لا يحتاج الأمر إلى الكثير من الكلام للتعرف على ملامح تحركات الدولة لتحقيق مطالب تبدو أحيانا بعيدة المنال، تتحقق وببساطة، وتعطى انطباعا بأن هناك عقلا لمصر لا يفكر فقط، لكنه أيضا يقرأ الأفكار والأحلام ويسعى لتحقيقها فى صمت ومن دون ضجيج. ويكفى أن نلقى نظرة على ما يجرى على أراضينا اليوم وأن يسعى هؤلاء المحبطون والمعزولون فى أنفسهم لقراءة ما يجرى. ربما فوجئ كثيرون فى افتتاح الرئيس لبنك المعرفة بالنماذج التى قدمها وبدت من فرط بساطتها مفاجأة، رأينا الرئيس يتحدث عن الثقافة والتنوير والتنمية والشباب فى وقت واحد، ومن دون رغبة فى الدعاية وإنما ببساطة. لقد جاءت نماذج الشباب وإنجازه فى الفيديو المعروض معبرة عن الواقع المختفى، الذى ربما هناك من لا يريد رؤيته. لقد رأينا الشباب يتحدث عن نفسه ويشرح تجاربه وإنجازاته الفردية من دون ادعاء.
وبمناسبة إطلاق بنك المعرفة والمحتوى العلمى تم عرض فيلم قصير، يتحدث فيه خمسة شباب عن تجاربهم، شباب متفوقون وحاصلون على درجات علمية وبطولات رياضية، ومع هذا لا يعرفهم أحد ولم يعرض الإعلام نجاحاتهم، كان العامل المشترك فى النماذج التى رأيناها أنهم غير مشهورين مع أن لكل منهم تجربة عريضة وعميقة، وكل منهم تجربة ممكن تقليدها والتعلم منها. شباب صغير منهم محمد فريد الشاب الأقرب إلى أن يكون كفيفا ومع هذا تحدث بأمل وأنه تفوق فى دراسته داخل وخارج مصر، وحصل على دراسات فى كندا هندسة أنظمة، واشتغل مطورا، ومستشار استرتيجيات، ويدرس إدارة الأعمال.
ثم نموذج جانا فاروق الطالبة فى كلية الصيدلة لاعبة الكاراتيه، وأول لاعبة فى مصر وأفريقيا والعالم تحقق 5 ميداليات ذهبية متتالية، وتحكى تعبها وإصاباتها ودأبها فى التدريب، ونموذج نادر نشأت، الشاب الذى تفوق فى دراسة الإلكترونيات وحصل على دراسات عليا ماجستير وخبرات وعمل ويعرض التطوير ولديه أمل وثقة فى أن أى شاب يحصل على الفرصة يقدم تفوقا. ومثلهم طه مصطفى 20 سنة يدرس فى مدينة العلوم الروسية وعنده اختراعات منها مولد طاقة من المياه تنتج الهيدروجين يحترق يمثل طاقة بديلة للبزين والغاز. ورشا الكردى مدرس الاقتصاد فى جامعة حلوان ولديها أبحاث مهمة فى عجز الموانة واقتصاديات النقل دبلومات فى الإدارة والتخطيط، وشريف عثمان المعاق الذى حقق بطلات وميداليات ذهبية فى رفع الأثقال. كلها نماذج لشباب بدون واسطة ولا أحد يعرفهم، أغلبهم تعلموا تعليما حكوميا، درسوا وحصلوا على دورات ودراسات وبعثات، حققوا إنجازات كل واحد منهم مثل أعلى، وفعلوا هذا فى صمت هذه النماذج المبشرة للشباب تعطى دفعات، وتحتاج من بعض النخب والكتاب أفكارا تثبت أن هناك عالما آخر يقدم أفكارا وتجارب ويستحق الالتفات إليه. وبالطبع هناك نماذج أخرى لشباب ورجال وبنات وسيدات أنجزوا ويحملون أفكارا ودأبا وكلها نماذج تعطى أملا. والأهم فى كل هذا هو إعلان الرئيس عن تدعيم الشباب بقروض ذات فائدة بسيطة وهى فكرة تستحق الدراسة وتحتاج إلى مؤسسات تدريب يمكن أن تفتح الباب للمزيد من التوسع والصناعات الصغيرة التى كانت أهم عناصر نهضة نمور ودول آسيا. وهذا موضوع آخر.