رغم القدرات الاقتصادية والمالية الضخمة فى الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن السوق الأمريكى يعانى نقصا حادا فى ألبان الأطفال، حيث كشفت صحيفة نيويورك تايمز دخول رضيعين لمستشفى فى ولاية تينيسى لمعاناتهما من نقص الغذاء منتصف مايو الماضي، وقالت الصحيفة فى تقرير لها، إن الرضيعين تم إيداعهما المستشفى بسبب المضاعفات التى تعرضوا لها نتيجة نقص الغذاء، وهى واقعة تأتى بعد وفاة رضيعين آخرين نتيجة تعرضهما لبكتيريا تسببت فى التهابات مميتة فى الجهاز الهضمى كانت فى منتج ألبان إحدى الشركات الأمريكية.
الأزمة التى تشهدها الولايات المتحدة الأمريكية فى نقص اللبن تعيد إلى الأذهان الأزمة التى شهدتها مصر قبل عدة سنوات، وكيف تغلبت الدولة المصرية عليها، وخلقت وفرًا كبيرا فى الألبان منذ عام 2016 وحتى الآن لم يعانى السوق من نقص فى أى نوع، فكيف نجحت مصر فى ضبط سوق لبن الأطفال وتوفير كميات ضخمة فى كافة محافظات الجمهورية، مما خلق وفراً يجعل السوق مستقر لسنوات طويلة.
"مصر نوعت مصادر توريد الألبان الخاصة بالأطفال كما جعلت تسجيل الألبان عبر هيئة سلامة الغذاء، ما سهل عملية استيراد ألبان للأطفال متوافقة مع أعلى المعايير العالمية ووفق الاشتراطات المصرية" هكذا لخص الدكتور محمد شرف عضو مجلس إدارة شعبة الأدوية فى الغرفة التجارية قدرات مصر لتوفير الألبان لسنوات طويلة رغم الأزمة العالمية التى تمر بها اقتصاديات كبرى حاليًا، وقال "شرف" فى حديثه مع "انفراد"، أن الأزمة التى تمر بها أمريكا حاليًا ليست وليدة اللحظة ولكنها جاءت نتيجة خلل فى سلاسل التوريد والامداد بسبب أزمة فيروس كورونا والحرب، إذ كانت تعتمد أمريكا فقط على الإنتاج المحلى ولم تهتم بعملية تنويع مصادر ألبان الأطفال.
وأضاف الدكتور محمد شرف، أن مصر نجحت على مدار سنوات فى تنويع موارد ألبان الأطفال من كافة الدول المنتجة، وهذه السياسة تجنب السوق المصرى حالياً أى نقص، لأن الحكومة سمحت بتسجيل ألبان الأطفال المستوردة عبر هيئة سلامة الغذاء بسهوله ويسر طالما هناك التزام كامل وتام باشتراطات السلامة فى الألبان، لافتاً إلى أن افساح الطريق أمام القطاع الخاص في استيراد لبن الأطفال بعد تسجيله خلق وفر كبير فى أغلب الأصناف وبكميات ضخمة.
وقال عضو مجلس إدارة شعبة الأدوية، إن توجه القيادة السياسية بتوفير مخزونات كبيرة سواء من لبن الأطفال أو السلع الاستراتيجية ساهم بقوة فى تجنب مصر حدوث أزمة مثل التى تشهدها أمريكا حالياً فى توفير لبن الأطفال، حتى قبل ظهور أزمة الخلل فى سلاسل التوريد العالمية كانت هناك توجيهات واضحة من الرئيس عبد الفتاح السيسى بتوفير مخزونات ضخمة من الاحتياجات اليومية للمواطنين سواء سلع أو ألبان أطفال أو غيرها من الاحتياجات الأساسية.
وأشار الدكتور محمد شرف إلى أن دول كبرى لديها أزمات فى سلع لديها لأن الوضع الحالى والتأثيرات السلبية لأزمة كورونا ثم الحرب الروسية طالت الجميع، وفكرة عجز الدول عن توفير الاحتياجات جاء نتيجة خلل التوريد أو اعتماد الدول على مصادر ثابتة لاحتياجاتها مثل الولايات المتحدة الأمريكية، لافتاً إلى أن تنويع مصادر توفير الألبان فى مصر ساهم بقوة فى توفير لبن الأطفال من دول عديدة.
وأكد عضو مجلس إدارة شعبة الأدوية، أن هناك مصنعا فى مصر ينتج لبن الأطفال "لاكتو مصر" ويوفر ملايين العبوات شهريًا، بجانب استيراد كميات ضخمة من موارد رئيسية ومن دول عديدة مع التأكيد على أن مصر تستورد لبن الأطفال بمواصفة قياسية تراعى المعايير الغذائية والطبية، وكان لهذه الإجراءات دور حيوى فى توافر الألبان.
وتابع، أن معدلات السحب والطلب على الألبان فى مصر غير ثابتة أو مرصودة وعدم وجود خريطة احتياجات شهرية، والاعتماد الرئيسى فى توزيع الألبان يكون على الصيدليات المنتشرة فى ربوع الجمهورية، كما أن الطلب على الألبان متنوع وهذا يجعل المواطن يشترى بكل سهوله ويسر، بعكس الولايات المتحدة فإن توزيع الألبان وشراؤها قاصر على التأمين الصحي.
"الحكومة وفرت الدولار بكميات كبير لاستيراد أجود أنواع ألبان الأطفال العالمية مثل بيبى ستيبس وألبان طبيعية بجانب الألبان الصناعية الأمر الذى جعل السوق أكثر استقرارا" هذه كانت رؤية القطاع الخاص إذ يرى الدكتور ويرى محمد سعيد مدير مبيعات NIG، وضع سوق الألبان فى مصر حاليًا، مضيفًا أن تسريع تسجيل الألبان فى هيئة سلامة الغذاء ساهم وبقوة فى توافر كميات ضخمة.
وأضاف الدكتور محمد سعيد، أن الولايات المتحدة الأمريكية حاليًا لجأت إلى الاستيراد من دول مثل نيوزيلاندا واستراليا من أجل توفير الألبان سواء الطبيعية أو الصناعية، مشيراً إلى أن مصر توفر لبن الأطفال من بين الأنواع الأفضل فى العالم (A2-goat) وكذلك هناك اتجاه لتسجيل (A2-caw) الأمر الذى يخلق مزيد من الوفر بحليب الأطفال.
وأوضح "سعيد"، أن إجراءات تسجيل لبن الأطفال تقلصت جداً وأصبحت سهله للغاية مع إنشاء هيئة سلامة الغذاء عام 2017 وهو ما جعل تسجيل اللبن فى مدة لا تتجاوز 60 يومًا بعد تقديم الأوراق والمستندات المطلوبة والتأكد من مطابقة الألبان للمواصفات العالمية.