تفصيلة مهمة فى لجنة استرداد أراضى الدولة ومستحقاتها التى شكلها الرئيس عبد الفتاح السيسى بقرار جمهورى، وبرئاسة المهندس إبراهيم محلب مساعد الرئيس للمشروعات القومية والاستراتيجية، ربما لم يلتفت لها الكثيرون رغم أهميتها، لأنها تؤكد المنهج القانونى الصحيح الذى تسير عليه اللجنة، بما يبث الطمأنينة والثقة فى قلوب المصريين، هذه التفصيلة مرتبطة بتشكيل اللجنة، التى تضم أحد الشخصيات القانونية والقضائية التى لها خبرة طويلة مع المجال الذى من أجله تأسست اللجنة، وأقصد هنا المستشار عماد عطية، الرئيس بمحكمة الاستئناف، والذى صدر له قرر منذ عدة أشهر من مجلس القضاء الأعلى لندبه إلى عضوية لجنة استرداد أراضى الدولة ومستحقاتها والعمل كمستشار قانونى باللجنة.
أقول إنها تفصيلة مهمة لعدة أسباب، أهمها أن المستشار عماد عطية شغل لفترة قاضٍ تحقيقات فى قضايا مخالفات وفساد وزارة الزراعة، فسبق أن عاين الأراضى بنفسه مع لجنة فنية وأعد دراسة مهمة عن أراضى الدولة، ووضعها على مكتب المهندس إبراهيم محلب، كما أنه ملم بكل تفاصيل قضايا أراضى الدولة، بما يجعله أحد الأمناء على القضية التى شغلت ولا تزال تشغل الرأى العام المصرى، وله انحياز واضح تجاه الحق الذى يضمن نزاهة وشفافية قرارات اللجنة، والحقيقة أن الانحياز للحق هو السمة المسيطرة على كل أعضاء اللجنة، فجميعهم مشهود لهم بالنزاهة والشفافية والقدرة على قول الحق فى وجه الجميع، حفاظًا على مصالح الدولة والمصريين.
الدراسة التى أعدها المستشار عماد عطية، قبل انتدابه لعضوية اللجنة مبنية على ما انتهت إليه اللجنة الفنية التى شكلها قبل ذلك بالتنسيق مع وزارة الزراعة وضمت خبراء المساحة الهندسية والمحاسبية وجميع المجالات، وكان هدفها مساعدته فى الوصول إلى طبيعة الأرض والمخالفة، فضلاً عن الاطلاع على العقود المبرمة مع المخالفين وغيرهم كافة، وساعده أيضًا فى إعداد هذه الدراسة تواصله مع أصحاب هذه الأراضى فى محاولة للوقوف على الحل الأمثل الذى يجب على وزارة الزراعة اتباعه دون تعسف فى التقدير، وانتهت هذه الدراسة التى شملت ملف الأراضى الصحراوية التى عاينها على الطبيعة بطريقى مصر ـ الإسكندرية ومصر ـ الإسماعيلية الصحراويين، إلى وضع تصور ومشروع حول ذلك الملف من بيان المساحة الإجمالية المخالفة للقضايا المختص.
المستشار عماد عطية له خبرة فى الملف جعلته يضع يده على المعوقات التى تحول دون التصالح مع الجمعيات أو الأفراد والآلية فى ذلك، وهذه الخبرة تفيد بالتأكيد فى عمل اللجنة، التى تعبر عن تغيير فى الثقافة التى تتعامل بها الدولة تجاه هذه القضايا، فالقضية لم تعد كما كانت فى الماضى، ملاحقة المخالفين قضائيًا أو تستر بعض الجهات على هذه المخالفات، وإنما الثقافة الجديدة للدولة تقوم على تحقيق الاستفادة للدولة، وكذلك للمستثمرين الجادين، ممن لديهم نية صادقة فى رد أموال الدولة ومستحقاتها، وفى نفس الوقت تقنين أوضاعهم بشكل يسمح لهم ممارسة أنشطتهم بشكل قانونى.
بكل تأكيد اللجنة فى مجملها حازت على احترام كل المتابعين لعملها منذ اليوم الأول لعملها، خاصة أن على رأسها شخص محل ثقة من الجميع، وهو المهندس إبراهيم محلب، ومعه ممثلين للهيئات المعنية كافة، معتمدة بشكل كبير على الشق القانونى، لذلك نجد ضمن أعضاء اللجنة ممثلًا لوزير العدل، والمستشار عادل السعيد، رئيس جهاز الكسب غير المشروع، وزادت على ذلك بأن طلبت الاستفادة من خبرات المستشار عماد عطية، والذى أوكلت له رئاسة لجنة تلقى طلبات التصرف والتقنين، لأن بما لديه من خبرات قانونية وقضائية فى ملف أراضى الدولة يستطيع دراسة كل حالة بشكل جيد، ويستطيع أن يقرر إن كانت شروط التصالح متوفرة أم لا.
عمل اللجنة يسير فى اتجاه مهم وهو تغليب الرأى القانونى والرقابى فى كل ملف مطروح عليها، فلا قرار إلا بعد أخذ رأى المستشار عماد عطية وممثلى الجهات الرقابية، بما يؤكد الثقة فى القرارات التى تصدر عن اللجنة، فالقرار لا يصدر بشكل عشوائى، وإنما بعد دراسات ومناقشات مستفيضة، يشارك بها كل المتخصصين، وعلى رأسهم كما قلت القانونيين والأجهزة الرقابية .
وهنا لا ننسى الدور المهم والفعال لجهاز الرقابة الإدارية داخل اللجنة، فوجودها يضمن لنا الكشف عن أى حالة فساد كبرت أم صغرت، فالرقابة الإدارية لها رصيد كبير جدًا من الثقة لدى المصريين، لدورها الهام والمستمر فى كشف قضايا الفساد، حتى وإن تورط فيها وزير أو مسئول كبير، فهم لا ينظرون للأشخاص بقدر نظرتهم للمصلحة العامة للدولة، المؤتمنين عليها، لذلك كانوا محل ثقة الجميع بدءًا من رئيس الدولة الذى أوكل لهم ملفات مهمة ليس من بينها فقط كشف الفساد ومحاربته، وإنما أيضًا القضاء على ظاهرة الأيدى المرتعشة لدى موظفى الدولة ممن يخشون من شبهة الفساد فيحجمون عن اتخاذ القرارات، فجاء تكليف الرئيس للرقابة بأن تتخذ إجراءات فورية باستقبال المستثمرين ورجال الأعمال، لبحث المشكلات التى تعوق مشروعاتهم واستثماراتهم فى مصر كافة من خلال تعاملاتهم مع جميع أجهزة الدولة، من تراخيص وخدمات وبنية تحتية ومرافق، مع العمل على إيجاد حلول سريعة وفعالة لهذه المشكلات، بما يضمن توفير المناخ اللازم لجذب واستدامة الاستثمارات، على أن يتم عرض تقرير تفصيلى على الرئيس بصورة عاجلة يتضمن جميع الإجراءات التى اتخذت فى هذا الشأن .
فى المجمل نحن أمام لجنة تعرف دورها جيدًا، وتعطى لكل إنسان حقه، معتمدة فى الأساس على التنويعة الفريدة لأعضائها، ممن لا هم لهم سوى تطبيق القانون وإعلاء المصلحة العامة للدولة، ومساعدة الجادين.