زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، لألمانيا تمثل أهمية من حيث التوقيت والقضايا والموضوعات المتعددة التى فرضت نفسها على اللقاء، ومباحثات الرئيس سواء مع المستشار الألمانى «أولاف شولتز»، أو المسؤولين ونخب رجال الأعمال فى ألمانيا.
الزيارة تأتى انطلاقا من الطفرة التى شهدتها العلاقات المصرية الألمانية فى مجالات اقتصادية وتجارية وأمنية وعسكرية وسياسية، منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى الرئاسة فى عام 2014 وإعادة بناء علاقات مصر الخارجية القائمة على التعاون والشراكة، ما يضمن مصالح الأطراف المختلفة.
العلاقات المصرية الألمانية تعد نموذجا فى العلاقات الدولية من حيث التنسيق والتشاور السياسى فى القضايا الإقليمية، والشراكة الاقتصادية والتجارية تحقق المصالح المشتركة لشعبى البلدين.
ألمانيا شريك لمصر فى مجالات الاستثمار والتنمية، والشراكة فى التكنولوجيا سواء فيما يتعلق بالكهرباء أو مشروعات النقل والقطارات، باعتبار مصر أيضا ذات تجربة تنموية مهمة تتيح المجال لجذب استثمارات خارجية وفرص الاستثمار.
زيارة الرئيس السيسى لألمانيا تأتى فى توقيت دقيق، وفى ظل تحديات كبيرة وانعكاسات اقتصادية وتداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية على الاقتصاد، خاصة فى مجالات الطاقة والغذاء، وهى تداعيات أيضا تنعكس فى صورة ارتفاعات فى أسعار الغذاء والطاقة، تؤثر على أسعار وأحوال الحياة فى العالم، مع استعدادات أوروبا للشتاء فى ظل اضطرابات أسواق الطاقة من نفط وغاز، فى وقت لم يتعاف العالم من تأثيرات جائحة كورونا.
وبالتالى تناولت مباحثات الرئيس مع المستشار الألمانى، الوضع الاقتصادى الدولى الصعب، الناشئ عن الأزمة فى أوكرانيا خاصة على صعيد أمن الغذاء والطاقة فى العالم والتأثيرات السلبية غير المسبوقة، التى شهدتها أسواقهما بسبب الأزمة، والاتفاق على أن الوضع الحالى يفرض على كل الفاعلين الدوليين، التحلى بالمسؤولية، لإيجاد حلول وآليات عملية، تخفف من تداعيات الأزمة على الدول الأكثر تضررا.
وقال الرئيس السيسى، إن الساحة الدولية تشهد تحديات متعددة فى ظرف دولى دقيق وحرج ويتطلب منا جميعا، إبقاء قنوات التشاور مفتوحة، فضلا عن شحذ الأفكار، للتوصل لحلول لمعالجة هذه التحديات،
خاصة أن هذه الأزمة تأتى فى وقت تتضاعف فيه تأثيرات التغيرات المناخية، التى أصبحت تمثل تهديدا للمستقبل، بتأثيراتها على الزراعة والمياه، حيث شارك الرئيس فى منتدى حوار بيترسبرج للمناخ، وتحدث بوضوح عن رؤية مصر فى مواجهة التغيرات المناخية، والذى يعد محفلا مهما، للتداول فى كيفية تنسيق الجهود الدولية، لتحقيق تقدم ملموس حول هذه القضية، التى تمثل التحدى الأبرز لمستقبل البشر، وهذا فى ظل استعدادات مصر الجارية لاستضافة القمة العالمية للمناخcop 27 فى «شرم الشيخ» نوفمبر المقبل.
إقليميا تطرح مصر دائما رؤية تقوم على التوازن ودعم المسارات السياسية فى ليبيا واليمن وسوريا، مع إبعاد التدخلات الخارجية، حيث يؤكد الرئيس السيسى دائما أن مصر تدعم الحل السياسى لكل الأزمات، وقال لوزيرة خارجية ألمانيا إنه لا سبيل لتسوية الأزمات فى شرق المتوسط وليبيا وسوريا واليمن إلا من خلال الحلول السياسية، ومن خلال التشاور والتنسيق باعتبار أن أى صراع لا بد له أن ينتهى إلى حوار وتفاوض.
وقد تم الاتفاق بين الرئيس السيسى والمستشار الألمانى على استمرار التنسيق إزاء قضايا المنطقة وفى مقدمتها القضية الفلسطينية والوضع فى ليبيا، وسوريا، واليمن، فضلا عن سبل مواجهة التطرف والإرهاب، وظاهرة الهجرة غير الشرعية.
وتحرص الدولة المصرية على التنسيق والتشاور مع الجانب الألمانى والأطراف الدولية بشأن كل الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية، وقد أصبحت الرؤية المصرية نموذجا للعمل الجماعى، لأنها تنطلق من مصالح الشعوب وتقليل التوترات، بما يمهد لاستقرار من أجل التنمية.
وبالطبع كان ملف الطاقة على رأس مباحثات الرئيس مع الجانب الألمانى، حيث أعلن الرئيس استعداد مصر التام لوضع أسس لشراكة قوية مع ألمانيا فى مجالات الطاقة بأنواعها سواء من خلال تصدير الغاز الطبيعى إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبى، أو من خلال إقامة شراكة ممتدة، فى إطار رؤية مصر الطموحة، للتحول لمركز متميز فى إنتاج وتصدير الطاقة النظيفة خاصة من الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وبالتالى فإن زيارة الرئيس إلى ألمانيا كانت مناسبة لطرح ومناقشة كل الملفات، ومنها السياسية والحقوقية، حيث طرح الرئيس رؤية مصر بوضوح ومن خلال تجربة الممارسة المباشرة فى هذه الملفات.