سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..21يوليو 1798جنود الحملة الفرنسية يأكلون الشمام قبل انتصارهم على المماليك فى معركة الأهرام واحتلال القاهرة

وصلت قوات الاحتلال الفرنسى بقيادة نابليون بونابرت إلى قرية «أم دينار» التابعة لمركز «منشأة القناطر» بالجيزة يوم 19 يوليو 1798 فى طريقها لدخول القاهرة، وهناك شاهد «بونابرت» لأول مرة الأهرام بعظمتها الخالدة، فأمر بإراحة جيشه يوم 20 يوليو تأهبا لخوض المعركة الفاصلة، معركة «الأهرام»، وفقا لعبدالرحمن الرافعى فى الجزء الأول من موسوعته «تاريخ الحركة القومية، وتطور نظام الحكم فى مصر». كان «بونابرت» يواصل زحفه من الإسكندرية إلى القاهرة منذ 7 يوليو 1798، وجنوده يواصلون نهب وسلب القرى التى يستولون عليها، حسبما يؤكد «ج.كرستوفر هيرولد» فى كتابه «بونابرت فى مصر»، ترجمة «فؤاد أندراوس»، مراجعة دكتور «محمد أحمد أنيس»، مضيفا: «كان الضباط العاجزون عن النهب، يرقبون رجالهم فى شىء من الحسد وهم يشوون ما سرقوا من حمام ودجاج وخراف، واستخدموا القضبان التى يعبئون بها بنادقهم أسياخا للشى». كان المماليك بقيادة «مراد بك» و«إبراهيم بك» ينظمون قواتهم للدفاع عن القاهرة، وينقل «الرافعى» عن «الجبرتى»، أن أهالى القاهرة الذين طالما عانوا من ظلم المماليك تطوعوا للدفاع عن العاصمة.. يضيف: «ظهر الشعب فى ساعة الخطر أرقى نفسا وأنبل قصدا من حكامه الظالمين، ففى الثلاثاء 17 يوليو 1798، نودى بالنفير العام وخروج الناس للمتاريس، فلبى المصريون الدعوة وأغلقوا الدكاكين والأسواق، وخرج الجميع إلى جهة بولاق للدفاع عن القاهرة، واشتركت طوائف الشعب فى التطوع، فكانت كل طائفة من أهل الصناعات تجمع المال من أفرادها اكتتابا، ويجتمعون ليرتبوا ما يصرف عليهم وما يحتاجون إليه مما جمعوا، وتبرع بعض الناس بالإنفاق على البعض الآخر، ومنهم من جهز بالسلاح والزاد، وخلت طرقات العاصمة وبيوتها من كل قادر على حمل السلاح، واتجهوا جميعا نحو بولاق استعدادا لرد الجيش الزاحف على البلاد، ولم يبق فى المنازل أو الطرقات سوى النساء والصغار والضعفاء والمرضى الذين لا يقدرون على الحركة». وزع المماليك قواتهم، فانتظر مراد بك الفرنسيين على ضفة النيل اليسرى أمام بولاق فى قرية إمبابة، أما إبراهيم بك فعسكر فى بولاق ببقية المماليك وجيش المتطوعين ليقطع الطريق أمام الفرنسيين إذا بلغوا الضفة اليمنى، أما على النيل نفسه فانتظر أسطول المماليك، حسبما يذكر «هيرولد»، مضيفا: «فى الساعة الثانية صباح 21 يوليو 1798 صدر الأمر للجيش بالزحف على إمبابة، وبلغ الجيش وجهته فى الساعة الثانية بعد الظهر فى أشد أوقات النهار قيظا، وعلى نحو ميل من الفرنسيين وقفت طوابير المماليك المصطفة للمعركة، ولاحت من خلفها الأهرام العظيمة وبانت كتلها الضخمة الغامضة على بعد عشرة أميال، وإلى اليسار استطاع الفرنسيون أن يشهدوا على الأقل خطا متألقا من قباب القاهرة ومنائرها، وأتيحت لهم راحة ساعة واحدة قبل أن يصدر بونابرت أمره بالهجوم، وقد أفادوا من هذه الفترة فى إطفاء ظمئهم بأكل الشمام الذى وجدوه بوفرة». يضيف «هيرولد»: «أمر بونابرت الفرق بأن تشكل مربعات وبين المربعات الأمتعة والفرسان، وفى أركانها المدفعية، ثم خطب فى جنوده فى روايته للمعركة وأمرهم بالهجوم وهو يشير إلى «الأهرام»، قائلا: «أيها الجنود إن أربعين قرنا تنظر إليكم من قمة هذه الأهرام».. يعلق «هيرولد»: «الحقيقة أنه لم يتح له لا الوقت ولا الصوت للخطاب فى رجاله الذين انتشروا على عدة أميال، والذين كان معظمهم إلى ذلك الحين لا يزالون حائرين فى أمر هذه الأهرام، وأغلب الظن أنه أبدى هذه الملاحظة للضباط الذين اتفق وجودهم وقتها حوله، ولكن من المؤكد أن كيانه كله دبت فيه الحيوية الشديدة فى تلك اللحظة، وهو يشعر أنه يصنع التاريخ على مشهد من أقدم الآثار المعروفة للإنسان». ينقل «الرافعى» عن «الجبرتى»: «استمر الحرب والقتال، ثم كانت الهزيمة لجيش مراد بك، فغرق الكثير من الخيالة فى البحر، والبعض وقع أسيرا، وفر مراد بك ومن معه إلى الجيزة، فصعد قصره وقضى أشغاله فى نحو ربع ساعة ثم ركب وذهب إلى الجهة القبلية، وبقيت القتلى والثياب والأمتعة والأسلحة والفرش ملقاة على الأرض ببر إنباية «إمبابة» تحت الأرجل.. وحين علم إبراهيم بك بهزيمة مراد بك، فر ومن معه من المماليك إلى بلبيس ومنها إلى سوريا حاملين المتاع والأموال والتحف، وبذلك ترك أمراء المماليك سكان القاهرة وجها لوجه أمام القوة الفرنسية». يذكر الرافعى: «بلغت خسائر مراد بك فى معركة الأهرام نحو ألفى قتيل من المماليك وعدة آلاف لا تحصى من المصريين، وفى مذكرات نابليون أن مجموع القتلى من جيش مراد بك ومصريين بلغ سبعة آلاف، وخسائر الفرنسيين ثلاثمائة».. يضيف الرافعى: «سار نابليون إلى الجيزة واتخذ قصر مراد بك معسكرا له، وفى المساء احتلت فرقة فرنسية جزيرة الروضة، وفى مساء اليوم التالى دخلت كتيبة فرنسية القاهرة لاحتلالها، وفى 23 يوليو 1798 دخلت بقية الفرق الفرنسية واحتلت القلعة وضواحيها، وأصبحت المدينة فى قبضة الجيش المحتل».



الاكثر مشاهده

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

;