يعد الإسكندر الأكبر أحد ملوك مقدونيا الإغريقية، ومن أشهر القادة العسكريين والفاتحين عبر التاريخ، واليوم تمر ذكرى ميلاده، إذ ولد فى مثل هذا اليوم 20 يوليو من عام 356 ق .م، فقام والده فيليب الثانى المقدونى باستدعاء الفيلسوف اليونانى الشهير أرسطو إلى قصره لتعليم الإسكندر.
وقد استمر الإسكندر فى تلقى العلم من أرسطو حتى بلغ السادسة عشر من عمره، وعندما بلغ الإسكندر سن الثانية عشرة من عمره بدأ والده فى إعداده للفروسية، وكانت والدته تسمى "أولمبياس".
كان والده فيليب قد أخضع بلاد اليونان تحت سيطرته، واستعد فى عام 337ق.م للقيام بحملة على الفرس انتقامًا منهم بما فعلوه فى بلاد اليونان من تخريب، وبينما كان الاستعداد للحملة الكبرى قائمًا على أشده اغتيل فيليب بخنجر أحد ضباطه الغاضبين عليه فى عام 336ق.م، ولم يكن الإسكندر قد جاوز العشرين من عمره، حيث وجد نفسه ملكًا على مقدونيا، ولكنه لم يتهيب المخاطر وتولى ذلك العرش بمسئولياته الجسام فى هذه السن المبكرة.
ورث الإسكندر عن أبيه مملكة وجيشًا قويًا، إلا أنه واجه تمرد من جانب المدن اليونانية التى كانت لا تريد الاستمرار فى الخضوع لسيطرة مقدونيا، كما جاء فى مشروع حكاية شارع الذى نفذه الجهاز القومى للتنسيق الحضارى، فواجه الإسكندر هذا الأمر بكل شجاعة وبسالة، وما كاد خريف عام 335 ق.م يقدم حتى كان الإسكندر قد أخضع بلاد اليونان بضربة واحدة، وانتزع لنفسه قيادة القوات اليونانية والمقدونية، وأصبح زعيمًا لا ينافس يفرض سلطانه على منطقة شاسعة ممتدة من البيلوبونيوس جنوبًا إلى حوض الدانوب شمالاً ومن جزيرة كوركيرا غربًا إلى البسفور والدردنيل شرقًا.
انطلق الإسكندر فى ربيع عام 334 ق.م فى حملة على بلاد فارس، فتمكن من دحر الفرس وطردهم خارج آسيا الصغرى، ثم شرع فى انتزاع ممتلكاتهم الواحدة تلو الأخرى، فى سلسلة من الحملات العسكرية التى دامت عشر سنوات، تمكن خلالها الإسكندر من تحطيم القوة العسكرية للإمبراطورية الفارسية فى عدة مواقع عسكرية حاسمة، أبرزها معركة "إسوس) و(جاوجاميلا"، وتمكن فى النهاية من الإطاحة بدارا الثالث إمبراطور فارس، وفتح كامل أراضى إمبراطوريته، وبذلك امتدت حدود إمبراطورية الإسكندر من البحر الإدرياتيكى غربًا إلى نهر السند شرقًا.
وصول الإسكندر إلى مصر
اجتاحت جيوش الإسكندر أيضًا مصر التى كانت خاضعة لاحتلال الفرس آنذاك، فدخلها فى عام 332ق.م، وأشاع أنه جاء إلى مصر ليحررها من عبودية الفرس، ورحب المصريون بالبطل الذى يدعى أنه من نسل ربهم آمون. وبذلك تحولت مصر إلى جزء مهم من إمبراطورية الإسكندر.
غزو الشرق الأقصى
كان الإسكندر يسعى للوصول إلى نهاية العالم، فأقدم على غزو الهند سنة 326 ق.م، لكنه اضطر إلى أن يعود أدراجه بناء على إلحاح قادته، وبسبب تمرد الجيش، لأن القوات المقدونية كانت قد أنهكت من القتال والترحال فى ظروف مناخية غريبة عليها، بل إن قوى الرجال أنهكت من الناحية النفسية، ولهذا رفضوا التوغل شرقًا وظهرت رغبتهم فى العودة إلى أوطانهم.
أسس الإسكندر أكثر من عشرين مدينة تحمل اسمه فى أنحاء مختلفة من إمبراطوريته، أبرزها وأهمها مدينة الإسكندرية فى مصر وأنشأ العديد من المستعمرات اليونانية فى أنحاء إمبراطوريته المترامية الأطراف.
سعى الإسكندر لمزج الثقافة اليونانية الهلينية بالثقافات الشرقية، أى المزج بين حضارة الشرق والغرب، وخلق حضارة جديدة تجمع بين الإثنين، أطلق عليها اسم "الحضارة الهلينستية".
رحل الإسكندر فى قصر نبوخذ نصر ببابل بالعراق، فى العاشر أو الحادى عشر من يونية سنة 323 ق م، وعمره اثنان وثلاثون عامًا.،وقد اختلف المؤرخون اختلافًا بسيطًا فى تحديد أسباب الوفاة، فمنهم من قال إنه أفرط فى شرب الخمر حتى أصيب بحمى قوية وأصبح عاجزًا عن الكلام، وذكر آخرون أنه مات بالسم على يد بعض المقربين منه، وذهب البعض إلى احتمالية إصابته بمرض طبيعى كالملاريا أو الحمى التيفوتية فمات بسببها.
وبعد وفاته وضع جثمانه فى تابوت ذهبي، ووضع فى سفينة للذهاب به إلى مقدونيا، وأثناء السير بالجثمان أجبر أحد قادة الإسكندر الذى كان من نصيبه مصر وهو "بطليموس"، أجبر الركب على الاتجاه إلى مصر، وتم تحنيطه ودفن فى مقبرة بمدينة الإسكندرية، واستمر الضريح معروفًا خلال العصر الروماني، حتى قل الحديث عنه فى المصادر التاريخية، وأصبح من الأمور التاريخية التى يكتنفها الغموض.