- التمويل قضية كبرى فى أهداف القمة المقبلة
تمثل قمة المناخ 27 التى تنعقد فى نوفمبر المقبل فى مدينة شرم الشيخ، إحدى أهم الأدوات الوطنية التى عملت عليها الدولة خلال الفترة الماضية، خاصة فى ظل المتابعة المستمرة من الرئيس السيسى شخصيا لكل تحركات الجهات والمؤسسات المعنية فى عملية الإعداد والتجهيز، وبما يعقد عليه الأمل أن تحتويه القمة من توجهات دولية نحو فكرة دعم قضايا المناخ ودعم شعوب الدول المتضررة من التغيرات المناخية، وربما تذهب مصر بقيادتها المتمثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى نحو صناعة قمة مختلفة ذات أبعاد وتوجهات كبيرة تخدم العالم بأسره، وفى قلبه مصر بطبيعة الحال والقارة الأفريقية، وربما يتساءل المواطنون عن مكتسباتهم الشخصية أو مدى الاستفادة التى تعود على المواطن من قمة المناخ والتى يمكن تحليلها وقراءتها فى عدد من النقاط الرئيسية.
الوعى المناخى قضية أمن قومى
انطلاقا من فكرة الزخم الكبير الذى تقوم به جميع مؤسسات الدولة الوطنية فى ملف COP 27، صار لدى المواطنين متابعة كبيرة للملف وما يتم فيه، وأصبحت كلمة التغير المناخى أو تغير المناخ مصطلحا دارجا لدى الجمهور، فضلا عن المتخصصين والمتفاعلين فى الشأن العام، إلا أن قضية الوعى المناخى لا ترتبط فقط بمعرفة المصطلح وترديده ولكنها ترتقى لمستوى أعلى فى فهم طبيعة التغيرات المناخية، وربما يكون المواطن البسيط يعلم مضمون التغيرات التى حدثت فى العالم خلال السنوات الماضية، حتى وإن لم ينسب تلك التغيرات لمفهوم التغير المناخى، فعلى سبيل المثال صار لدى المواطن اقتناع عام بأن «الشتاء ليس كالشتاء كل عام، وأن فصل الصيف متغير تماما عن فصل الصيف فى السابق»، بل وانسحب ذلك لفكرة المصطلح الشهير الذى كان يردد فى المدارس قديما، وصار «كوميكس حاليا» وهو أن جو مصر حار جاف صيفا دافئ ممطر شتاء، وتغير ذلك المصطلح وتغيرت بدايات الفصول الفعلية بعيدا عن ثبات المواعيد الفلكية، وكل ذلك يعد مفهوما لما حدث فى عملية تغير المناخ على مدار العقود الماضية.
الأعاصير والبراكين ونزوح الملايين
من القضايا التى ترتبط ارتباطا وثيقا بفكرة التغير المناخى، الأحداث الكثيرة التى نتابعها بين حين وآخر حول فكرة الأعاصير والبراكين، بل وعمليات النزوح التى تتم بناء على الفيضانات والجفاف، وهى أرقام قدرتها الهيئة الحاكمة للمناخ IPCC أن 20 مليون نسمة نزحوا داخليا منذ عام 2008 جراء آثار تغير المناخ، وفى بعض المناطق بقارتى أفريقيا وآسيا شهدت ظواهر بيئية حادة كالفيضانات والجفاف والأعاصير خلال العشر سنوات الأخيرة بزيادة 15 ضعفا، وهذه الأرقام توضح أن عملية التأثر من التغير المناخى، تمثل فى حد ذاتها وسيلة لتحقيق مكاسب من عملية متابعة العالم لما يتم فى محاولة لتقليله، وبالتالى كل تحرك فى ذلك الملف ينقذ ملايين المواطنين ويؤمن مستقبل أسرهم على مدار عدة عقود مقبلة.
الحروب والنزاعات
لا يعقل أن نفصل بين فكرة الأمن والاستقرار وبين قضية تغير المناخ، باعتبار أن الحروب الناتجة عن التغيرات المناخية موجودة ومستمرة، بل والحروب على مصادر الطاقة فى جوهرها هى حروب ناتجة عن الخوف من فكرة التغير المناخى، لذلك فدعم قضايا الأمن والاستقرار هما وسيلة جيدة للغاية فى دعم قضايا التغير المناخى، وبالتالى فإن محور الأمن ومكافحة الحروب والنزاعات هى أسس واضحة فى ملف قمة المناخ المقبلة، وذلك يرتبط ارتباطا وثيقا بفكرة التمويل التى يجب أن تكون قوة ملحة فى وسائل التنفيذ، لأنه كلما توفر التمويل لحل القضايا، كلما قلت مشاكل النزاعات، وساهم ذلك فى إيجاد حلول واضحة للأزمات.
المواطن البورسعيدى والصعيدى وابن عمه الموزمبيقى
مكتسبات قمة المناخ المقبلة وما يليها، هى مكتسبات تعود فى المقام الأول على المواطنين، لذلك فالمواطن فى الصعيد وبورسعيد يتأثر بشكل كبير مثل المواطن فى موزمبيق، واختيار موزمبيق هنا ليس جراء الصدفة أو ترتيب الحروف، لكنه مرتبط بتقرير رسمى صادر عن الأمم المتحدة يتحدث عن حجم النزوح الذى طال مئات الآلاف من شعب موزمبيق بسبب الأمن والنزاعات والتغيرات الجوية والمناخية، بالإضافة لعدة عواصف وأعاصير ضربتها والتى هددت حياة مئات الآلاف أيضا من العائلات، لذلك فالمواطن هناك يهمه فى المقام الأول أن يصل العالم لأدوات تنفيذ حقيقية فى القمة المقبلة، حتى تستطيع دولته تعويضه على فقدان منزله وأسرته.
أمن الماء والغذاء
تمثل قضايا الأمن المائى والغذائى عنصرا مهما فى حياة ومصير أى دولة، لذلك فالقمة المقبلة فى شرم الشيخ تنعقد عليها آمال كبير وواجبة نحو القضيتين، ولذلك حددت اللجنة المعنية بتنظيم القمة يوما لمناقشة تلك القضايا، وذلك لما تمثله فى عملية التحدى الكبير الذى تواجهه عدة دول ومن بينها مصر، فالتهديد فى ملفات الأمن المائى والغذائى من التهديدات التى تضعها الدول فى الحسبان، وذلك لما ينتج عنهما من كوارث طبيعية مثل الأعاصير والجفاف، وهى ظواهر مرتبطة بفكرة تغير المناخ، لذلك تواجه الدول ملف التغير المناخى عبر عدة وسائل مترابطة ومتشابكة حتى يمكنها وضع حلول سليمة ومنطقية للأزمات.
خفض الانبعاثات والتكيف
من وسائل الحماية التى تعود على المواطن بشكل مباشر فى صحته وحياته من عملية تغير المناخ، ما يجب أن تقوم به الدول العظمى فى وسائل الضبط والمتابعة للمصانع الكبرى والمنشآت بهدف خفض نسبة الانبعاثات، وكذلك وضع تصور بعملية التكيفات فى الزراعة وغيرها مع برامج التغير المناخى، ولنضرب مثالا واضحا، فالمنطقة التى يوجد بها مصنع بعينه يقوم ببث انبعاثات ضارة أو سامة، تكون نسبة الأطباء فيها أكثر من التقليدى، بل وأطباء فى أمراض بعينها، فلو أن هناك تمويلا كافيا لتلك المصانع حتى يتثنى لها القيام بتجهيزات بعينها، فإن ذلك يعود على صحة المواطن إيجابيا، وهذا المواطن هو الركن الأساسى فى المجتمع والذى يعتمد عليه فى بناء الدولة وتأمين مستقبلها، أيضا فى قضايا الزراعة، لو أن محاصيل بعينها تغير فى طبيعة الأرض، وتلك الأرض نحتاجها فى أغراض أخرى، لو أن المسؤولين والقائمين على برامج التغير المناخى تدخلوا فى تحديد نوعية المحاصيل ارتباطا بفكر الدولة عموما، يمكننا حينها الاستفادة فى الربط بين عملية الزراعة وعمليات مجابهة التغير المناخى.
العلامة الخضراء والاقتصاد الأخضر
فى سبيل تحقيق كل الوسائل الممكنة فى تجهيز مدينة شرم الشيخ لاستقبال قمة المناخ بما يتناسب مع متطلبات المناخ العالمية، تقوم الدولة عبر عدة جهات رسمية وبالتعاون مع القطاع الخاص فى عملية تجهيز كاملة للطرق والمنافذ والفنادق والسيارات، وجميع الوسائل بما يتناسب مع مناخ صديق للبيئة يعتمد على أشكال أخرى من الوقود مثل الكهرباء والغاز، وكذلك مساحات أكبر من الزراعات المناسبة، حتى فى شكل السائقين والفنادق، ووضعت الجهات المعنية فكرة النجمة أو العلامة الخضراء للوصول بعدد أكبر من الفنادق تكون صديقة للبيئة، ولذلك فإن ما تقوم به الدولة فى مدينة شرم الشيخ، يعتبر دافعا للعمل به فى كل المجتمعات العمرانية الجديدة وكذلك المدن الكبرى، ويرتبط بعمليات التطوير التى تقوم بها الحكومة فى المحافظات وعلى كل المسارات تقريبا، فلو أننا توسعنا فى فكرة السيارات التى تعمل بالكهرباء فإن ذلك وسيلة ذات أهمية كبرى فى دعم برنامج مواجهة ظاهرة تغير المناخ، وهو مكتسب رئيسى يعود على المواطن فى المقام الأول.
الشباب والمتطوعون والقطاع الخاص
فى وسائل صناعة شكل جديد من أشكال التنفيذ المبهرة التى يمكن تقديمها للعالم، فإن العمل يجرى على قدم وساق فى تجهيز المتطوعين والشباب للقيام بعملية التنظيم والاستقبال وكل الأمور الفنية فى قمة شرم الشيخ المقبلة، وهناك لقاءات تتم بين جميع الوزارات تقريبا لتجهيز شباب يمكنهم تحقيق الشكل المطلوب فى انعقاد القمة، ويكونون فى استقبال آلاف المواطنين والمسؤولين من دول أخرى خلال فترة انعقاد المؤتمر، بالإضافة للدور الكبير للقطاع الخاص بكل مؤسساته وتوجهاته والذى يقع عليه حمل كبير فى المؤتمر، وباعتباره مرحلة انتقالية لواقع أكثر تطورا فى التعامل مع قضايا المناخ فى المنطقة والقارة، لذلك فالفاعلون فى القطاع الخاص والمهتمون بمجال تغير المناخ، تعد تلك الفترة هى المرحلة الأهم لهم فى عملية صناعة شبكة علاقات واسعة حتى يمكنهم تحقيق أهدافهم فى القارة والمنطقة.