أحال مجلس الشيوخ خلال جلسته العامة، أمس الإثنين، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، إلى الحكومة، تقريرين للجنة الزراعة والري بشأن اقتراح برغبة مقدم من النائب جمال أبو الفتوح حول التوجه إلى الزراعات التعاقدية للمحاصيل الزراعية الزيتية، والثانى مقدم من النائب أحمد القناوى حول إيقاف استخدام أشجار الفيكس.
ورأت اللجنة، فيما يخص مقترح الزراعات التعاقدية، أن الدولة تبذل جهوداً مضنية من أجل زيادة الإنتاجية الزراعية، إلا أن العديد من المشكلات ما زالت تحول دون تحقيق ذلك وبخاصة المشكلات التسويقية للمحاصيل الزراعية والتي تزايدت في الفترة الأخيرة نتيجة ما شهدته بيئة العمل الزراعي في مصر خلال العقود الماضية من العديد من المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية ومما لا شك فيه أن عدم تكيف المزارعين مع هذه التغيرات كان له أكبر الأثر على حياتهم المعيشية خاصة في ظل افتقار صغار المزارعين إلي القدرة على تلبية متطلبات السوق من حيث الكمية والجودة والتوقيت المناسب، فهم يعانون من نقص المعلومات والمهارات ورأس المال اللازم لتحسين إنتاجهم وتسويقه، بالإضافة إلى عدم قدرتهم على تحمل المخاطر بسبب صغر حجم الحيازات الزراعية لصغار المزارعين.
وطبقا لما أكده مدير معهد بحوث المحاصيل الحقلية أن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، أن الدولة تقوم بوضع رؤية شاملة بصورة جادة في سبيل حل المشاكل التي تواجه الزراعات التعاقدية، حيث تم إعداد خطة للتوسع في انتاج تقاوي البذور، وهى تستغرق 3 سنوات وتهدف إلى زيادة الإنتاج المحلي بنسبة زيادة تصل ما بين 15% – ۲۰% عن النسب المنتجة حاليا.
ويبدأ انتاج التقاوي بمرحلة المربي ثم مرحلة تقاوى الأساس وذلك لتوفير التقاوي الزراعية التي توزع على المزارعين، وأيضا يقوم المعهد بتوفير التقاوي طبقاً للرؤية المستقبلية لشركات القطاع الخاص التي تقوم بتصنيع زيوت الطعام، وبداية من العام القادم سوف تقوم الوزارة بزراعة محصول الكانولا وهو من المحاصيل الشتوية التي لا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه ولا يمكث بالأرض سوى 5 شهور، ويقوم معهد البحوث الحقلية باستنباط أصناف عالية الإنتاجية وذات جودة عالية، وبلغت كمية التقاوي لمحصول عباد الشمس العام الحالي كافية لزراعة ٢١ ألف فدان علماً بأن هذا المحصول يزرع محملاً على المحاصيل البستانية وبعض محاصيل الخضر، أما بالنسبة لمحصول فول الصويا فبلغت كمية التقاوي العام الحالي كافية لزراعة حوالى 150 الف فدان، أما بالنسبة لمحصول السمسم فبلغت كمية التقاوي العام الحالي كافية لزراعة حوالي 110ألف فدان، أما محصول الذرة فتصل مساحة الأراضي المزروعة به إلى حوالي ٢٫٨ مليون فدان تكفى 50% من الاحتياجات المحلية وباقي الاحتياجات يتم استيرادها من الخارج، وتعمل الوزارة جاهدة الى زيادة المساحات المزروعة بالذرة، كما تعمل الوزارة بالتنسيق مع الشركات والمصانع الكبيرة ومركز الزراعات التعاقدية على زيادة الكميات المنتجة من التقاوي من خلال خطة إستراتيجية يستغرق تنفيذها من 3 إلى 5 سنوات.
كما أوضحت مدير مركز الزراعات التعاقدية أن الامر استلزم وضع خطة يتم تطبيقها تدريجياً بهدف الارتقاء بمعدلات الإنتاج وبصورة خاصة إنتاج الزيوت في مصر اعتماداً على المنتج المحلي وذلك في سبيل السعي نحو تقليل الفجوة تدريجياً بين الطلب الاستهلاكي والإنتاج المحلي من الزيوت والمحاصيل الاستراتيجية، ومن المتوقع تغطية زراعة حوالي ١٢٠- 130 ألف فدان من محصول فول الصويا هذا العام ولقد تم تحديد سعر نهائي لمحصول فول الصويا بمبلغ و ۸۰۰۰ جنیه و 8500 جنيه لمحصول عباد الشمس، ومن المتوقع هذا العام أن يتم تحديد سعر ضمان لشراء محصول الذرة الصفراء بقيمة 4500 جنيه للطن قابلة للزيادة بالتوافق مع الأسعار العالمية ، أما محصول السمسم فكان سعره العام الماضي حوالي26 ألف للطن، ولنجاح منظومة الزراعات التعاقدية يتطلب الامر إحداث تعاون وتنسيق كامل بين أكثر من جهة تتمثل في وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي ومركز البحوث الزراعية من أجل استنباط أصناف جديدة بغرض الاكثار، وتتمثل أهم المحاصيل الخاضعة لنظام الزراعة التعاقدية القمح والقصب وبنجر السكر والأرز والطماطم والبطاطس والموالح، مع اتساع مجال التطبيق ليشمل حالياً محاصيل أساسية أخرى، مثل القطن والذرة الصفراء وعباد الشمس وفول الصويا.
وأكدت الحكومة أن وزارة الزراعة تحرص على توفير المقومات الأساسية للزراعات التعاقدية والممثلة في الإعلان المسبق عن أسعار التعاقد التي يتم التوريد على أساسها، ويكون الإعلان في وقت كاف لتمكين المزارع من اتخاذ قرار زراعة المحصول التعاقدي من عدمه أو الكميات التي يرغب في توريدها، ضمان سعر مناسب للمزارع يكون محفزا له لتوريد أكبر كمية من المحصول بدلاً من تسربه إلى السوق وبيعه من خلال الوسطاء والثجار، كما حدث بالنسبة لحافز توريد القمح لموسم ۲۰۲۲ عندما تم رفع السعر إلى ٨٨٥ جنيها للأردب تحفيزاً للمزارع على نقل المحصول وتوريده للصوامع أو نقاط التجميع التابعة لفروع البنك الزراعي المصري أو الجمعيات الزراعية تيسير حصول المزارعين على مستحقاتهم كاملة حال التوريد دون تأخير.
إضافة إلى تعميم توزيع النماذج الإرشـــادية للعقود التي أعدها مركز الزراعة التعاقدية، وتيسير إتاحة كافة المعلومات والبيانات الخاصة بالزراعات التعاقدية للمزارعين لتشجيعهم على الإقبال على العمل وفق هذا النظام، مشيرة إلى أن هناك احتياج لفتح مركزين لوجستيين في الوجهين البحري والقبلي لكي تقوم مراكز الزراعات التعاقدية بالقدرة على تشجيع المزارعين في جميع المحافظات.
وأكدت اللجنة على أنه من الضروري إدخال ونشر الزراعات التعاقدية في الزراعة المصرية بصفة عامة والمناطق المستصلحة بصفة خاصة لعدة اعتبارات من أهمها أن معظم مزارعي المناطق المستصلحة من صغار المنتجين وذوي الحيازات الصغيرة ويعانون من مشكلات إنتاجية وتسويقية، وكذلك زيادة مشاركة صغار المنتجين في تحقيق أهداف الدولة الخاصة بالتصدير وتنمية وعيهم بأهمية العمل الجماعي، وتعتبر سياسات الزراعات التعاقدية من السياسات الهامة والضرورية لإحداث تنمية زراعية مستدامة كما هو الحال في الدول المتقدمة ويتطلب الأمر العمل على وضع خطط استراتيجية لكافة المحاصيل الهامة والمحاصيل الزيتية وبوجه خاص للحد من تقليل الاستيراد والعمل على الاكتفاء الذاتى وفي هذه المجال توصي اللجنة بالعمل على زيادة المساحة المحصولية والتوسع الأفقي والرأسي في الزراعة للمحاصيل الزيتية الهامة وإزالة العوائق أمام المزارع، وتوفير السماد المناسب له بأسعار مناسبة وفي الوقت المناسب.
كما أكدت على ضرورة وجود آلية تعاون بين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي ومركز البحوث الزراعية لتفعيل دور الزراعات التعاقدية لمحصولي عباد الشمس وفول الصويا لأهميتهما النسبية في استخراج زيت الطعام وكذلك بعض الصناعات الأخرى، سد الفجوة الإنتاجية من المحاصيل الزيتية والعمل على نسبة الاكتفاء الذاتي من ٢% إلى 10%على الأقل، تشجيع المزارعين على زراعة محصولي الكانولا والنخيل لأهميتهما النسبية في استخراج زيت الطعام وكذلك بعض الصناعات الأخرى، ضرورة إجراء العديد من عقود الزراعات التعاقدية على محصول القطن وتشجيع زراعته كما له من مردود جيد في إنتاج الزيوت والأعلاف وصناعة النسيج والعمل على توفير قاعدة بيانات متكاملة ومحدثة للزراعات التعاقدية مع المتابعة المستمرة لكل الأطراف.
ويستهدف تقرير لجنة الزراعة والري بشأن اقتراح برغبة مقدم من النائب أحمد القناوى، إيقاف استخدام أشجار الفيكس وأشباهها في الزراعة على ضفاف المجاري المائية والترع وفى لحدائق والمسطحات الخضراء وأرصفة الشوارع والطرق.
وأوضح ممثل وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، خلال مناقشة الاقتراح، أن التوسع في التشجير بشكل عام لا خلاف على أهميته ومردوده على العديد من القطاعات الأخرى، كما أكد على أن الدولة المصرية خلال الفترة الأخيرة أولت مسألة التشجير بشكل عام سواء في الشوارع أو على ضفاف المجاري المائية مثل الترع والمصارف أو الأماكن العامة اهتماماً كبيراً جداً لما له من فوائد عديدة بيئية وجمالية واقتصادية، وأن الوزارة لديها خطة متكاملة ومستحدثة بشأن موضوع التشجير، وذلك بناء على التكليف الرئاسي بزراعة (50) مليون شجرة من أشجار الماهوجني والأبانوس وغيرها في كل المدن والقرى الموجودة في مصر على عدة مراحل، وذلك بشرط أن يتوافر التمويل الكافي واللازم لإنتاج هذا العدد المسلم من الشتلات، وضرورة أن يتم التنسيق والتعاون بين جميع الوزارات والجهات المعنية بالشأن، وذلك من أجل تحقيق النجاح لهذا المشروع المستهدف، موضحا أنها سوف تستغرق ١٢ عاماً، وسوف تؤتي ثمارها من خلال توفير حوالي 150 مليون متر مكعب من أفضل أنواع الأخشاب التي نستوردها من دول العالم.
كما أوضح أن دراسات وأبحاث قسم بحوث الأشجار الخشبية والغابات بمعهد بحوث البساتين أكدت على أنه يمكن زراعة أشجار الماهوجني والابانوس لإنتاج أجود أنواع الأخشاب في العالم، وبذلك يمكن أن يتم استبدال أشجار الفيكس والبزروميا بهذه الأشجار، وهي تعد أفضل من الناحية البيئية والمردود الاقتصادي، حيث يتم اختيار النوع الشجري طبقاً للغرض الذي يزرع من أجله وطبقا لظروف موقع الزراعة حيث تحظى البيئة المصرية بتنوع حيوي كبير يجب الاستفادة منه.
ورأت اللجنة أن أشجار الفيكس ليس لها أي قيمة اقتصادية، وتعد ضارة بالبيئة والصحة العامة، ولها عدة أضرار أخرى إذ إنها تؤثر بشكل سلبي على البنية التحتية للمباني متمثلاً ذلك في إحداث كسور في شبكات المياه والصرف الصحي مما يؤدي إلى هدمها وإعاقة لكابلات الكهرباء، وذلك في حالة زراعتها أمام المنازل والمباني، وذلك يعزى إلى أن جذور تلك الشجرة متشعبة وممتدة بشكل كبير وقوية للغاية كما أنها أشجار تستهلك في زراعتها كميات كبيرة من المياه بما لا يتناسب مع ما تنتهجه الدولة من سياسة للترشيد والحفاظ على المياه، لاسيما وأنها تُعد مصدراً للأوبئة والأمراض والكثير من الآفات والحشرات، وذلك في سبيل حسن استغلال الموارد المائية المتاحة من خلال زراعة الأشجار المثمرة ذات الجدوى الاقتصادية، بحيث ألا يكون هدف زراعة الأشجار قاصراً على أشجار الزينة والظل فقط، وذلك وفق ما تصبو إليه الدولة المصرية من خلال أي مشروع تقوم بتنفيذه .
وأوصت اللجنة بإيقاف زراعة أشجار الفيكس واشباهها على ضفاف المجاري المائية والترع وفي الحدائق والمسطحات الخضراء وأرصفة الشوارع والطرق، وأن يتم استبدال أشجار الفيكس بنوعيات آخرى من الأشجار الصديقة للبيئة مثل الأشجار الخشبية التي تكون ذات جدوى اقتصادية وتضفي المظهر الجمالي وتقدم الظل والثمار، كما تسهم في الحفاظ على البيئة وتخلق مشهداً من المساحات الخضراء للمدن الجديدة، ووضع خطة طويلة الأمد لاستبدال أشجار الفيكس، والتوسع في تنويع البدائل بما يسهم في زيادة التنوع البيئي والبيولوجي ويزيد الوعي البيئي لدى النشء.