حصل الدكتور محمد أبو الفضل بدران، على جائزة الدولة التقديرية في الآداب، على مسيرته الإبداعية بين العمل الأكاديمي والإبداع النقدي والشعرى، حيث تنوع إنتاج الرجل بين مختلف أنواع الإبداع وتحرر من القيود التي قد يتقيد بها المبدع في كتاباته وهو ما جعله ينال العديد من التكريمات آخرها جائزة الدولة.
"انفراد" حاورالدكتور محمد أبو الفضل، وتحدث عن أزمة النقد العربى، ورؤية الصوفية للعالم وكيف تتقبل كل الاتجاهات، وحديثه عن تطور القصيدة العربية، وكيف ينظر إلى إبداعات الشباب، وإلى نص الحوار:
- استقبل الناس فوز أبو الفضل بدران بجائزة الدولة التقديرية بحفاوة بالغة.. كيف ترد على هذا الاستقبال؟
أولا أشكر كل الأصدقاء الذي تفضلوا بتهنئتي، والحقيقة تأثرت كثيرا بهذا الفيض الكبير من المحبة سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو ما كتب في المواقع والصحف الإخبارية، في الحقيقة أنا أرى أن تلك المحبة هي جائزتي الحقيقية.
- النقد الأدبي الآن.. هل يواجه مشكلة؟
النقد يواجه مشكلة حقيقية، ولكن ليست المشكلة في الكتابة أو الدراسات النقدية وإنما في عدم وصول هذه الدراسات للمتلقي، وهذا لعدة أسباب، منها أن أغلب الصحف لا تهتم بالنقد ولذلك وجدنا أن النقاد يكتبون في دراساتهم في مجلات داخل أسوار الجامعة لا يطبع منها إلا نسخ قليلة يقدمونها إلى لجان الترقية، لكن هذه المجلات لو وصلت للجمهور فبالتأكيد سوف تجعل المتلقي منشغلا بهذا الحضور الرائع سواء كان في السرد أو في الأعمال الشعرية بكل أطيافها.
كما أن النقاد أقل عددا من المبدعين، ولذلك أتوقع أن ينتج جيل الشباب نقاده، لأن الأعمال الشبابية بكثرة، والنقد ليس الإعجاب أو الإطراء أو التقليل من شأنها وإنما النظرة الموضوعية لهذه الأعمال، وهنالك سبب آخر هو أن معظم الأعمال تنشر في دور نشر لا تهتم بالتسويق وبالتالي لا تصل إلى النقاد وتحول دور عدد من دور النشر إلى دور المطبعة.
- التصوف له وجهة نظر في الكون والحياة.. هل يملك نظرية في النقد الأدبي؟
أعتقد أن العالم في حاجة إلى التصوف وهذا لا ينبع من كوني أميل للتصوف، لكن لأن العالم جرب العديد من الرؤى والفلسفات والتشدد والإرهاب وعدم التسامح، كل هذه الأشياء يستطيع التصوف أن يوقفها، وليس معنى هذا أننى أريد أن يتحول كل الناس للتصوف، وانما أن يقراؤا التصوف الحقيقي الذى قال عنه ابن عربي " لقد صار قلبي قابلاً كلَّ صورةٍ" هذا القبول لكل الصور بكل الاتجاهات لكل الرؤى الفلسفية سواء تتفق او تختلف معها، اعتقد أن العالم في حاجة إلى هذا القبول وهذا الرضا، والشباب الآن يعيشون في أزمة روحية، ولذلك تجد أن أشعار جلال الدين الرومي الأكثر بحثا على مواقع التواصل الاجتماعي.
- المعارك الشعرية لا تزال مستمرة.. هناك من يدعو لتطور القصيدة وآخرون يتهمون المطورين بالإفساد.. كيف يقيم أبو الفضل بدران هذه المعارك؟
نحن لا نعرف كيف نشأت ولم نقرأ كيف بدأ أول شاعر في الأرض لكى يقول لنا هذا هو الشعر، الشعر هو ما تعارفنا نحن عليه، ولكنه ليس بالضرورة الشكل الذى نعرفه، أنا اتعجب من الذين يقفون ضد التطور، القصيدة يجب أن تتطور، وتكون تابعة لحاجة الناس، اذا التف الناس إلى لون جديد، فلماذا يقف القدامى ضد هذه الذائقة الجديدة في رحلة الكلمة.
قرأت في التراث العربي " تغيرت البلاد ومن عليها ووجه الأرض مغبر قبيح تغير كل ذي طعم ولون وقل بشاشة الوجه الصبيح" وهى كلمات منسوب لسيدنا أدم، هذا التغيير الذى نسب إلى أبو البشر إن قاله يدل على أن أدم حين نزل من السماء هابطا إلى الأرض لمس هذا التغير وعبر عنه، وهذا دليل أن الشعر مرتبط بوجود الإنسان، فدعوا الأجيال تجرب، ودعوا المتلقين يقرروا عما اذا كانوا سيختفون بهذا اللون أن سينفضون عنه، فربما يأتي جيل بعد هذه الأجيال ويصفق لهذه التجربة.
- الشعراء الجدد هل يضيفون للتجربة الشعرية العربية أن ينقصون منها؟
الشعراء الجدد، وبالمناسبة من يتابع جمهور الشعراء في الوطن العربي وفى المهجر أيضا، سيجد نهرا طويلا من الإبداع الشعرى ومن الإبداع السردي أيضا، وقد يكون هناك تكرار لتجارب ونماذج وهذا وارد، لكن سيكون من الأفضل أن نرى هذا الإبداع وأن نرى شبابنا يقرأون هذا الإبداع سواء من خلال الكتاب الورقي أو الإلكتروني، لأنهم أفادوا من هذه الكتابات ولا سيما اليوميات، والمكتوبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبالمناسبة في حاجة لدراسات نقدية لتتبع هذا الإبداع الإلكتروني لشبابنا، ونسوف نرى أن الشعر والسرد ما يزالون هم ديوان العرب.