أثبتت التفجيرات الإرهابية التى استهدفت دولنا العربية فى الآونة الأخيرة، مدى حاجة دولنا لوحدة وهدف مشترك، وقوة تحمى تماسك الأمة العربية التى تتعرض لمحاولات تفتيتها وإحداث القلاقل والأزمات داخل الدول العربية، وهو ما يؤكد صواب الرؤية المصرية التى طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسى لمجابهة مخاطر انتشار التنظيمات الإرهابية والفكر المتطرف ومنع تفكك دولنا من الصراعات الداخلية، بضرورة تشكيل قوة عربية مشتركة تحمى الأمن القومى العربى وتضرب بيد من حديد لكل من يحاول العبث بأمننا الداخلى، ويعد المشروع الذى نادى به الرئيس السيسى، محاولة لخلق آلية جديدة للعمل العربى المشترك لمواجهة الأخطار التى تواجه أمن الدول العربية فى السنوات الأخيرة.
وتستلزم العمليات الإرهابية التى ضربت المملكة العربية السعودية والبحرين والكويت ومحاولة العبث بأمننا الداخلى وتكثيف التنظيمات المتطرفة لعملياتها الإرهابية لدولنا العربية إعادة التفكير فى تفعيل اتفاقية الدفاع العربى المشترك وتشكيل قوة عربية مشتركة فى أسرع وقت ممكن، وتحديد مسار التصور الخاص بإنشاء القوة العربية وآليات عملها، فمشروع إنشاء قوة عسكرية مشتركة تحت مظلة الجامعة العربية يستلزم تعديل الميثاق التأسيسى للجامعة لتفعيل دور مجلس السلم والأمن العربى الذى أقره مجلس جامعة الدول العربية فى قمة السودان عام 2006.
وأصبحت حاجة الدول العربية "لقوة ردع عربية" ملحة للغاية فى الوقت الراهن لمواجهة أطماع بعض الدول الإقليمية وطمأنة الدول التى تخشى تشكيل القوى العربية لإنجاح المشروع العربى الذى يمكن أن يكون نواة لرؤية عربية موحدة فى كل المجالات، على أن يتم التأكيد على مراعاة مبدأ عدم تدخل الدول الأعضاء فى الشئون الداخلية للدول العربية.
وقدم الرئيس عبد الفتاح السيسى 27 يونيو 2015 مشروع البروتوكول الخاص بإنشاء القوة العربية المشتركة للأمن العام للجامعة العربية السابق الدكتور نبيل العربى تنفيذًا لقرار القمة العربية فى شرم الشيخ الخاص بإنشاء تلك القوة، وأشار الأمين العام السابق للجامعة العربية إلى أنه تم التوصل إلى مشروع البروتوكول المشار إليه نتيجة للمشاورات التى أجريت بين الدول العربية خلال اجتماعين عُقدا على مستوى رؤساء أركان القوات المسلحة برئاسة الفريق محمود حجازى، كما تم إدراج التعديلات التى اقترحتها الدول العربية على المشروع المقترح.
وتهدف القوة العربية المشتركة إلى التدخل العسكرى السريع لمواجهة التحديات التى تهدد أمن وسلامة أى من الدول العربية وسيادتها الوطنية، أو ما تكلف به من مهام أخرى لمجابهة أى تهديد مباشر للأمن القومى العربي، ولاسيما تهديدات التنظيمات الإرهابية وذلك بناء على طلب من الدولة المعنية، وتحتاج غالبية دولنا العربية لآلية وحائط صد يحميها من التدخلات الإقليمية فى شئونها الداخلية وحمايتها من التنظيمات الإرهابية المتطرفة.
وأوضح السفير علاء يوسف المتحدث باسم رئاسة الجمهورية أن الفريق محمود حجازى استعرض نتائج المناقشات التى دارت بين رؤساء أركان القوات المسلحة بالدول العربية بشأن كل جوانب إنشاء القوة واقتراح الإجراءات التنفيذية وآليات العمل وتشكيل القوة العربية المشتركة.
وأكد الرئيس السيسى حينها أن القوة العربية المشتركة تعد نتاجًا لجهدٍ عربى جماعى يستهدف مواجهة التحديات المشتركة، خاصة الناجمة عن التنظيمات الإرهابية، مشددًا على أن هذه القوة ليست موجهة ضد أى طرف وهى قوة للدفاع وليست للاعتداء، فضلاً عن دورها الإنسانى من خلال المشاركة فى عمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية وحماية المدنيين فى حالات الطوارئ الناجمة عن اندلاع النزاعات المسلحة ووقوع الكوارث الطبيعية، فهل تشهد الأيام المقبلة دفع الدول العربية نحو تشكيل القوة العربية المشتركة لحماية مصالحها المشتركة وتنسيق المواقف بين الدول العربية لمجابها الأخطار والتهديدات الإرهابية التى استباحت العديد من دولنا العربية، وتسعى لاستنزاف موارده الداخلية وثروات أبنائه لصالح كيانات ودول إقليمية بعينها.
وعانت العراق منذ الغزو الأمريكى لأراضيها لسلسلة تفجيرات حصدت أرواح الآلاف من العراقيين، واستهدفت التنظيمات المتطرفة المساجد وأماكن العبادات فى العديد من الدول العربية خاصة فى السعودية والكويت والبحرين واليمن وسوريا، إضافة للحرب التى تخوضها مصر ضد الإرهاب والفكر التكفيرى، وهو ما يؤكد ضرورة تضافر الجهود العربية والتنسيق المشتركة والعمل على خلق كيان عربى موحد يكون رادع لأى كيان متطرف يسعى للنيل من استقرار أمتنا العربية.