تتفاقم أزمة تكاليف المعيشة التي تشهدها بريطانيا فى الوقت الراهن، والتي تفرض ضغوطا سياسية واقتصادية على حكومة بوريس جونسون، والذى يواجه انتقادات عديدة على خلفية سلسلة من الأزمات، أبرزها الوضع الاقتصادى، والذى تسبب مؤخرا فى خسارة حزبه المحافظين مقاعد انتخابية هامة لصالح المعارضة، الامر الذى بات يهدد بخسارة كبيرة للحزب فى الانتخابات العامة القادمة المقررة فى عام 2019.
حيث أظهرت أرقام رسمية أن دخل الأسر التى تعيش فى المملكة المتحدة قد تراجع للربع الرابع على التوالى فى بداية هذا العام، ليسجل بذلك أطول سلسلة من التراجع منذ عام 1955، وفقا لهيئة الإحصاء الوطنية.
وبعد حساب التضخم، انخفض الدخل القابل للتصرف بنسبة0.2% فى الأشهر الثلاثة الأولى من العام، وفقا لمكتب الإحصاء الوطنى البريطانى. وهذا يترك الدخل أقل مما كان عليه قبل عام بنسبة 1.3%، حتى قبل الارتفاع الذى حدث فى إبريل الماضى فى فواتير الطاقة والضرائب.
وقالت الصحيفة إن الانخفاض فى الدخل يسلط الضوء على أزمة غلاء المعيشة المتفاقمة للأسر البريطانية فى ظل تضخم كبير زاد سوءا بسبب حرب روسيا وأوكرانيا.
ويواجه رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون ووزير الخزانة ريشى سوناك دعوات لفعل المزيد من أجل مساعدة العائلات على التعامل مع هذا الضغط.
وأكد أرقام مكتب الإحصاء الوطنى أن الاقتصاد نما بنسبة 0.8% فى الربع الأول، ومع ذلك، فإن بنك إنجلترا يتوقع انكماشا فى الربع الثانى مع استمرار ارتفاع التضخم وتراجع إنفاق المستهلكين.
وانخفض مؤشر فوتسى 100، وهو أحد أكبر المؤشرات فى بريطانيا، بمقدار 1.8% مع تجدد المخاوف من الركود التى اجتاحت الأسواق، ويتجه المؤشر الآن نحو أسوأ شهر له منذ تفشى وباء كورونا فى مارس 2020.
كما أظهرت بيانات أخرى أن بريطانيا سجلت أيضا عجزا قياسيا فى حسابها الجارى فى بداية هذا العام، ويرجع ذلك جزئيا إلى ارتفاع تكلفة واردات الطاقة.
وفى دليل آخر على زيادة الضغط الاقتصادى على المواطنين فى بريطانيا، كشفت أرقام هيئة الإحصاء أن أكثر من مليونى شخص أصبحوا من دافعى أعلى معدل الضرائب فى بريطانيا فى ظل حكومة بوريس جونسون، مما أدى إلى تصاعد رد الفعل العنيف من نواب حزب المحافظين.
وأظهرت أرقام هيئة الإحصاء الوطنية البريطانية أن 6.1 مليون شخص، أى ما يعادل واحدا من كل ستة بالغين، يدفعون الآن معدل 40% ، ارتفاعا من 4.2 مليون شخص فى عام 2019. ويشمل هذا 629 ألف شخص يدفعون أعلى مستوى من ضريبة الدخل، أى 45% على الأرباح التى تزيد عن 150 ألف جنيه استرلينى، ارتفاعا من 421 ألف فى عامى 2019/2020.
وقال معهد الدراسات المالية إن التجميد لمدة أربع سنوات عند 50.271 استرلينى، والذى تم إعلانه فى الميزانية العام الماضى ، يمكن أن يجمع 16 مليار استرلينى ، ويعود ذلك جزئيا إلى ارتفاع التضخم.
وكانت شركة الاستشارات LCP قد توقعت أن عدد دافعى أعلى معدل من الضرائب سيزيد أثر من مليون قبل نهاية تلك الدورة البرلمانية بسبب توقع زيادة الأجور والمعاشات بشكل سريع.
وتسعى الحكومة البريطانية إلى إيجاد سبل لتخفيف الأعباء عن المواطنين، ومن بينها اقتراح كشفت عنه صحفة التايمز بخفض ضريبة القيمة المضافة من أجل الحد من التضخم ومساعدة الأسر على التكيف مع أزمة تكاليف المعيشة.
وبحسب ما علمت الصحيفة، فإن ستيف باركلاى، رئيس موظفي رئيس الوزارء، اقترح خفض قيمته 20% فى المعدل الرئيسى للضريبة. واقترح خفضا مؤقتا من شأنه أن يحد من فواتير الضرائب لملايين البريطانيين ويخفف من التضخم، والذى وصل نسبته إلى 9.1%، وهو الأعلى منذ 40 عاما.
ومع ذلك، فإن وزارة الخزانة البريطانية تشعر بالقلق بشأن تكلفة الخطوة، وحذرت من أنها يمكن أن تؤدى فى نهاية المطاف إلى ارتفاع التضخم من خلال التحفيز الفائق للاقتصاد. كما أنها أثارت نقطة أن تلك الخطوة يمكن أن تفيد الأسر الثرية والأكثر فقرا على حد السواء.
وأوضحت التايمز أن خفض ضريبة القيمة المضافة إلى نسبة 17.5% من شأنها أن يكلف الحكومة نحو 18 مليار استرلينى.
ويواجه رئيس الحكومة ضغوطا متزايدة من نواب المحافظين من أجل الوفاء بتعهده بخفض هذه الضرائب، والتي فى طريقها لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ أربعينات القرن الماضى.