلات المصريين فى الخارج، ودخل قناة السويس، والسياحة، بالإضافة إلى الصادرات، وقد نمت هذه القطاعات بصورة وبمعدلات جيدة للغاية، حيث أنه بالرغم من كل الأزمات التى مر بها العالم خلال الفترات الماضية، فقد شهدت هذه المصادر التقليدية نمواً بمعدلات كبيرة.
وقال رئيس الوزراء : مع تطور الاقتصاد المصرى ونموه بمعدلات كبيرة جدا وبالتالى أصبحت احتياجاته من العملة الأجنبية بمعدلات عالية، فقد وضعت الدولة نصب أعينها رؤية واضحة لمضاعفة الصادرات المصرية خلال السنوات المقبلة لتصل إلى 100 مليار دولار، وهو هدف محورى وليس أمامنا اختيارا فيه، وقد يستغرق ذلك مدة معينة قد تصل إلى 3 سنوات.
وأضاف أن الرئيس عبد الفتاح السيسى، أعلن فى حفل إفطار الأسرة المصرية خلال شهر رمضان الماضى، أن الدولة ستتيح جزءا من أصولها، كما هو مبين فى وثيقة سياسة ملكية الدولة، للقطاع الخاص بمعدل 10 مليارات سنويا على مدار أربع سنوات، وهذا جزء مما سنتيحه بصورة غير تقليدية لتوفير موارد من العملة الأجنبية.
كما أن لدينا خطة طموحة للغاية لمضاعفة عائدات السياحة، ونعمل على ذلك من خلال تبسيط كل الإجراءات الخاصة بمشروعات السياحة، وخاصة أننا قمنا بفتح مناطق جديدة لجذب السياحة كسياحة دائمة، مثل الساحل الشمالى الغربى، والعلمين الجديدة، والتى أصبحت مقصدا للسياحة المحلية والدولية، كما نعمل على مضاعفة عدد السائحين المصريين خلال السنوات الثلاثة المقبلة، وهو ما يزيد من عائدات السياحة أيضا.
وفى الوقت نفسه، أشار الدكتور مصطفى مدبولى إلى مشروعات تنمية قناة السويس، وتنمية المنطقة الاقتصادية المحيطة بها، وعلى الأخص مشروع ازدواج الخط الملاحى للقناة، الذى أسهم بصورة كبيرة فى تقليل فترات الانتظار للسفن والقوافل من حوالى 3 أيام إلى11 ساعة، وهو ما ساعدنا فى مضاعفة حركة مرور السفن ونقل البضائع، ولدينا ثقة فى أن معدلات حركة المرور ستزيد خلال الفترة المقبلة.