يبدو أن قرار المحكمة العليا الامريكية الأخير الذى يلغى حق الإجهاض القانوني على مستوى الولايات المتحدة، على وشك أن يحدث هزة، ما لم يكن إنقلابا فى الانتخابات النصفية الأمريكية، حيث كانت التوقعات تشير قبل صدور الحكم يوم الجمعة الماضى إلى هزيمة مرتقبة للديمقراطيين، وعودة الجمهوريين للسيطرة على الكونجرس أو أحد مجلسيه. إلا أن الأمور تغيرت فجأة.
وقالت صحيفة واشنطن بوست إن الديمقراطيين فى الولايات المتحدة يستغلون قرار المحكمة العليا الأخير بحظر الإجهاض، حيث يسعى المرشحون فى الولايات وعلى المستوى الفيدرالي إلى تحويل الغضب من القرار إلى دعم لهم فى صناديق الاقتراع، حتى فى الوقت الذى يسعى فيه الجمهوريين إلى إبقاء تركيزهم مسلطا على ارتفاع الأسعار والجريمة، وذلك قبل أقل من خمسة أشهر على الانتخابات النصفية.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن الديمقراطيين بقيادة بايدن، الذى أعلن يوم الجمعة أن قضية الإجهاض مطروحة فى بطاقة الاقتراع وكذلك الحريات الشخصية، فإن الديمقراطيين فى الصفوف الأمريكية من تلك المعركة من أجل الحفاظ على أغلبيتهم البسيطة فى مجلسى الكونجرس، سيجعلون حملتهم جزءا رئيسيا من مع جهود أكبر لاستعادة حقوق الجهاض ومنع التراجع عن حريات أخرى.
وتعهد المرشحون الديمقراطيون، سواء لمناصب حكام الولايات أو المدعى العام أو غيرها من المناصب على مستوى الولايات التي يتم النظر فيها بشكل كامل الآن فى قوانين الإجهاض، بأن يضعوا تلك القضية فى مقدمة حملاتهم الانتخابية.
وقالت شيرى بيزلى، المرشح الديمقراطية للشيوخ فى ولاية نورث كارولينا، وهى من الولايات الرئيسية فى الانتخابات والتي يمكن أن تجذب مزيد من النساء الساعيات للإجهاض من الولايات الأخرى القريبة التي تحظر الإجراءـ إنهم يواجهون لحظة فاصلة لحقوقهم الدستورية. وتابعت قائلة: آمل أن تعلموا جميعا أن هذا لا ينتهى، وأن التهديدات لا تتوقف هنا، وأضافت: دعونا نركض، لا أقول نسير، نحو صناديق الاقتراع.
وفى حين أن الجمهوريين أشادوا إلى حد كبير بالحكم، إلا أن البعض أشار إلى أن أمور مختلفة، مثل التحديات الاقتصادية التي تواجه الأمريكيين، ينبغي أن يكون لها الأولوية. فى حين رحب آخرون بسلطة الولايات والمشرعين فى تحديد مستقبل قوانين الإجهاض.
كما ذكرت مجلة نيوزويك الأمريكية ـنه على الرغم من الجمهوريين يحتفلون بقرار المحكمة العليا الأمريكية الذى ألغى قرارا تاريخيا بالسماح بالإجهاض على المستوى الفيدرالي الأمريكى، إلا أن بعضهم يشعر بالقلق من أنه سيؤثر عليهم خلال الانتخابات النصفية المقررة فى نوفمبر المقبل، وفى الانتخابات الرئاسية لعام 2024.
وأشار بعض المخططين الإستراتيجيين الجمهوريين إلى أن قرار المحكمة لم يكن ينبغي أن يصدر فى عام الانتخابات النصفية، فى الوقت الذى تصب فيه عدة جوانب فى الوقت الراهن فى صالح الجمهوريين مثل الارتفاع القياسى فى مستوى التضخم، بحسب ما ذكرت مجلة بولتيكو.
وقال المخطط الإستراتيجى الجمهورى جون توماس، إن هذ ليس الحوار الذى نريد أن نجريه الآن، لكننا نريد حوارا حول الاقتصاد، وحول جو بايدن والكثير من الأمور الأخرى إلى جانب قانون الإجهاض، فهذه قضية خاسرة بالنسبة للجمهوريين.
وكتب أحد المعلقين على تويتر يقول إنه كان يعتقد أن الجمهوريين سيفوزون فى سباق البيت الأبيض بشكل ساحق بسبب مدى إثارة إدارة بايدن للشفقة، لكنه يعتقد أن القرار الأخير الخاصة بالإجهاض سوف ينقذ الديمقراطيين.
ووصف بعض الجمهوريين قرار المحكمة العليا الامريكية الأخير بأنه انتصار، من بينهم زعيم الأقلية فى مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل، ونائب تكساس رونى جاكسون، والمدعى العام لولاية ميسيسيبى لين فيتش.
إلا أن بعض الجمهوريين يعتقدون أن قرار المحكمة سيكون له نتائج عكسية على الحزب، ومنهم الرئيس السابق دونالد ترامب الذى أخبر مستشاريه سرا أن إلغاء الإجهاض سيكون سيئا للجمهوريين، ويمكن أن يؤثر على بعض الناخبين الأساسيين مثل النساء فى المناطق الحضرية، بحسب ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز يوم الجمعة.