جدل كبير أثير في الأوساط الفنية المصرية، بعدما أصدر قطاع الفنون التشكيلية بيانًا يحذر فيه أيًا من محبي الفنون من التعامل مع جهة بخصوص شراء لوحة "من وحي فنارات البحر الأحمر" للفنان الرائدعبد الهادي الجزار، والمفقودة منذ 50 عاما، لأنها ملك لقطاع الفنون التشكيلية.
وقصة اللوحة تبدأ منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، بالتحديد عام 1971، حين أعيرت من متحف الفن المصري الحديث التابع لقطاع الفنون التشكيلية إلى مكتب وزير الثقافة آنذاك الدكتور بدر الدين أبو غازي، وظلت اللوحة هناك ضمن اللوحات المعروضة داخل مبنى الوزارة، حتى اختفت بعدها نهائيًا ولم يستدل على موقعها حتى الآن.
مؤخرًا فوجئ بعض المهتمين بالأعمال الفنية، بتداول لوحة الفنان الرائد عبد الهادي الجزار، في الأسواق الفنية، وعرضها للبيع بمبلغ وصل إلى ملايين الدولارات، وما جعل الوزارة تتحرك على الفور من أجل حفظ حقها في اللوحة المفقودة، واتخاذ كل الخطوات القانونية في هذا الصدد للحفاظ على التراث الفني الوطني.
وجاء في بيان قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة: "يحذر قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المصرية من التعامل بيعًا أو شراءً للعمل الفني (من وحي فنارات البحر الأحمر) للفنان الرائد الراحل عبد الهادي الجزار".
ويؤكد القطاع أن العمل تعود ملكيته لقطاع الفنون التشكيلية ومن مقتنيات المتحف المصري الحديث، بعدما وردت إليه معلومات باحتمالية حدوث عملية احتيال مرتبطة بعرض لتسويق هذا العمل للبيع. ويوضح القطاع أن العمل كان مُعارًا منذ عام 1971، ويُعد مفقودًا، وأن قطاع الفنون التشكيلية ووزارة الثقافة المصرية يحتفظون بالحق في اتخاذ كافة الإجراءات القانونية في هذا الصدد للحفاظ على التراث الفني الوطني".
البيان لا يبرئ قطاع الفنون التشكيلية، من الإهمال، والفساد، والمخالفات المتواجدة بالمتحف منذ سنوات، لكنه أيضًا يوضح حالة من التخبط في تحرك من المسئولين في التعامل مع الأمر، بل ويمنح فرصة أخرى لقيام مقتنى اللوحة حاليا بإخفائها، إذ أن اللوحة التي تداول بيعها فى سوق الفن مؤخرا لم يستدل حتى الآن على هويتها مقتنيها سواء كان شخص أو جاليري خاص أو دار مزادات فنية.
لكن يبدو أن ما حدث كان له مقدمات، حيث حذرت أرملة الفنان الراحل الفنانة ليلى عفت، من الإهمال التي تعانيه لوحات عبد الهادي الجزار في متحف الفن المصري الحديث، وقبل سنوات صرحت "عفت" بأن متحف الفن الحديث، يقتني "35" عملا فنيا خاصا بالراحل عبد الهادي الجزار، وهو ما تؤكده الأوراق الرسمية، إلا أنها حال توجهها وابنتها الدكتورة ياسمين، إلى المتحف للاطلاع والاطمئنان على أعمال الجزار، وجدتا أن اللوحات الموجودة 30 لوحة فقط، بينما لم يعلم القائمون على المتحف مصير اللوحات الخمسة.
وتابعت زوجة الجزار، أنهما حال مطالبتهما مدير متحف الفن الحديث بدخول المخازن للاطلاع على لوحات الراحل، رفضوا ذلك وهو ما جعلهما يتقدمان بشكوى رسمية إلى الرقابة التي أرسلت معهما ضابط شرطة لمرافقتهما إلى المتحف مرة أخرى، وأكدت أنه حال وصولهما، للمرة الثانية، للمتحف برفقة ضابط الشرطة الذي أرسلته الرقابة الإدارية، رفضت الدكتورة ضحى منير مدير المتحف حينها دخولهما المخازن، إلا أنهما أصرتا على الدخول، لافتة إلى أنه بعد فترة طويلة من مماطلة مديرة المتحف في منعهما من الدخول وافقت على دخولهما المخازن المتواجد بها لوحات الجزار.
وفوجئت، بإلقاء اللوحات على الأرض وخروج بعضها من البراويز، إلى جانب تغيير لون لوحة "الدوامة" الخاصة بالجزار، الأمر الذي أبكاهما وأحزنهما بشكل كبير، بسبب الإهمال الضخم الذي ضرب اللوحات التي لا تقدر بثمن، وسوء حفظها بمتحف الفن الحديث.
الفنان عز الدين نجيب، أكد بدوره تصريحات الفنانة ليلى عفت، سالفة الذكر، حيث قال في بيان مطول عن الواقعة على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "إنني شخصيا أشهد بأنني رأيت لوحة إنسان السد لنفس الفنان معلقة فى أحد قصور الثقافة فى الثمانينيات قبل اختفائها أخيرًا ولم نعلم مصيرها حتى الآن، وليست تلك هي اللوحة الوحيدة، بل هناك لوحات كثيرة لفنانين آخرين بمكاتب إدارية تابعة للوزارة لقيت نفس المصير".
كذلك صرح أحد معجبى صفحة الفنان الرائد عبد الهادى الجزار، ويدعى أشرف ديوان، في إحدى تعليقاته على الصفحة قائلا: "للأسف زرت متحف الفن الحديث بعد افتتاحه وتغيير ترتيب اللوحات طبقا للفترة الزمنية وليس لأهمية الفنان كما كان من قبل لذلك كانت لوحات الجزار في الطابق الثاني وليس الأول كما كانت، وللأسف الشديد لا توجد له سوي ثلاث لوحات وهي (مواليد عرايا والرجل والقط بورترية ايميه ازار والكورس الشعبي) وفقط واختفت لوحة الميثاق وجدارية قناة السويس ولوحة السلام، للأسف الشديد وعلمت أيضا بكل اسف ضياع لوحة السد العالي"، وهو ما لم تنفيه إدارة الصفحة ومن بينهم ابنة عبدالهادى الجزار الدكتورة فيروز الجزار، بل وقامت بعمل "إعجاب" على التعليق.