تعود أزمة "غاز المتوسط" بين لبنان وإسرائيل للواجهة مجددًا، بعد تجمد مفاوضات غير مباشرة بين الجانبين كانت قد شقت طريقها للنور بوساطة أمريكية ورعاية أممية لترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين الدولتين فى أكتوبر من عام 2020، ولم تكتمل الجولة الخامسة من تلك المفاوضات والتى كانت مقررة فى ديسمبر من العام نفسه.
وشدد لبنان على حقوقه السيادية في المياه والثروات الطبيعية ، وأنه لن يتخلى عن حقه فى التنقيب عن الغاز بـ حقل كاريش المتنازع عليه مع إسرائيل ، وكان إقدام إسرائيل على إرسال سفينة للبنان مجهزة لاستخراج الغاز من حقل كاريش الذي تقول إسرائيل إنه في المياه التابعة لها، بينما يرى لبنان أنه في منطقة متنازع عليها، ما دفع الأخيرة لاستدعاء كبير مستشاري الولايات المتحدة لأمن الطاقة العالمي الوسيط الأمريكى أموس هوكشتاين، لاستئناف دوره كوسيط أمريكي في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين والبحث مجددا عن حلول سلمية للتنقيب عن الغاز فى مياه المتوسط، وما يستتبعه من ضرورة ترسيم الحدود البحرية الجنوبية المتنازع عليها بين الدولتين.
الوسيط الأمريكى فى بيروت
فى هذا السياق، شدد الرئيس اللبناني العماد ميشال عون على حقوق لبنان السيادية في المياه والثروات الطبيعية، وقدم للوسيط الأمريكى فى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل أموس هوكستين رداً على المقترح الأمريكي الذي سبق للوسيط الأمريكي أن قدمه قبل أشهر ، على أن ينقل هوكستين الموقف اللبناني إلى الجانب الإسرائيلي خلال الأيام القليلة المقبلة.وفق بيان لرئاسة لبنان.
وطلب الرئيس عون من هوكستين العودة سريعاً الى لبنان ومعه الجواب من الجانب الاسرائيلي. ومن جانبه ثمن هوكستين رد الرئيس عون واعداً بعرضه على الجانب الاسرائيلي في اطار الوساطة التي يقوم بها في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية.
كما استقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال فى لبنان نجيب ميقاتي الوسيط الأمريكي في ملف ترسيم الحدود أموس هوكشتاين، الذى وصل بيروت، الاثنين، لإجراء مباحثات مع مسؤولين لبنانيين بخصوص نزاع حدودي بحري مع إسرائيل حول تطوير حقل غاز.
ومن جانبه، شدد رئيس حكومة تصريف الأعمال بلبنان نجيب ميقاتى، على أن مصلحة لبنان العليا تقتضي البدء عملية التنقيب عن النفط من دون التخلي عن عن حق لبنان بثرواته كافة، وذلك بحسب وفق بيان لحكومة تصريف الأعمال.
وتم إبلاغ الموفد الأمريكي بالموقف اللبناني الموحد من مسألة ترسيم الحدود والحرص على استمرار الوساطة الأمريكية.
بدورها، أعلنت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا فرونيسكا عن استعداد الأمم المتحدة للمساهمة في تحريك المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية.
وقالت فرونيسكا، خلال لقائها الرئيس اللبناني ميشال عون في قصر بعبدا، إن «الأمم المتحدة مستعدة للمساهمة في كل ما من شأنه تحريك المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية»، منوهة بحكمة عون و«دوره في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان».
آمال لبنان
ويأمل لبنان فى استئناف المحادثات التى باءت العام الماضي بالفشل بعد أن وسع لبنان المساحة التي يطالب بها بنحو 1400 كيلومتر مربع في المنطقة المتنازع عليها من الحدود المعروفة باسم «الخط 23» جنوباً إلى «الخط 29» بما في ذلك جزء من حقل كاريش.
وكان من مقترحات هوكشتاين مبادلة ميدانية من شأنها إنشاء حدود على شكل حرف إس بدلا من خط مستقيم، لكن لبنان لم يوافق رسمياً على الاقتراح، بحسب مصادر رسمية.
وتوقفت المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية بشأن ترسيم الحدود البحرية، بنهاية نوفمبر الماضي بعد ثلاث جولات عقدت بوساطة أممية وأمريكية، وسط خلافات على تحديد الخط الأساس والمبادئ العامة المتصلة بهذه العملية.
وكانت قضية ترسيم الحدود، لا سيما البحرية منها، قد بدأت تلقي بظلالها على العلاقات اللبنانية-الإسرائيلية منذ أن بدأ لبنان ترسيم حدوده البحرية في 2002، حين كلّفت الحكومة اللبنانية "مركز ساوثمسون لعلوم المحيطات" بالتعاون مع "المكتب الهيدروغرافي البريطاني" بإعداد دراسة لترسيم حدود المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة، وذلك بغية إجراء عملية مسح جيولوجي للتنقيب عن النفط والغاز.
واعترضت هذه العملية صعوبات كبيرة بسبب عدم توافر خرائط بحرية دقيقة وواضحة للمنطقة، وقد أتت نتائجها غير دقيقة.
وفي عام 2006 عاودت الحكومة اللبنانية تكليف المكتب الهيدروغرافي البريطاني بإجراء دراسة محدثة لترسيم الحدود، والتي مهدت لإقرار قانون تحديد المناطق البحرية اللبنانية في عام 2011.
وأكد مصدر عسكري لبناني أن لبنان تبلغ رسميا من الجانب الأمريكي تأجيل جولة التفاوض المرتقبة فى نوفمبر 2020 مع اسرائيل بشأن ترسيم الحدود البحرية، في خطوة جاءت بعد سجالات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.