انفراجة وشيكة يشهدها المجتمع الدولي، وسط توقعات بتراجع حدة الآثار الاقتصادية للحرب الأوكرانية التي تدخل شهرها السادس خلال أيام ، وذلك بعدما أعلنت شركة خط أنابيب الغاز الطبيعي نورد ستريم 1 ، استئناف ضخ امدادات الغاز الروسي إلى أوروبا ، وسط ترحيب أمريكي ، وتأكيدات وسائل إعلام غربية اعتزام الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات عن عدد من البنوك وشركات الأغذية الروسية ، ما يفتح طريق لعودة صادرات القمح من كلاً من روسيا وأوكرانيا إلى مختلف دول العالم.
وأعلن متحدث باسم شركة خط أنابيب الغاز الطبيعي "نورد ستريم 1" استئناف ضخ إمدادات الغاز الروسي عبر الخط الألماني الروسي الخميس، بعد أعمال الصيانة السنوية.
وكانت الإمدادات القادمة عبر الخط توقفت تماما خلال فترة الصيانة التي استمرت 10 أيام منذ يوم 11 يوليو الحالي، في ظل مخاوف من قرار روسي بوقف ضخ الغاز بعد انتهاء الصيانة، في الوقت الذي تواجه فيه أوروبا أزمة طاقة حادة بالفعل.
ويعدّ خط "نورد ستريم 1" المصدر الرئيسي للغاز الروسي إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، وقال المتحدث باسم شركة "نورد ستريم" إن معدلات الضخ في الخط ستحتاج إلى بعض الوقت حتى تصل إلى المستويات الطبيعية.
وبعد ساعات من القرار، انخفضت أسعار الغاز فى أوروبا، فى تعاملات الخميس، بنسبة 6.5% ، وبحلول الساعة 09:40 بتوقيت موسكو، تراجعت العقود الآجلة للغاز لشهر أغسطس المقبل فى مركز TTF في هولندا بنسبة 6.5%، إلى 1532 دولارا لكل ألف متر مكعب.
وأضاف أن الكميات التي يتمّ ضخها حاليا هي نفس الكميات التي كان يتم ضخها تقريبا قبل بدء أعمال الصيانة، وتبلغ 67 مليون متر مكعب يوميا، بما يعادل نحو 40% من الطاقة التشغيلية للخط ولكنّ من المحتمل أن تتغير هذه الكميات خلال أيام، حيث يحتاج الأمر لبعض الوقت
بدوره، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، أن الولايات المتحدة الأمريكية تعول على استئناف خط "نورد ستريم 1" للغاز الروسي إلى أوروبا عمله، بما قد يضمن أمن الطاقة في أوروبا على المدى القصير.
وقال برايس إن القرار سيساعد في تجديد احتياطيات أوروبا وسيكون عنصرا مهما في هذا الشأن، موضحاً أنه على المدى القصير وحتى تقلل أوروبا من اعتمادها على الطاقة الروسية، فإن استئناف ضخ الغاز سيسمح لألمانيا ودول أخرى في القارة بتجديد احتياطاتها، مما يزيد من أمن الطاقة واستدامتها.
في سياق متصل، يستعد الاتحاد الأوروبي بداية الأسبوع المقبل الإعلان عن تخفيف للعقوبات المفروضة على عدد من المؤسسات الروسية المرتبطة بالصناعة الغذائية، وكذلك رفع الحظر عن المواد الغذائية الروسية وخصوصا القمح، وذلك بحسب ما نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية الخميس.
وحسب مسودة القرار الأوروبي الذي وافق عليه سفراء الاتحاد في انتظار اعتماده رسميا يوم الاثنين القادم، سيكون هناك تغييرات في شبكة العقوبات الأوروبية، بشكل يبتعد عن المؤسسات التي لها علاقة بالغذاء حتى وإن كانت هذه المؤسسات على صلة وثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ودخلت روسيا المفاوضات مع الجانب الأوروبي بداية الأسبوع الجاري في موقف قوي ، حيث تسيطر موسكو علي الموانئ الاستراتيجية في أوكرانيا بعد قرابة 6 أشهر من الحرب ، بخلاف امتناع روسيا من تصدير انتاجها من القمح.
وبعد المفاوضات تم التوصل لاتفاق شبه نهائي تسمح بموجبه روسيا وأوكرانيا بالعبور الآمن لناقلات الحبوب عبر البحر الأسود من خلال آلية مراقبة تتوافق عليها كييف وموسكو وفي المقابل فإن الاتحاد الأوروبي تعهد بتخفيف نظام العقوبات المفروضة على روسيا وذلك لتسهيل تصدير المنتجات الفلاحية والغذائية الروسية.
واعترف مفوض الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل بأن القرار الجديد "لا يتعلق بالمعارك الدبلوماسية بل هو قرار لإنقاذ حياة عشرات الآلاف من الأشخاص المهددة حياتهم بسبب أزمة الحبوب".
ومن بين المؤسسات التي تستفيد من الإفراج عن أصولها لاستئناف عملها بالنظر لارتباط نشاطها بقطاع الفلاحة والصناعة الغذائية والأسمدة، هناك "بنك روسيا"، و"سوفكوم بنك"، و"نوفيكوم بنك"، و"في تي بي بنك" وهو ثاني أكبر مؤسسة بنكية في روسيا.
وتنص مسودة القرار على أن الاتحاد الأوروبي "يتعهد بتجنب كل الإجراءات التي من شأنها أن تهدد الأمن الغذائي في العالم"، مضيفة أن العقوبات الأوروبية على روسيا لا تستهدف أبدا "تجارة المواد الغذائية والفلاحية بين روسيا ودول العالم الثالث ولا تتوجه إلى الصادرات الروسية من القمح أو الأسمدة".
ويعمل الاتحاد الأوروبي جاهدا على دفع تهمة الإضرار بالتجارة الفلاحية بين روسيا والدول الفقيرة، مؤكدا أنه لم يفرض أي عقوبات على المؤسسات المنتجة للقمح والأسمدة، إلا أن ما ظهر خلال الأشهر الماضية أن إنتاج الأسمدة والمواد الفلاحية له ارتباط وثيق بالمؤسسات المالية الكبرى في البلاد والتي جرى تجميد أصولها من طرف الاتحاد الأوروبي، مما يعني أن هناك علاقة متشابكة بين القطاع المالي والقطاع الفلاحي.