محمد محمد محمد أبوتريكة، لاعب الأهلى السابق، سيظل أكثر موهبة فى العصر الحديث لها تأثير فى الشارع الكروى المصرى.. وهو حامل لواء بطولات «القلعة الحمراء» ومنتخبنا الوطنى فى السنوات الأخيرة.. وصاحب الألقاب الكثيرة التى أطلقتها عليه الجماهير مثل: القديس..المبدع.. زيدان العرب..
خليفة الخطيب.. تاجر السعادة.. القاتل المبتسم.. أمير الدهاء.. معشوق الجماهير.. خاصة أنه فى سنوات قليلة بعد انضمامه للأهلى، انطلق بسرعة الصاروخ نحو عالم النجومية، محطمًا العديد من الأرقام القياسية ومحققا كل الطموحات والأحلام الكروية، التى كانت تراوده، ليصبح نجما لامعا فى سماء كرة القدم المصرية والعربية والأفريقية.
أبوتريكة حينما تتحدث معه تشعر كأنه طفل صغير.. خجول.. لسانه لا يلفظ إلا طيبًا.. وقلبه العامر بالتقوى يجعلك تحبه من الوهلة الأولى ولا تستطيع أن تكرهه مهما حاولت أن تسعى لذلك بحكم التعصب الجماهيرى.
محمد أبوتريكة مثلما يعتبر أن مرحلة الصغر وعلاقته بوالده والدته ونشأته فى ناهيا هى أهم محطة فى حياته، وأن محطة انتقاله إلى الأهلى وتألقه وحصده العديد من الألقاب محلياً وقارياً مع النادى والمنتخب الوطنى، فإن هناك محطتين مهمتين لا يمكن أن يتجاهلهم أو ينساهم،على حد قوله، فهو يرى محطة انضمامه إلى نادى الترسانة رسمت طريق مستقبله، ويقول إن محطة زواجه هى الأسعد فى مشواره.
فى هذه الحلقة نتحدث عن قصة دخول أبوتريكة نادى الترسانة وتخرجه من كلية الآداب وتعرفه على زوجتى «سمية».
المشهد الأول:
والد أبوتريكة يطلب منه ترك العمل فى المصنع بعد بداية العام الدراسى من أجل التركيز فى دراسته، فيرد الساحر بالموافقة لكنه يشترط عدم مقاطعة لعب الكرة.
يقول أبوتريكة: خلال فترة الطفولة كنت هادئاً ولم أحاول أن أتسبب فى مشاكل من أى نوع لأسرتى، لدرجة أن والدى ووالدتى لم يمنعانى من من ممارسة هوايتى المفضلة «كرة القدم»، حيث كنت ملتزما بأداء واجباتى المدرسية ومتفوقاً فى جميع المراحل الدراسية، فقد غرس والدى داخلى حب يوم الجمعة والحرص على التوجه إلى المسجد المجاور لمنزل العائلة مبكراً لأداء صلاة الجمعة لحجز مكان فى المسجد، وأحرص على ارتداء الجلباب الأبيض والطاقية منذ الصباح الباكر، وقد تأثرت بخطب الدكتور إمام خطيب المسجد الذى علمنى فوائد الالتزام.
المشهد الثانى
مجدى عابد صديق محمد أبوتريكة يذهب إليه ويطلب منه مرافقته للخضوع لفترة الاختبارات فى قطاع الناشئين بنادى الترسانة، فرد أبوتريكة بالموافقة واتجه الثنائى لميت عقبة واستقبلهما وقتها الكابتن عبودة الحملاوى الذى طلب من الجميع «تنطيق» الكرة على قدمه للتعرف على واحدة من المهارات الأساسية لأى لاعب كرة قدم فى العالم.
يحكى أبوتريكة عن هذا اليوم قائلاً: فشل جميع اللاعبين الموجودين فى الاختبارات فى مواصلة «التنطيق» بالكرة وسقط أغلبهم فى هذا الاختبار الصعب من وجهة نظرهم الشخصية، لكننى والحمد لله وصلت إلى الرقم «500» فى التنطيق بالكرة حتى طلب منى الكابتن عبودة الحملاوى التوقف وأعطانى أوامر بضرورة الحضور إلى النادى فى اليوم التالى مباشرة وظللت أتدرب مع ناشئ الترسانة لمدة تصل إلى شهرين أو أقل بعدها قررت الابتعاد عن قلعة الشوكيش نهائياً فكان عمرى وقتها 13 عاماً وخبرتى للأسف الشديد قليلة فى التعامل مع الحياة العامة، وكنت أتدرب بحذاء كاوتش وطلب منى الكابتن عبودة الحملاوى ضرورة الذهاب لشراء حذاء جديد خاص بكرة القدم، وحينها شعرت بالإحراج الشديد لأن ظروفى المادية وقتها كانت صعبة للغاية ولا يتحمل والدى إمكانية شراء حذاء جديد يصلح لممارسة كرة القدم فاتخذت قرار الابتعاد عن نادى الترسانة.
المشهد الثالث:
أبوتريكة يرفض ملاقاة صديقه مجدى عابد ويتهرب منه حتى لا يذهب إلى نادى الترسانة، مر يومان والحال هو نفس الحال حتى لعبت الصدفة دورها وتقابل الصديقان فى الشارع، فيسأل مجدى أبوتريكة: لماذا تتهرب منى؟.. فيرد الساحر: لأننى لا أستطيع شراء «الكوتش» ولا الملابس الرياضية.
يستكمل أبوتريكة حديثه عن هذه الواقعة قائلاً: بعد أن حكيت لمجدى عن السبب الحقيقى وراء ابتعادى عنه ورفض العودة إلى تدريبات نادى الترسانة توجه إلى الكابتن عبودة الحملاوى وأخبره بجميع تفاصيل ما دار بيننا، فطلب منه الكابتن الحملاوى ضرورة إحضارى بأى شكل ممكن إلى النادى، وبالفعل ذهبت إلى الترسانة بعد فترة شد وجذب مع صديقى الذى كان يعلم حجم الموهبة التى أتمتع بها، وتقابلت مع الكابتن الحملاوى مرة أخرى، وحكيت له الظروف الصعبة التى أعيش فيها مع أهلى وأسرتى المتواضعة واقتنع بكلامى، وبعدها تسلمت أول ملابس رياضية من نادى الترسانة حتى أصبحت لاعباً فى قلعة الشواكيش.
ويضيف أبوتريكة: بعد هذا الموقف كان عمرى 13 عاماً ولعبت لمدة أربع سنوات مع فريق الناشئين حتى وصل عمرى إلى 17 عاماً وصدر قرار من الكابتن رأفت مكى بتصعيدى إلى صفوف الفريق الأول، وكان نادى الترسانة يلعب وقتها فى دورى الدرجة الأولى الشهيرة بالمظاليم بعيداً عن دورى الأضواء والشهرة الدورى الممتاز وظلننا لعدة مواسم نلعب فى المظاليم حتى صعد فريق الترسانة إلى الدورى الممتاز فى موسم 2000/2001، وظهر اسم أبوتريكة إلى النور وبدأ يتردد على مسامع الناس شيئا فشيئاً وبدأت أتلقى عروضاً من أندية الدورى الممتاز للتعاقد معى، ولكن حلم حياتى الدائم لم يتحقق بأن أكون لاعبا ضمن صفوف النادى الأهلى، ومن ضمن الكتيبة التى تشارك لحصد البطولات التى يشاركون فيها.
المشهد الرابع:
والد أبوتريكة يطلب منه عدم ترك التعليم وضرورة استكمال دراسته والتخرج من الكلية قائلاً له: «عايز يبقى معاك شهادة.. علشان تشتغل لو تحقق نجاحات فى الكرة حتى تؤمن مستقبلك».. فيرد الساحر: «أوعدك إنى أحقق كل أمانيك».
ويقول أبوتريكة: رغم أن كرة القدم هوايتى المفضلة، إلا أن ذلك لم يمنعنى من أن أكمل دراستى وبتفوق، ولا أخفى عليكم كان هدفى الأساسى من الحصول على مؤهل عال رغبة لإرضاء والدى ووالدتى حتى لا يشعروا بأن مجهودهم فى تربيتى ضاع من دون أن أحقق شيئا، خاصة أننى كنت فى البداية مع عالم الكرة فى ظل عدم الضمان بأننى سأصل إلى هذا القدر من النجومية.
ويضيف: حياتى فى الكلية كانت من أجمل الفترات التى عشتها فى حياتى، حيث إننى أحببت مجال الدراسة الذى دخلت فيه بقدمى ورغبت، فأنا خريج كلية الآداب جامعة القاهرة قسم التاريخ، وكانت أمنيتى الوحيدة أن أكون باحثا فى مجال التاريخ، الذى دخلته عن حب وليس بسبب مجموع الثانوية العامة.
المشهد الخامس:
أبوتريكة يذهب إلى جامعة القاهرة فى انتظار نتيجة حصوله على ليسانس الآداب، فلم يجد النتيجة تم تعليقها فيرفض العودة على المنزل ويقرر الجلوس حتى تظهر بعد تأكيدات عمال الجامعة أن نتيجة الليسانس سوف يتم تعليقها فى الفجر.
يتذكر أبوتريكة: لا أستطيع نسيان هذا اليوم الذى كان يوافق يوم اثنين، وعندما كنت أنتظر النتيجة شعرت بالملل بسبب القلق فوجدت بعض الشباب يلعبون الكرة أمام باب مبنى الجامعة، وظللنا نلعب سوياً بدون الإفصاح عن شخصيتى، كما أننى لم أكن وقتها معروفاً على مستوى الجماهير، وتعبت من اللعب وقررت الحصول على القسط الكافى من الراحة، وظهرت نتيجة الليسانس بعد صلاة الفجر، فتوجهت إلى الكشوفات المعلقة على الحوائط وتأكدت من نجاحى وحمدت الله سبحانه وتعالى على النجاح، وتوجهت على الفور إلى الكشوفات المخصصة لزميلاتنا من البنات لمعرفة نتيجة الآنسة «سمية» التى وأصبحت فيما بعد زوجتى وأم أولادى لتكون فرحتى فرحتين بعد نجاحها هى الأخرى.
المشهد السادس:
أبوتريكة يحدد يوم الثلاثاء الموافق 18 من شهر يونيو عام 2002 موعداً لحفل زفافه على الآنسة سمية.
يحكى أبوتريكة: ذكرياتى فى هذا اليوم لا أستطيع أن أنساها وأجلس مع زوجتى كل عام لكى أشاهد شريط الفيديو الخاص بحفل الزفاف حتى الآن، فقد أقمت حفل الزفاف فى أحد الفنادق ودخلت فى وصلة رقص كبيرة مع كل أصدقائى من خارج الوسط الرياضى وجيرانى فى ناهيا، وحضر الحفل كل زملائى فى نادى الترسانة، وشاركنا الفرحة كل نجوم الشواكيش الكبار وعلى رأسهم الكابتن حسن الشاذلى والكابتن مصطفى رياض والكابتن شاكر عبدالفتاح، وكان لكل واحد منهم دور مؤثر فى مسيرة حياتى الكروية.
ويستكمل الساحر حديثه قائلاً: أصبحت زوجتى هى المسؤولة بشكل تام عن البرنامج الغذائى الخاص بى الذى يتضمن بعض الأطعمة المهمة التى من الضرورى أن يتم تناولها بشكل يومى، بجانب عدم تناول بعض الأطعمة التى تسبب زيادة فى الوزن، مع أننى أحب كل الأكلات والأطعمة بالبلدى «نفسى حلوة» وزوجتى بصراحة شديدة تتقن صناعة آكلات السمك بجميع أنواعها ودائماً أقول لها «تسلم أيدك»، فمع دخولى إلى المنزل أنسى كل همومى بمجرد النظر إليها فهى بمثابة الزوجة والأم والأخت والصديقة.
ويضيف: زوجتى كانت وش السعد على فبعد زواجى واستقرارى انضممت إلى صفوف الأهلى وبدأت أول خطوات الشهرة والنجومية التى لا أحبها، ويوماً بعد يوم يزداد ارتباطى بالبيت خاصة بعد أن رزقنى الله سبحانه وتعالى أولادى التوأم أحمد وسيف اللذين أقضى معهما معظم أوقاتى خارج أسوار النادى الأهلى وألعب معهما كرة القدم فى المنزل وفبيتى هو مملكتى الخاصة التى لا يشاركنى فيها إلا زوجتى وأولادى سوف أترك لهما حرية اختيار الطريق الذى يفضلان السير به، وأحمد وسيف سيكون لهما شأن مع كرة القدم، سيف فأنا أراه شبيهاً لى فى مجال كرة القدم وسيكون بإذن الله أبو تريكة الصغير، أما أحمد فلديه إعجاب شديد بصديقى عصام الحضرى حارس المرمى، ويسأل عنه بانتظام ليعرف كل أخباره وآراه مشروع حارس مرمى صغير. أريد أن أعترف بشىء فيه نوعا من الغرابة أن نار الغيرة دبت فى منزلى المتواضع هكذا يحكى عن فرحته بولادة رقية إبنته قائلاً: حالت الظروف أن أعيش نفس اللحظات التى عشتها مع رقية مع شقيقيها سيف وأحمد، لأننى وقتها كنت مرتبطاً بالمعسكرات والمباريات، بينما رزقنى الله برقية فى وقت سمح لى بالجود معها بعدما حصلت على راحة من المشاركة مع الاهلى حينها بعد أن حسم الأهلى بطولة الدورى، وأعتقد أن اهتمامى بها جاء طبيعياً جداً، والحمد لله أننى أستطعت أن أعدل الكفة بعدما اشتكى سيف وأحمد إلى والدتهما من اهتمامى برقية خصوصاً بعدما وضعت صورتها على تليفونى المحمول، لذا سارعت برفع الصورة من على الموبايل حتى لا يشعر أحد منهما بأن هناك تفرقة فى المعاملة وسألنى زملائى هل البنت أحلى أم الأولاد، ولكنى قلت لهم إن البنات رزقهم واسع وأكبر على حد علمى، وكنت أتمنى أن يرزقنى الله سبحانه وتعالى ببنت بعد أن رزقنى بسيف وأحمد، حتى أكرمنى ربنا برقية وبعدها بـ«مودة» آخر العنقود فهما كل حياتى.
فى الحلقة المقبلة.. نتحدث عن أحدث محطات أبوتريكة وأسرار جديدة له داخل الأهلى والمنتخب الوطنى وكواليس اعتزاله.