الإنجازات لا تحتاج لكلمات تتحدث عنها، فالمثل يقول «إللى مايشوفش من الغربال يبقى أعمى»، ولا شك أن كارهى الوطن لا يرون سواء من الغربال أو من غيره، هم يعيشون هاربين خارج البلاد ويتحدثون عن شوارع لا يعيشون فيها، مجتمع هم فى غربة عنه، عن مواطنين لا يعلمون أحوالهم، بل يسمعون عنها من السوشيال ميديا، دعنا من هؤلاء ولا تدعهم يشغلون البال، فكفى بهم ما يصنعون بأنفسهم، دعنا نحن فى مصرنا التى عادت وتم بناؤها بعد أن كانت على حافة الهاوية، تتحكم فيها حفنة من المخربين، فانتفض الشعب رافعا شعار «لا»، وانتفض من وراء الشعب رجال لا يعرفون سوى القتال من أجل حماية الوطن والمواطن، قالت مصر كلمتها فى وجه الظلام: «ارحل عنا نحن لا نعرفك ولا نريد»، كانت كلمة المصريين فى هذا اليوم واضحة صريحة، الظلام لن يكون جزءا من نسيج هذا الوطن، ونسيج هذا الوطن المتماسك لن يتفكك، قالت مصر - ممثلة فى شعبها وجيشها ومؤسستها الدينية والأمنية والمجتمعية - «لا»، ليسقط كل من يريد إذلال هذا الشعب، ويسقط كل من يريد خرابا، وكل من يريد تفكيكا، قالت مصر كلمتها وكلمة مصر لا ترد.
فى يناير 2011 خرجنا نهتف «عيش حرية عدالة اجتماعية»، ثلاثة مطالب بسيطة وسهلة، وأقل حقوق يمكن أن نطالب بها، هتفنا، وتغيرت حكومات، وعشنا مراحل انتقالية، وخلال ما يقرب من العامين ونصف العام بين يناير 2011 ويونيو 2013 عشنا فى تخبط وألم، كل يوم ميدان، كل يوم ثورة، كل يوم هتافات، كل يوم شهداء ومصابون، حتى اعتقدنا أننا فى الهاوية، كان الظن وقتها أن انتخابات رئاسية يقول فيها الشعب كلمته ستنهى الألم، لكن للأسف كانت نتيجة الانتخابات فوز مرسى برئاسة الجمهورية، فزاد الألم وزاد التخبط وزاد الدم، للأسف لم تكن نتيجة الانتخابات استقرارا، بل كانت مزيدا من الفوضى والنار، لدرجة أنه وللمرة الأولى على مدار التاريح نرى مظاهرات فى الشوارع لجماعة تحكم بالفعل، لماذا يتظاهرون؟ وكانت الإجابة يتظاهرون لإرهاب المصريين، ولاستعراض قوتهم، لإخراس الألسنة، يتظاهرون لتكون رسالة لكل من تسول له نفسه الاعتراض على حكم الجماعة وقراراتها، وهو الأمر الذى لم يقبله المصريون على كرامتهم وبلدهم.
انت تعرف المصريين جيدا، «أطيب خلق الله»، شعب لا يحب المشاكل، ولا يسعى إليها، «يصبر على جار السوء حتى ينتهى الصبر»، والمصريون انتهى صبرهم فى عام و3 أيام بالتمام والكمال، وهى مدة قصيرة جدا، لكن من هول الفعل يكون رد الفعل، أردنا الخلاص بمصرنا ولم تفلح كل محاولات التخويف والإرهاب، فانزاحت الغمة، وأنعم الله على مصر بعظيم النعيم، رجل يعلم قدر هذا البلد وقدر شعبها، ويعلم أن هذا الشعب يستحق ما طلبه فى يناير 2011 «عيش حرية عدالة اجتماعية»، فوضع هذه الكلمات نصب عينيه وصنع المعجزة فى ثمانى سنوات، «حياة كريمة»، مبادرة انطلقت لتحقق العدالة الاجتماعية فى كل مصر، خاصة فى الريف، انطلقت المبادرات الرئاسية تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى لتمنح للمواطن «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية»، رأينا مبادرات للقضاء على المرض، وأخرى للقضاء على الفقر، ومبادرات للقضاء على البطالة وتشغيل الشباب، مبادرات للحفاظ على التراث والهوية، وكان للإنسانية نصيب كبير من حجم هذه المبادرات، فرأينا مصر خالية من فيروس سى، ومصر خالية من قوائم الانتظار للعمليات الجراحية، ورأينا مبادرات لتمكين المرأة ومبادرات لتمكين الشباب، ومبادرات للملائكة من ذوى الهمم ومبادرات حرص من الدولة على تقبل الآخر، ومبادرات للاهتمام بصحة الطفل والقضاء على السمنة عند الأطفال والتغذية السليمة للفتيات.
بعد 30 يونيو كانت مصر تبنى من جديد، جمهورية جديدة، بروح جديدة وشغف لا ينتهى، وحلم تصل حدوده للسماء، كلما تحقق جزء منه زادت مساحته، جمهورية جديدة أطلق شعارها الرئيس السيسى «مصر قد الدنيا»، هتكبر وهتعمر، جمهورية جديدة اهتمت ببناء الإنسان من الداخل كما اهتمت ببناء المدن، جمهورية دشنت المشروعات الزراعية والتنموية ودشنت المشروعات الإنسانية، اهتمت بتمهيد الطرق وتوسعتها وإنارة الشوارع، فصرنا نرى شوارع غير التى كنا نسير فيها، أصبحت الميادين «شبه ميادين أوروبا والدول المتقدمة»، رأينا الجمال فى كل ركن فى البلد، قضينا على معضلة العشوائيات، وبدلا منها صارت المدن جديدة والبيوت آدمية، وبدلا من أن تفرز هذه العشوائيات جيلا عشوائيا مثلها، أصبحت تفرز جيلا متعلما واعيا، حرص السيد الرئيس على أن يكون فى المدن الجديدة التى انتقل اليها سكان العشوائيات «ناد رياضى وحمام سباحة»، فبدلا من أن يلعب الأطفال فى الشوارع صاروا يلعبون فى الأندية، كما حرص أن تكون البيوت من ثلاثة غرف، غرفة للآباء وأخرى للأولاد والثالثة للبنات، حتى لا نرى مشكلات من نوعية الاغتصاب الأسرى، تلك التفاصيل التى لا يهتم بها سوى رئيس بدرجة أب.
جمهورية جديدة عمرت الصحراء بالمشروعات وعمرت البيوت بالرضا والمفاهيم الصحيحة للدين والأخلاق، جمهورية يعرف رئيسها العدل والحق فلا يخشى شيئا، فرأينا رئيسا لأول مرة يزور الكاتدرائية فى عيدها، ويحتفل بين أبنائه من أقباط مصر بعيدهم، ونراه فى مشهد متكرر كل جمعة، وأنا أرى فى هذا المشهد تجليا لكل ما يمكن أن يقال أو يكتب فى العدل والطمأنينة، يخرج فى جولة يتفقد فيها «بلده» سواء كان مشروعا أو طريقا أو مجرد جولة فى الشوارع ليرى أهله، فيحرص على أن يقف بموكبه ويستمع لأهله، يعرف مشاكلهم ويستجيب لها، هذا المشهد الذى لا يمكن وصفه بكلمات، هو الأجمل والأعظم فى هذه الجمهوية الجديدة التى صارت مصر فيها «قد الدنيا».