«يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم».. كلمات كنا نستهل بها اليوم، نفتح أعيننا فى الصباح على أمل جديد ورزق ننتظره وتفاؤل نحرك به اليوم، أما اليوم، نفتح أعيننا على شاشة الموبايل، أول من نراه فى الصباح الباكر هو الهاتف، ندخل على وسائل التواصل الاجتماعى، أيا كانت المنصة، نبدأ فى التصفح ومع كل «سكرول» بوست جديد، يحمل خبرا، صورة، فيديو، شائعة، نميمة، سخرية، فضيحة، جريمة، مواد كثيرة لا نعرف مصدرا لها، غير متحققين من صدقها، والغريب أننا نصدقها ونتأثر بها.
تعلمنا فى الصحافة التحقق من الخبر، التحرى، سماع كل الأطراف، وعرض كل وجهات النظر، عدم الانحياز لطرف على حساب الآخر، لأننا لسنا قضاة، نحن نعرض القصة فقط، تعلمنا ألا نكون طرفا، وهذه هى القواعد التى يمكن بناء قصة صحفية عليها وتصديق الخبر، من خلال توافرها بعد التأكد من مصدر الخبر، أما اليوم، بعد أن أتاحت وسائل التواصل الاجتماعى الفرصة لكل إنسان على الكوكب أن يكون صانع محتوى، وينشر ما يريد، تبددت هذه القيم والأصول، وصار كل فرد ينشر ما يريد من أخبار وقصص قد يختلقها لصنع حالة على السوشيال ميديا والتربح منها، فصرنا لا نستمع لقصص من طرف واحد «قد يكون كاذبا»، ونقرأ أخبارا مجهولة المصدر تماما، لا نعرف مدى صحتها، حوادث قديمة يعاد نشرها، اتهامات لأفراد لا نعرف مدى صحتها، فوضى كبيرة فى النشر يقابلها حالة غريبة من التصديق، تؤثر سلبا على المجتمع والبشر، تخلق صورة مغلوطة، وتدفعنا لأحكام منتقصة وتدمر علاقات وتخرب بيوتا.
لا أنكر هنا فضل السوشيال ميديا فى عدة جوانب، وأن لها قوة تؤثر على صناع القرار وقوة فى الانتشار أدت للتدخل فى الوقت المناسب لإنقاذ العديد من الحالات، لكن فى الوقت ذاته، لا يمكن إنكار مساحة النميمة والكذب والتلسين واختلاق القصص، لا يمكن التسليم بأن كل ما ينشر على السوشيال ميديا صدق، وهذا ما أكدته منصة كبيرة مثل فيس بوك، ففى عام 2021، قال فيس بوك عبر تقرير أعده: إنه قام بحذف 12 مليون محتوى على فيسبوك وإنستجرام تحتوى على معلومات مضللة عن فيروس كورونا، يمكن أن تؤدى إلى ضرر جسدى وشيك، هذا ما تم رصده والإعلان عنه عن كورونا فقط، وأعتقد أن ما لم يعلن عنه أكثر بمئات المرات، وهنا يمكننا القول إن السوشيال ميديا لا تعتبر مصدرا للأخبار، ولا يمكن تصديق كل ما ينشر عليها، وأدعوك عزيزى القارئ إلى الرجوع للأصل، عند الرغبة فى الحصول على خبر أو معلومة دقيقة، ومعرفتها من مصدرها الأساسى وهو «الصحافة»، أما السوشيال ميديا، فما ينشر عليها تعامل معه على أنه غير دقيق حتى تتأكد من مصدر موثوق.